المتابع لما يجري في المشهد السياسي اليمني يصاب بالذهول إن لم يكن بالغثيان من هول ودناءة المواقف التي يعيشها أدعياء التغيير والمدافعون عن مطالب الشباب وأحلامهم - حد زعمهم - فيما أنفسهم وأفكارهم لم تزل حبيسة الموروث القبلي الإجرامي المستبد الذي ظل عقبة سوداء أمام تحقيق العدالة والنظام منذ قيام ثورة 26 سبتمبر.هؤلاء اليوم يتحولون بشكل غريب إلى مناصرين للعدالة وهم الذين لم يتوانوا لحظة في استلاب حقوق الناس وإهدار كرامة الغير ونسف كل القيم والأهداف التي ناضل من أجل تحقيقها الشعب اليمني برمته.. يا الله كم هؤلاء متاجرون بالأرواح والممتلكات الخاصة والعامة وهم اليوم يحاولون ارتداء عباءة الثوار المخلصين والسياسيين المحررين لمجتمعاتهم من الفساد وغياب العدالة وإلى غير ذلك من الشعارات التي يلوكونها صباح مساء، وفي قرارات أنفسهم كثير من التضليل والكراهية لكل تلك الشعارات التي يرفعونها وهي براء منهم ومن أفعالهم الانتهازية والتدميرية.الشباب الذين أرادوا إصلاح بعض الإختلالات في الجهاز الإداري للدولة والسياسي أيضاً كان لهم الحق وكان لأصواتهم المطالبة حتى تغيير النظام صداها في كل الأرجاء، وكان بالفعل مشروعهم الحضاري سيتحقق إن اعتمدوا على الطرق السلمية كمشروع عصري،جميعنا يحلم بتحقيقه، خاصة وأن اليمن قطعت أشواطاً طويلة في إحداث تغييرات جذرية نوعية لا يستطيع أحد أن ينكرها.وللتغيير أهدافه ومناهجه وأدواته وأساليبه التي لا يمكن تجاهلها والقفز من فوقها.. وبسبب تجاهلها نحن نعيش في متاهات الفوضى وأتون صراع تقليدي خلق شرخاً اجتماعياً خطيراً ليس من السهولة التئامه.نعم .. لقد تجاهلنا معطيات الواقع ومتطلبات المستقبل، وانعكاسا لذلك التجاهل كان أن وقعنا فريسة لمن لم ولن يستطيعوا إحداث أي تغيير يذكر لأن فاقد الشيء لا يعطيه.. وهؤلاء الذين سرقوا من الشباب قيادة التغيير هم في حقيقتهم - المعروفة للجميع وخاصة لشياطينهم - يعيشون منذ وقت مبكر حالة من العماء السياسي والاجتماعي والقبلي وأنواع الفوضى المدمرة لإنسانية الإنسان ومقومات الحياة.هؤلاء وللأسف الشديد استطاعوا استغلال الإيديولوجيات الدينية المتطرفة لبعض الشباب المنتمين إلى الإخوان المسلمين في اليمن ليحولوهم ومن معهم من المتحمسين للتغيير دون وعي أو إدراك إلى انتحاريين ضد الوطن وأمنه واستقراره وفي أية لحظة دون اعتبار أو معرفة مسبقة لماهية الأهداف التي يريدونها. والأغرب من ذلك أن كثيراً من الشباب المتواجد في الساحة يرفضون ويمقتون الدخلاء عليهم ولكنهم لم يستطيعوا تحرير أنفسهم لعلمهم اليقين أن أولئك الدخلاء ما هم إلاّ عصابات إجرامية ستذهب بهم إلى الموت ، وهو ما يجري بالفعل داخل تلك الساحات إضافة إلى معسكر الفرقة الأولى مدرع من أعمال ترهيب واعتقالات لمن يخالفهم من الشباب .. نعم معتقلات للتعذيب وهدر للكرامة وتغييب أية حقيقة أو صحوة ضمير وعقل من الشباب غير المنتمين للإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للإصلاح) .. هذه حقائق أكدها مجلس حقوق الإنسان وتضمنها قرار مجلس الأمن الدولي الأخير (2014 ) الذي فضح هؤلاء المشدودين إلى القتل وسفك الدماء ،الذين حولوا ساحات الاعتصام وساحات العاصمة وجامعتها ومدارسها إلى ثكنات ومخازن عسكرية ،وقناصة وصلت نيرانهم إلى صدور ورؤوس الأطفال والنساء في سابقة خطيرة لم يعرفها التاريخ الإنساني ولم تقترب منها أو تعرفها القيم الدينية والأخلاقية الإسلامية أو في أي ديانة سماوية أو وضعية كانت.فمتى يفيق هؤلاء الشباب المضللون من قبل فئة انقلابية متطرفة يرفضها العقل والمنطق وتشكو من أعمالها مخلوقات الأرض كلها.. متى ستفيقون أيها الشباب المغرر بهم ؟! .. هذا إن أردتم التغيير الايجابي!
أخبار متعلقة