غضون
* شاعت عبر وسائل الإعلام المختلفة الموالية والمعارضة في اليمن كلمات مثل قنص وقانص وقناصة وبرزنا في هذه الأزمة شعب قنيص (على وزن معيز وحمير)، وما نقص وفته وسائل المعارضة بشائعة (القناصون الصومال) والقنوات الفضائية الخارجية تكلمت عن قنص بالبوازيك والمدافع والاسلحة التي صنعت لاسقاط الطائرات من السماء، وبذلك اكتملت دائرة القنص وما بداخلها من قنص وقانص ومقنوص.قيل ان القناص هو عادة الشخص المدرب على القنص، وتكون له بندقية خاصة بالقنص مزودة بمنظار، وحرفته اصطياد الأهداف الصغيرة من مسافة بعيدة وهذه الأهداف هي الأعداء.. يعني أثناء الحرب ..ويجيد التخفي، ويقنص من مكان مناسب أو كما يقولون: موقع استراتيجي.* الحالة اليمنية تجاوزت ذلك. وصدق من قال إن اليمنيين شعب قنيص من المهد إلى اللحد. الطفل الصغير يقابل في الميادين العامة والحدائق اشخاصاً يوفرون لوازم القنص له مقابل ثمن زهيد حيث يجعلون الصغار يتبارون في قنص حبة نعناع أبيض صغيرة من مكان بعيد، وبفضل توافر الاسلحة صار القنص هواية يومية في أي مكان وبسبب هذه الهواية هربت الرباح وتكاد معظم فصائل الطيور والحيوانات تنقرض، حتى من الأماكن التي تعتبرها الحكومة محميات طبيعية. المدن ومنها عاصمة البلاد لم تعد محميات ولا حماية فيها لأحد لأن القناصين كثروا.الحكومة تتكلم عن برامج التعليم المستمر، والتعليم عن بعد، والبرامج الناجحة التي تنفذ هي القنص المستمر والقنص عن قرب وعن بعد أيضا. العروس يساق ثاني يوم عرسه إلى مكان الرماية لكي يضرب النصع، وقد يصيب (النصع) البعيد في الجبل قبل ان يقنص ذلك الشيء في غرفة النوم قنصاً حكيماً.*وتعد اليمن أثرى دولة في نوعية اخرى رفيعة المستوى في القنص، ولذلك هي افقر دول العالم، من هذه النوعية قناصو الفرص وقناصو المال العام وقناصو الثورات وقناصو الوحدة وقناصو الوظائف العامة .. وقنص وقنص آخر، واقنص لي اقنص لك .. صيد لي أصيد لك، وبعبارة المصريين (شيلني اشيلك).*نحن الآن في ثورة قنيص (على وزن حمير ومعيز كما قال أهل اللغة). وفي ظل هذه المهزلة المأساوية تتحدث المعارضة عن أكثر من (800) يمني مقنوص، وتتحدث الحكومة عن (1500) مقنوص برصاص المعارضة بين جندي وضابط ومدني مناصر للحزب الحاكم .. ولاحظوا المأساة الكبرى وهي أن كل طرف من الطرفين يحصي اصحابه فقط ويعتبرهم شهداء، ويتجاهل الطرف الآخر.. بينما كل الضحايا من الطرفين يمنيون. وما مثلهم إلا نقابة الصحفيين التي تصيح عندما يؤذى المعارضون وتسكت عند ايذاء الموالين.* والمشكلة الأعمق تكمن في ان المعارضين الذين قتلوا أكبر عدد من الجنود والمواطنين والضباط، يعتبرون قنصهم جهاداً والمقتولين مجرد بلاطجة وبقايا النظام .. وهذا مدعاة لرواج القنص والقنص الآخر .. نقابة الصحفيين تسكت عن اختطاف إعلاميي الفضائية اليمنية وتصيح لأن معارضاً ضبط بجرم.*ولو افترضنا صحة الأرقام السابقة فمعنى هذا أن اكثر من ألفين ومئتين يمني قد قتلوا أثناء الصراع الجاري منذ ثمانية أشهر بين السلطة والمعارضة .. والرقم كبير جداً، ولاتستحق هذه المهزلة القائمة أن يموت من أجلها انسان واحد .. هي مهزلة .. لعبة وشغل قناصي فرص وقناصي ثورات، ولايفلح القناص حيث أتى.