لا شك في أن الفائدة الوحيدة التي سنخرج بها من الأزمة السياسية المريرة ستذهب إلى تخليد أمكنة بعينها فيما سيخرج السياسيون والمثقفون خالي الوفاض كما ستخرج بعض الساحات في بقية المدن اليمنية دون تخليد إلاُّ “ بعض “ منها !!!المواطنون في صنعاء تتقاطع خطواتهم في اتجاهين لأداء صلاة الجمعة في كل أسبوع بين ميدان “السبعين” وميدان “الستين” وعلى ذلك التقاطع يحدث التنافر في المواقف بل ويزداد التشدد والتعصب بين مكونات المجتمع، حتى على مستوى الأسرة الواحدة فنجد الأب يتشدد في شرعية الصلاة في ميدان “السبعين” فيما الأبناء يجدون في صلاة “الستين” الصلاة الواجبة والكاملة، وعلى هذا الاختلاف تبرز المشكلات وتبدأ الصراعات ، فيما بيوت الله تصبح في حالة إجازة من المصلين ما عدا أولئك الذين اختاروا أن يكون الصمت والدهشة مما يجري عنواناً لهم ، ولا ندري من هم الصامتون ،ومتى يكون الصمت من ذهب؟!أما ساكنو الوسط ما بين “ السبعين “ و “الستين” فلا مشكلة لديهم غير أنهم يظلون في حالة انتظار وترقب لأصوات القذائف والرشاشات ولعلعة الرصاص من مناصري “الستين” و “السبعين” وقد تذهب حياتهم وأطفالهم إن رغبوا في اختيار الأمكنة الوسطية أو في تلك المواقع والشوارع التي تقل أرقامها عن “الستين “ أو” السبعين “ اللهم لا تجعلنا من أولئك رغم أننا أمة وسط؟! المحزن أن النتائج التي أفرزتها الصراعات السياسية الهمجية والمستمرة منذ ما يزيد على تسعة أشهر لم يعد من السهولة بمكان حلها خاصة إذا ما عرفنا أن أطراف هذه الأزمة تحولت قلوبهم - إن كان لديهم قلوب - إلى أحجار صلدة قاسية وإن من الحجارة لما يتفجر منها الماء بإذن الله تعالى، ولكن لا يبدو على أن هؤلاء سيتفجر من قلوبهم شيء إلاّ بإذنه تعالى وهو القادر على كل شيء .مساكين أولئك الذين يقطنون في أماكن تقل أرقامها عن نصف “ الستين “ وربع “السبعين” مثل “ العشرين” و “الستة عشر” و ... و... هؤلاء تحملوا مصائب الدنيا والآخرة واكتووا دون غيرهم بنار صراع الفريقين ،فهم الوحيدون الذين شردوا من منازلهم وقصفت بيوتهم ومحلاتهم وعاشوا وأطفالهم الرعب والخوف والفجيعة من هول ما يدور في تلك الأماكن والأحياء في عمق الأمانة ومنهم من راح ضحية هذا القصف العشوائي أو فقد عزيزاً برصاصة لا يعرف مصدرها ويكون التعليق الأخير سقط سهواً ،وكثيرة هي المآسي نعم .. هؤلاء هم الوجبات الطازجة واليومية لفريقي الستين والسبعين.السؤال الذي يطرحه المواطنون سواءً الذين هم في السبعين أو في الستين أو في الثمانين أو التسعين-وجميعهم حسب ما نظن يمنيون - إلى متى سيظل حال وطنهم بين فكي كماشة دون مخرج يجنب البلد مآسي وويلات الحروب والاقتتال دون قضية تستحق ذلك سوى حب ورغبة الفرقاء السياسيين اللعب في مساحات واسعة وعلى حساب الأبرياء والله المستعان.
أخبار متعلقة