في الدورة الـ (18) لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
جنيف/ 14 أكتوبر: عقدت المفوضية السامية لمجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة دورتها الثامنة عشرة في جنيف خلال الفترة 13 - 16 سبتمبر الماضي، حيث وقفت أمام عدد من التقارير المقدمة من المفوض السامي للأمين العام للأمم المتحدة من بينها تقرير مقدم عن نتائج زيارة وفد المفوضية إلى اليمن، والتي استمرت تسعة أيام قضاها الوفد في اجتماعات ومشاورات مستفيضة مع ممثلين من الحكومة والمجتمع المدني في عدن وصنعاء وتعز بحسب ما جاء في مقدمة التقرير.وفي بدء الاجتماع المكرس لحالة حقوق الإنسان في اليمن تحدث رئيس المفوضية وتقدم بالشكر للحكومة اليمنية التي وافقت على زيارة بعثة أممية إلى اليمن، وقدمت لها كل أشكال الدعم والمساعدة لنجاح مهمتها، ثم دعا الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية إلى المنصة لإلقاء كلمة الحكومة اليمنية بحسب الاعراف الدولية التي تلتزم بها الامم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها .وبدوره تحدث الدكتور أبوبكر القربي عن الأوضاع الراهنة في اليمن.. مشيرا إلى ان النظام السياسي في بلادنا ديمقراطي تعددي ، ويقوم على تداول السلطة من خلال انتخابات تنافسية بين أحزاب وبرامج سياسية مختلفة يختار فيها الناخبون والناخبات ممثليهم في مختلف هيئات السلطة بواسطة صناديق الاقتراع بدءا من رئاسة الجمهورية ومرورا بالسلطة التشريعية وانتهاء بالسلطة المحلية.كما تحدث القربي عن الحريات التي يكفلها الدستور للمواطنين والمواطنات من خلال الأحزاب أو المنظمات غير الحكومية أو الأفراد بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي والفكر وحرية الاحتجاج بالوسائل السلمية والقانونية.وسلط القربي الضوء على الأوضاع الراهنة في اليمن منذ بدء الأزمة السياسية في فبراير 2011م حتى الآن، منوهـا بالمبادرات التي أعلنها رئيس الجمهورية لإجراء مزيد من الإصلاحات السياسية وفي مقدمتها «تغيير النظام الرئاسي إلى نظام برلماني وتغيير شكل الدولة الموحدة من دولة مركزية مطلقة إلى دولة اتحادية فيدرالية تتكون من عدة أقاليم تحظى بالحكم المحلي كامل الصلاحيات، بما في ذلك إعلان رئيس الجمهورية عزمه على عدم الترشح للانتخابات القادمة، وعدم ترشيح أي من أبنائه.وكان تقرير وفد المفوضية السامية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف قد احتل البند (2) من جدول أعمال الدورة الثامنة عشرة خلال الفترة 13 - 16 سبتمبر الماضي ، حيث تمت قراءته وتوزيعه قبل إلقاء الدكتور القربي كلمته أمام ممثلي الدول الأعضاء في المجلس وممثلي المنظمات الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان بما فيها منظمات حقوقية يمنية موالية ومستقلة ومعارضة.حيث أطلع الحاضرون على ملفات مختلفة تضم صورا وأقراصا مدمجة وشهادات متلفزة لضحايا الأحداث الأخيرة في اليمن من مختلف الأطراف، بيد أن انتهاكات المعارضة المسلحة لحقوق الإنسان والتي قامت بتوثيقها وعرضها منظمات حقوقية موالية للنظام كانت أكثر حصرا ودقة وتنظيمـا لجهة مراعاة المعايير الدولية، الأمر الذي كان له تأثير على التوصيات التي أقرها المجلس.في هذا السياق أوضح التقرير المقدم عن بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنـها اجتمعت خلال الفترة 28 يونيو - 6 يوليو 2011م وبالتنسيق الوثيق مع منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن مع كبار المسؤولين وفي مقدمتهم نائب الرئيس الذي تولى منصب رئيس الدولة مؤقتـا في غياب الرئيس، والمستشار الخاص لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير العدل ووزير الشؤون القانونية ونائب وزير الصحة والوزير المكلف بشؤون المشردين (النازحين) ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة العليا والنائب العام ومسؤولين آخرين، كما اجتمعت البعثة أيضـا مع قادة الأحزاب السياسية وأعضاء البرلمان وممثلين عن المنظمات غير الحكومية والصحفيين والمحامين والأطباء المدافعين عن حقوق الإنسان، والضحايا أو أقارب الضحايا، وأعربت البعثة عن تقديرها للدعم الذي لقيته من الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني.كما أوضح التقرير أن البعثة الأممية زارت ثلاث مدن هي صنعاء وعدن وتعز، ونزلت إلى مواقع وأماكن المظاهرات والمستشفيات وأماكن الاحتجاز، واستعرضت أكثر من (6000) صفحة و(160) قرصـا مدمجـا، و(6000) صورة فوتوغرافية و(1800) مقطع فيديو.وتحدث التقرير عن عدد من الانتهاكات والجرائم التي تتنافى مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية، وأتهم كلاً من الحكومة والمعارضة المسلحة بارتكاب انتهاكات متنوعة وجرائم تتقسم إلى نوعين، إحداها فظيعة والثانية ذات فظاعة أشد بحسب التقرير.ورصد التقرير جريمتين ذات فظاعة أشد حدثتا خلال الفترة من فبراير 2011م حتى تاريخ وصول البعثة، حيث حدثت الجريمة الأولى في 18 مارس 2011م لم تكن الدولة طرفـا فيها ، لكن «مصادر مختلفة أكدت للبعثة أنـها شاهدت مسلحين مدنيين يطلقون النار على المتظاهرين من أعلى المباني المحيطة بساحة (التغيير) في صنعاء ما أدى إلى مقتل (53) شخصـا ومئات الجرحى، وانشقاق قائد الفرقة الأولى مدرع عن الجيش الذي أعلن أنـه سيوفر حماية دائمة للمتظاهرين، فيما أمر الرئيس صالح بإجراء تحقيق في تلك الأحداث وتوفير العلاج الطبي مجانـا لجميع الضحايا وإجلاء بعضهم إلى الخارج».أما الجريمة الثانية ذات الفظاعة الأشد فهي الاعتداء المسلح الذي تعرض له مئات المصلين أثناء أدائهم صلاة الجمعة يوم 3 يونيو 2011م في مسجد النهدين بحضور رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة ، وأدت إلى وفاة عدد كبير من المصلين وعلى رأسهم عبدالعزيز عبدالعني رئيس مجلس الشورى ، وجرح العديد من المصلين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، حيث تم إجلاء الجرحى إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج.كما تحدث التقرير عن بعض الأحداث التي قال إنـها تندرج ضمن الجرائم المعادية للإنسانية مثل تخريب أنابيب النفط والطاقة والوقود، ما تسبب في معاناة شديدة لملايين المواطنين ونقص المياه وغاز الطهي، فيما خسر الكثير من اليمنيين وظائفهم ومداخيلهم في حين ترتفع أسعار المواد الغذائية وتكاليف المعيشة بصورة متزايدة.كما تضررت المساكن والمباني العامة بشكل كبير، وهو ما أجبر آلاف السكان على الهرب. ومن ثم انتشر العنف ليتجاوز مدينة صنعاء ووسع الحوثيون من سيطرتهم على المناطق الشمالية، كما قامت العديد من الجماعات الإسلامية المسلحة بالسيطرة على عدة مدن في محافظة أبين الجنوبية.وذكر التقرير أن التوترات موجودة في اليمن، ليس فقط بين الحكومة والعديد من القبائل، ولكن أيضـا بين القبائل المختلفة، حتى داخل قبيلة حاشد التي ينتتمي إليها الرئيس وكبارقادة المعارضة على حد سواء، حيث أرسلت هذه القبيلة أعدادا كبيرة من مقاتليها إلى صنعاء للقتال إلى جانب الطرفين كل منها ضد الآخر.كما تشمل التوترات جماعات دينية مثل الحوثيين والسلفيين وتنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية وأنصار الشريعة، وحصلت البعثة على معلومات تفيد بأن بعض القبائل تقاتل إلى جانب الجيش ضد الجماعات الإسلامية فيما حاربت قبائل أخرى ضد الحوثيين إلى جانب اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع، قبل انشقاقه من الجيش وانضمامه إلى المعارضة المسلحة التي يشارك فيها أيضـا الحوثيون.أوضح التقرير أن استخدامـا مفرطـا للقوة حدث في مدينة عدن لقمع مسيرات سلمية في شهر فبراير بالمنصورة.. مشيرا إلى أن قوات الأمن تخشى من استخدام المعارضين المسلحين للمباني بهدف استهداف رجال الأمن ، (( وكان شائعا في كثير من الأحيان أن إطلاق النار يتم من بين المتظاهرين ضد قوات الأمن على ما يبدو)) بحسب التقرير الذي أضاف (( أن البعثة أطلعت على أوامر من الرئيس صالح لممارسة ضبط النفس وعدم استخدام الأسلحة النارية إلا بوصفها الملاذ الأخير)) .وتحدث التقرير عن أن البعثة تلقت روايات غير موثقة بالأدلة عن اغتيال الدكتور (جياب) (GYAB) السعدي وهو ابن قيادي بارز في المعارضة الجنوبية التي تسمى (HERAK) بينما كان يحاول إبعاد جنود الأمن من موكب المشاركين في تشييع جثمان السيد أحمد الدرويش الذي لقي مصرعه في العام الماضي 2010م عندما كان محتجزا في سجن البحث الجنائي، حيث يتهم أهله وأقاربه أجهزة الأمن بتعذيبه حتى الموت واطلاق سراح الضابط المتهم بتعذيبه وينظر القضاء اليمني حاليـا في قضيته.وأشار التقرير إلى أن المواطنين يشكون في عدن من تقييد حرية الحركة بشكل ملحوظ من قبل المتظاهرين فيما يشكو المواطنون في صنعاء وتعز من أن قوات الأمن الحكومية والقوات المساندة للمتظاهرين تقوم أحيانـا بقطع بعض الطرقات، ما يعرقل حق المواطنين في التنقل أو الوصول إلى مناطق معينة.. كما شهدت البعثة طوابير طويلة عند محطات الوقود وانخفاض حركة المرور بسبب نقص الوقود، وكل هذه الظواهر أثرت بشدة على نقل البضائع ونقص غاز الطهي واختفاء أو صعوبة الحصول على المستلزمات الأساسية الأخرى، بالإضافة إلى الانقطاعات المستمرة في الطاقة الكهربائية.وأضاف التقرير أن البعثة سألت العديد من المسؤولين عن حالة السيد حسن باعوم (Baoom) وهو شخصية قيادية بارزة في التيار الجنوبي (Herak) الذي تم اختطافه من مستشفى النقيب يوم 20 فبراير وابنه أحمد الذي تم اعتقاله أثناء قيامه بالسؤال والبحث عن والده.. وتلقت البعثة تأكيدات بأن كليهما على قيد الحياة وأن السيد حسن باعوم (Baoom) يتلقى الرعاية الطبية الكلية، لكن البعثة لاحظت بقلق كبير أن أيـا من العائلة أو المحامين لم يكن قادرا على رؤية أي فرد منهما لعدة شهور.وأشار التقرير إلى أن البعثة تلقت إدعاءات من أشخاص مدنيين لا علاقة لهم بالحكومة حول قيام بعض الشباب المعارضين باعتقالهم في سجن خاص أقامه المحتجون بالمنصورة في عدن بصورة غير قانونية، حيث استخدموا ضدهم أبشع صور التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، بمن فيهم ثلاثة أشخاص في عدن، تعرضوا لإحراق سياراتهم التي كانت تنقل محروقات، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب بالبنادق والكي وإطفاء السجائر في أجسادهم والتظاهر بمحاولات شنقهم من السقف.وأضاف التقرير بأن البعثة لم تتلق أي معلومات حول تحقيقات قضائية ومحاكمات لمرتكبي هذه الانتهاكات.كما اطلعت اللجنة على أعمال تعذيب وحشية ارتكبت أيضـا من قبل أنصار المعارضة في سجون غير قانونية أقيمت في ساحة المحتجين ومقر الفرقة التي انشقت عن الجيش واعلنت دعمها للمحتجين في صنعاء على وجه الخصوص ، حيث اجتمعت البعثة مع شاعر شاب تعرض للاعتقال في شهر مايو 2011 في سجن خاص يتبع المعارضة تعرض فيه للتعذيب وقطع لسانه؛ لأنـه ألقى قصيدة يثني فيها على الرئيس صالح، وبالمثل فإن بعض رجال الدين الذين يؤيدون الرئيس صالح تعرضوا لمضايقات واعتداءات جسدية، كما لحقت بممتلكاتهم ومساكنهم أضرار من قبل المعارضة.وهناك عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين الذين يعملون في وسائل إعلامية تملكها الدولة شكوا للبعثة بأن المعارضة تهددهم وأصدرت بيانات تهددهم فيها بضرورة التوقف عن العمل أو المحاسبة، وبالمقابل شكا بعض الصحفيين من أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة أوقفت مرتباتهم وفصلتهم من أعمالهم بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات، كما تعرض مقر وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» الرسمية لاعتداء واسع من قبل معارضي النظام، كما تعرض مقر قناة سهيل المملوك للمعارضة لاعتداء أيضـا، بالإضافة إلى قطع العديد من الخدمات عن شركة (سبأ فون) SABA FON التي يملكها قائد المعارضة. وتأكد للبعثة أنـه تم إغلاق مكتب قناة ( الجزيرة ) في اليمن، وتم سحب تراخيص مراسليها بأوامر من وزارة الاعلام.وتحدث التقرير عن بعض مظاهر الوضع الإنساني التي تثير القلق، حيث تتزايد أعداد ضحايا التوتر الداخلي.. مشيرا إلى أنـه وفقـا للتقديرات يوجد أربعمائة ألف نازح في اليمن، وأكثر من نصف هذا العدد هم من ضحايا حرب صعدة مع «الحوثيين» الذين يشاركون اليوم في المعارضة المسلحة الى جانب قائد الفرقة التي كانت تقاتلهم، ومن بين هؤلاء أيضـا أكثر من مائة ألف شخص من النساء والأطفال نزحوا إلى عدن من أبين بعد سيطرة جماعات إسلامية مسلحة على مدينتي زنجبار وجعار، كما نزح حوالي (9500) شخص في أرحب إلى مناطق جبلية بعيدة وأكثر من (عشرة آلاف) شخص نزحوا من منطقة الحصبة إلى مناطق أخرى بعد اشتداد المعارك بين المعارضة المسلحة وقوات موالية للدولة.[c1]ولخص التقرير عددا من القضايا المحورية التي ترتبط بالازمة السياسية في اليمن وأبرزها:[/c]1 . الرئيس صالح وافق قبل حادثة الثالث من يونيو على توقيع المبادرة الخليجية لنقل السلطة سلميا ودستوريا ؛ إلا أنـه ومنذ مغادرته إلى المملكة العربية السعودية للعلاج الطبي أصبح نائب الرئيس يمارس الصلاحيات الرئاسية.2 . في العاصمة صنعاء يبدو أن المعارضين المسلحين هم من يسيطرون فعليـا على مديريات بكاملها. بالرغم من الجهود التي يبذلها نائب الرئيس والآخرون من أجل استعادة الهدوء وبناء الجسور مع جميع الأطراف والحيلولة دون اندلاع حرب أهلية.3 . تقوم الشرطة النظامية بحماية المباني العامة، ولذلك فقط انخرطت في مواجهات مع المتظاهرين في بعض الحالات عند محاولتهم اقتحامها.4 . منذ بدء الاضطرابات والأزمة السياسية الحالية هناك مجموعة كبيرة من انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء البلد وترتبط الكثير من هذه الانتهاكات بمصادمات ينخرط فيها مزيج من المتظاهرين ورجال القبائل المسلحين والإسلاميين المسلحين والقوات العسكرية المنشقة عن الحكومة.5 . رجال الشرطة وقفوا بحياد في الكثير من الحالات أثناء مهاجمة أو إطلاق النار من المسلحين المندسين بين المتظاهرين العزل. و عندما بدأ المتظاهرون المعارضون للحكومة بالسير من مواقع الاعتصامات من أجل احتلال المباني الحكومية أدى ذلك إلى زيادة التوتر بشكل كبير وتخريب المباني العامة وحدوث مواجهات عنيفة بين رجال الامن والمتظاهرين الذين ارادوا السيطرة على المؤسسات السيادية.6 . تلقت البعثة ادعاءات بإطلاق النار على سيارة اللواء المنشق علي محسن الأحمر ،إلا أنها لم تحصل على أية أدلة تدعمها.7 . البعثة تحققت من أن قوات الأمن لديها أوامر من الرئيس صالح بضبط النفس واستخدام الأسلحة النارية فقط كملجأ أخير. وقد استخدمت قوات الأمن مدافع المياه والغاز المسيل للدموع من أجل تفريق التجمعات غير القانونية والعنيفة وانتهى الحال بمقتل وإصابة العديد من أفراد قوات الأمن والمدنيين المتظاهرين من قبل أنصار أحزاب المعارضة الذين تتهمهم الحكومة بتدمير وتخريب ونهب واقتحام الممتلكات العامة والخاصة.8 . إن الغازات المستخدمة من قبل قوات الأمن الحكومية كانت غير ضارة.9 . علمت البعثة بوجود مرافق احتجاز خاصة تحت سيطرة بعض المعارضين المسلحين؛ إلا أنـها لم تتمكن من التأكد من عدد المحتجزين في تلك المراكز.10 . تم تقييد حرية الحركة بشكل كبير أثناء الاضطرابات الأخيرة، حيث تم إغلاق الطرق من قبل المتظاهرين ما يجعل من الصعب على المواطنين التحرك أو الوصول إلى مناطق معينة، كما أدت المظاهرات المتكررة إلى أن أصبح القيام بالأعمال اليومية للعديد من الناس أمرا غير آمن وأصبح من الصعب بالأخص للفتيات الذهاب إلى المدارس.11 . فاقمت انقطاعات الكهرباء بسبب أعمال التخريب إلى زيادة معاناة السكان، كما اضطرت الشركات إلى الإغلاق أو تسريح آلاف العمال، كما أخبرت البعثة أن عربات جمع القمامة في تعز قد تمت سرقتها ما نتج عنه انتشار الأوضاع غير الصحية في مختلف أنحاء المدينة.12 . في الريف المجاور لتعز قام أشخاص مسلحون بنهب معدات الزراعة وأن المزارعين يعانون من نقص الوقود الذي يعيقهم من ضخ المياه أو نقل المحصول إلى الأسواق.13 . تقول الحكومة إن انقطاعات الاتصالات والكهرباء والوقود وقطع الحركة يتم بإيعاز من قبل المعارضة بهدف الإضرار بسمعة النظام.14 . قامت وزارة الصحة بجميع الجهود الممكنة من أجل حماية الحق في الحصول على الرعاية الصحية للجميع، وتوزيع الأدوية حتى في المناطق التي تخرج عن سيطرة الحكومة في مناطق الاحتجاجات والاعتصامات.15 . اضطرت العديد من المدارس في المدن الرئيسية في اليمن إلى الإغلاق لفترات طويلة، إما بسبب إضراب المدرسين أو الطلاب أو بسبب قيام الطلاب بتخريب المدارس ومحاولة إجبار الطلاب الآخرين على الانضمام إلى المظاهرات. ثم بشكل خاص الهجوم على مباني وزارة التربية والتعليم في أبين وتعز وعدن وتمت مضايقة وتهديد الموظفين.16 . شاركت المرأة بشكل نشط في المظاهرات المناصرة للحكومة وأن بعض النساء قد تعرضن لمضايقات شفهية والضرب في الأماكن العامة أو أماكن الاعتصام بسبب مشاركتهن في المظاهرات المناصرة.17 . إن بعض الأطفال قد انخرطوا بشكل مباشر في العنف وشوهدوا يعملون على تفتيش المعتصمين في ما يسمى بمربع التغيير بساحة جامعة صنعاء.18 . تم تهديد أفراد من مجتمع المهمشين في تعز بسبب دعمهم لحكومة ومرشحي الحزب الحاكم في الانتخابات الماضية باليمن.19 . سعى بعض معارضي الحكومة أو المنشقين عنها إلى تقديم أنفسهم كحماة للمدنيين واستغلال المتظاهرين الشباب والسكان المدنيين في صراعها على السلطة الذي يتزايد منحنى العنف فيه.20 . تعتبر قضية إرساء المساءلة وإنهاء الفساد هي التحديات الرئيسية التي تواجه اليمن وإعادة إرساء سيادة القانون في البلد.21 . يتطلب تنفيذ توصيات البعثة دعم اليمن وأن تكون المساعدات متوافقة مع جهود اليمن لبناء دولة مدنية شاملة مسئولة ديمقراطية وعادلة.وخلص التقرير إلى بعض الاستنتاجات اللازمة لضمان حقوق الإنسان في اليمن وأهمها:إغلاق السجون الخاصة في ساحات المحتجين التي تقع تحت سيطرة المعارضة، وإطلاق سراح المعتقلين والتحقيق في الانتهاكات وأعمال التعذيب البشعة التي تعرض لها بعض المعتقلين وأطلعت عليها بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان أثناء زيارتها لكل من صنعاء وعدن وتعز.الوقف الفوري لمشاركة المسلحين وأي وحدات مسلحة للمسيرات السلمية.منع استخدام الأطفال في المظاهرات والاحتجاجات من قبل جميع الأطراف.الامتناع عن إطلاق النيران على منشآت ووسائل إنتاج ونقل الطاقة والكهرباء والوقود، ووقف استخدام القوة والسلاح لمنع ناقلات النفط والغاز والمحروقات من تزويد المواطنين في مختلف المحافظات والمدن باحتياجاتهم من المشتقات النفطية.إخلاء الساحات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.وقف استخدام العنف والقسوة والتهديد ضد الشباب والطلاب والنساء والشعراء والفنانين ورجال الدين والإعلاميين بسبب آرائهم ومواقفهم من مختلف الأطراف المتصارعة.دعم القضاء اليمني للقيام بواجبه في إجراء تحقيقات حول الجرائم والانتهاكات، بما فيها الجرائم ذات الفظاعة الأشد مثل حوادث إطلاق النار على المتظاهرين السلميين وحادثة الاعتداء على المصلين في مسجد دار الرئاسة، وإعلان نتائج هذه التحقيقات ومحاسبة مرتكبيها.واللافت ان التقرير خص المعارضة المسلحة ببعض التوصيات وهي:1 . إزالة جميع الأسلحة التي تتراوح ما بين الأسلحة النارية الصغيرة إلى قاذفات القنابل من الأماكن العامة للمظاهرات السلمية مثل ساحات الاعتصام والمسيرات وضمان أن لا يقوم أي من مناصريهم أو الذين لا يقعون تحت إمرتهم بإطلاق النار من بين المظاهرات السلمية، بما يعرض المتظاهرين لخطر إطلاق النار المرتد.2 . ضمان عدم مشاركة الأطفال تحت سن 18 عامـا من بين مناصريهم أو من يقعون تحت إمرتهم في نقاط التفتيش أو في حماية المتظاهرين.3 . التوقف عن كافة أعمال العنف والتحرشات والتهديدات وجميع محاولات تهديد المتظاهرين الذين يعبرون عن وجهات نظر مغايرة.4 . إطلاق جميع المدنيين المحتجزين في مراكز الاعتقال التي تقع تحت سيطرة المعارضة.5 . الاعتراف بأن انقطاعات الوقود والمياه والكهرباء قد أدت إلى مشقة كبيرة بما في ذلك الوفاة في بعض الحالات للمدنيين الأبرياء والامتناع عن مهاجمة أهداف تقدم تلك الخدمات الأساسية للسكان من المدنيين.6 . التعاون مع التحقيقات المتعلقة بأية انتهاكات ارتكبت من قبل أشخاص مسلحين تحت إمرة المعارضة وتطبيق إجراءات تأديبية إدارية شفافة تتوافق مع معايير حقوق الإنسان الدولية لضمان مساءلة أولئك الذين تحت إمرتكم.[c1]مناقشات وقرارات[/c]وقبل عرض هذا التقرير للنقاش المستفيض تقدمت البعثة بثلاث توصيات أساسية على النحو التالي :1 . دعوة جميع الأطراف إلى إدانة العنف ونبذ استخدام السلاح واللجوء إلى الحوار، بهدف الخروج بحلول سلمية ترضي جميع الأطراف.2 . فتح تحقيقات دولية في الجرائم ذات الفظاعة الأشد والأكبر، وتكليف القضاء اليمني بإجراء تحقيقات ومحاكمات.3 . دعم الخطة الإنمائية الإنسانية التي وضعتها الحكومة وقبل إخضاع التقرير للنقاش والتوصيات الأساسية للتصويت طلب الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية الكلمة، حيث رحب بكل ما جاء في التقرير وأعلن التزام الحكومة بتنفيذ كافة التوصيات الأساسية والثانوية الواردة فيه، كما طلب تعديل التوصية الثانية التي تطالب بإجراء تحقيقات دولية في بعض الجرائم، خاصة وأن إحداها وهي حادثة مسجد النهدين تتم من قبل القضاء اليمني بالتعاون مع بعض الأطراف الدولية، كما أن الجريمة الثانية وهي جريمة إطلاق النار على المتظاهرين في 18 مارس 2011م يجري التحقيق فيها حاليـا من قبل القضاء اليمني، وأبدى القربي استعداد الحكومة للاستعانة بخبرات دولية في هذه التحقيقات أيضـا.وفور الانتهاء من ملاحظات القربي تقدم رئيس البعثة السامية لحقوق الإنسان وأعلن أمام المجلس قبول البعثة لمقترح وزير الخارجية، وقام بقراءة تعديل على التوصية الثانية قضى بإحالة كافة الجرائم التي تضمنها التقرير إلى القضاء اليمني وتقديم المساعدة له بما يكفل إجراء تحقيقات ومحاكمات نزيهة تلتزم بالمعايير الدولية.وبعد قبول رئيس الجلسة إدخال هذا التعديل على التقرير تم فتح باب النقاش، حيث تقدم وفد المنظمات اليمنية غير الحكومية المؤيد للمعارضة بطلب التمسك بالصيغة السابقة للتقرير وإحالة كافة الجرائم للتحقيق الدولي من قبل محكمة الجنايات الدولية على غرار ما حدث في التقرير الذي قدمته بعثة مماثلة قبل عدة شهور حول جرائم معادية للإنسانية ارتكبها نظام العقيد معمر القذافي، وتم إحالتها من قبل مجلس حقوق الإنسان إلى المحكمة الدولية.وبهذا الصدد تحدث مندوب المجلس الانتقالي في المجلس بصفته ممثلا شرعيـا للشعب الليبي.. مشيرا على أن الأمانة تقتضي عدم تشبيه الوضع في اليمن بالوضع في ليبيا أثناء حكم معمر القذافي، لأن اليمن رحبت بزيارة وفد المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وقدمت له كافة التسهيلات، فيما رفض القذافي زيارة الوفد وأعلن أنـه لا يعترف أساسـا بالأمم المتحدة بعد أن مزق ميثاقها أمام رؤساء الدول الذين شاركوا في دورة الجمعية العمومية عام 2010م.وأضاف ممثل المجلس الانتقالي أن ليبيا كانت تفتقر إلى أبسط حقوق الإنسان حيث لا أحزاب ولا منظمات مدنية ولا انتخابات ولا صحافة حرة ولا حريات للتعبير في ظل نظام سياسي شاذ لا يوجد له مثيل في التاريخ أو العالم المعاصر، بينما توجد في اليمن دولة ديمقراطية وأحزاب ومنظمات وانتخابات وحريات، وأبرز دليل على ذلك ما يجري في اليمن.. مشيرا إلى أنـه تحدث قبل عدة شهور أمام المجلس عندما كان ضمن وفد يمثل المعارضة الليبية أن أحدا في ليبيا لا يجرؤ على الحديث ضد النظام القائم، وأن الوفد المعارض نفسه في الخارج يخاف على أمنه من بطش أجهزة القذافي التي لا ترحم أحدا في داخل ليبيا أو خارجها.وأضاف رئيس وفد المجلس الانتقالي أنـه علم بأن وفد المعارضة اليمنية الذي يشارك اليوم في الاجتماع المكرس لبحث حقوق الإنسان في اليمن جاء من صنعاء مثلما جاء إليها وزير خارجية الحكومة اليمنية، وأنه سيعود أيضـا إلى صنعاء، وهذا فرق كبير لا يمكن أن نتجاهله عندما نسمع من يطالب المجلس بمعاملة اليمن مثل ليبيا.بعد ذلك تحدث عدد كبير من ممثلي الدول الأعضاء في المجلس، وفي مقدمتهم المجموعة العربية التي ترأسها دولة الكويت، حيث أشاد رئيس الوفد الكويتي كما أشاد زملاؤه من المتحدثين الذين يمثلون الدول العربية بالتقرير والتوصيات المعدلة، وطالبوا المجلس بالتصديق على التقرير مع التوصيات.كما تحدث ممثلو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والهند والبرازيل وكندا وفنزويلا والأرجنتين، وأشادوا بالتقرير وأكدوا إقراره مع التوصيات المعدلة. وبالمقابل هاجم الوفد الإسرائيلي التوصيات المعدلة وأعلن تأييد بلاده لمطالب المعارضة اليمنية بإحالة الرئيس علي عبدالله صالح إلى محكمة الجنايات الدولية.وعندما أعلن رئيس المجلس بدء إجراءات التصويت على التقرير مع التوصيات المعدلة وافقت كافة الدول الأعضاء على التقرير، مقابل اعتراض إسرائيل.كما اعترضت على التقرير أيضـا ثلاث دول هي الدنمارك والنرويج وهولندا التي تحكمها أحزاب يمينية عنصرية معادية للمهاجرين وللمسلمين على وجه الخصوص، فيما تحفظت دولة قطر على التقرير وتوصياته.وفي نهاية الاجتماع سجل وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي ترحيب الحكومة اليمنية بالتقرير والتوصيات المعدلة ، والتزامها بتنفيذ كل ما جاء في التقرير والتوصيات ، وبالمقابل سجل وفد المعارضة اليمنية برئاسة السيدة أمل الباشا والسيد عزالدين الاصبحي اعتراضه على التقرير والتوصيات .
وليد الرميشي