إعداد / د. محمد الدبعي :السكري مرض غير شائع عند الأطفال ويندر وجوده بين المواليد الصغار إلا انه في واقع الأمر يبعث على القلق ليس للطفل المصاب وحده بل ووالديه كذلك حيث يتوجب عليهما مواجهة العديد من المشكلات التي لم يفكرا بها قبل تشخيص المرض .. وتغذية الطفل واحدة من هذه المشاكل لان بعض التغيرات في غذائه تصبح ضرورية. إن الزوبعة التي تثيرها عملية اكتشاف المرض عند الطفل ربما يكون لها ما يبرزها ويمكن القول في البداية إن الطفل المصاب بالسكري إذا عولج بعناية فإنه سيعيش حياتة عادية كغيره من الأطفال إذ أن معدلات أوزان الأطفال المصابين وغير المصابين بالمرض وكذا أطوالهم متشابهة في العادة وقواهم العقلية ايضاً متكافئة. أعراض المرض بداية ظهور المرض عند الأطفال تأتي غالباً بشكل مفاجئ إذا ما قورن ظهورها عند الكبار وأولى علاماته الحاجة إلى شرب الماء مع تكرار ترطيب الفراش أثناء النوم وتبدو على الطفل علامات التعب وعدم الحيوية وقد ينقص وزنه على الرغم من كثرة ما يأكله من الطعام فإذا لم يتم اكتشاف المرض في هذه المرحلة فقد تظهر على الطفل علامات الخمول وقد يقع فريسة النوم في أية لحظة ويمكن أن تتبعه بعض الاضطرابات الهضمية كالغثيان والتقيؤ ومن ثم يدخل الطفل في حالة غيبوبة مع تنفس عميق وظهور رائحة الاسيتون في هواء الزفير. ونظراً لان سكري الأطفال ليس شائعاً فغالباً ما يتأخر تشخيصه لجهل الأسرة بأسباب هذه الأعراض إلى أن يكتشفه الطبيب بفحص عينة من بول الطفل ودمه حينئذ تبدأ أولى مراحل العلاج بأن يعطى الطفل وحدات عديدة من الأنسولين لإرجاع نسبة السكر في الدم إلى حالتها الطبيعية تصاحبها إرشادات غذائية تحدد من قبل متخصصين في التغذية. أساسيات التغذية عند تغذية الطفل المصاب بالسكر يجب أن يؤخذ في الاعتبار التغذية في البيت والمدرسة وعلى الوالدين والطفل أن يعرفوا خصائص الغذاء وأهمية كل عنصر غذائي فيه ( بروتين ، دهون ، كربوهيدرات) ويترتب على الطفل أن يعرف ما هي المأكولات الغنية بالكربوهيدرات والكميات المسموح بأكلها. وتكمن أول خطوة للعناية بالطفل في تحديد ما يحبه وما يكرهه من مأكولات ومحاولة تغييرها بما يتلاءم مع حالته الجديدة.بيد أن التغذية في المدرسة ربما تسبب بعض الصعوبات ولكن مع الوقت يجب على الطفل أن يحسن اختيار ما يأكله مما يتوفر في بوفية أو مطعم المدرسة. ومن الممكن إمداد الطفل عند ذهابه إلى المدرسة ببعض الفواكه أو البسكويت ليأكلها بدلاً عن الحلويات نظراً لما تمثله الحلويات من مشكلة كبيرة لدى الأطفال المصابين بمرض السكر ، لذا يجب تعليم الطفل المصاب أن هذه السكريات تتجمع في دمه وتضر بصحته. ويفترض أن يكون الطفل واعياً بأهمية هذه الإرشادات وأن يطيع والديه إلى حد كبير فالثقة والتفاهم اسلم طريقة للتغلب على هذه العقبة أما المراقبة الشديدة والتحذير الدائم فيمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية بالإضافة إلى أن إهمال الطفل المصاب بالسكري وعدم مراقبة ما يأكله قد يقود ايضاً إلى نتائج سلبية. كما يجب تشجيع الطفل على ممارسة أو مزاولة الأنشطة المفيدة بما في ذلك الألعاب الرياضية وربما يكون ضرورياً إمداده بقطعة صغيرة من الشوكولاته العادية بعد الأكل فيما إذا بذل نشاطاً كبيراً أثناء اللعب. إن أهم أمر عند تغذية الطفل هو انتظام الوجبات من ناحية التوقيت والكمية حيث لابد من تناوله للوجبات الثلاث في المواعيد ذاتها يومياً ويفضل أخذه وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية بالإضافة إلى وجبة أخرى قبل النوم. كما ينبغي على معلم المدرسة معرفة حالة وظروف الطفل المصاب بالسكر فلا يؤخره في الفصل أو المدرسة بصورة تتعارض مع مواعيد طعامه. حماية الطفل من المضاعفات إذا بذل الطفل جهداً غير عادي قبل وجبة الطعام أو لم يتناول وجبته الرئيسة لسبب أو لآخر بينما اخذ حقنته من الأنسولين فإن هذه الحالات تؤدي إلى انخفاض السكر في الدم عن الحد الطبيعي ما ينتج عنه انتكاسات ومضاعفات غير حميدة كوجع الرأس والخمول وتشوش الذهن ويتبعها حالة من الغيبوبة. ولحماية الطفل من هذه الانتكاسات يجب تعليمه كيفية التصرف بمجرد شعوره بعلاماتها الأولية ، لذا يجب أن يحمل الطفل في حقيبته المدرسية بعض قوالب السكر عند الحاجة كي يتجنب مخاطر حدوث الغيبوبة ومالها من تأثيرات نفسية غير مريحة لا تعود على الطفل فحسب بل على معلمه وعلى الأطفال المحيطين به. ويترتب على الأب والأم أن يكونا شديدي الملاحظة للعلامات الأولى لانخفاض نسبة الجلوكوز في الدم فإذا كانت الأسرة في نزهة أو عطلة فيستحسن أن تحمل معها جرعات من الجلوكاجون للاحتياط فإن حدثت غيبوبة وتعذر على الطفل أخذ أي عصير محلى أو قطعة من السكر فيحقن بواحدة من جرعات الجلوكاجون فهي ستعيده إلى حالة الوعي خلال ثلث ساعة ثم يعطى بعدها قليلاً من العصير المحلى وقطعا من الكعك. عند تعرض الطفل المصاب بالسكر لمرض أو عدوى كالحصبة أو التهاب اللوزتين فيجب عدم إيقاف حقن الأنسولين حتى لو لم يتناول طعامه بصورة عادية وفي مثل هذه الظروف يمكن تقديم بعض المشروبات المحلاة لهذا الطفل دون أية صعوبات إذ تعتبر بديلاً مناسباً للطعام ولا داعي للتقيد ببرنامج غذاء محدد كما كان في السابق فأي غذاء يريده الطفل يجب تقديمه له ما دام مرضه ناتجاً عن عدوى أو حمى. وفي الأخير فإن من الأطفال من يتكيف مع مرض السكر حتى أن البعض منهم يتمكن من حقن ذاته في سن مبكرة وهذا يساعده على تخطي مشكلة نقص الأنسولين في حالة عدم وجود من يساعده على اخذ الحقنة فيصبح بمقدوره أن يعيش حياة طبيعية.
سكري الأطفال .. بالتغذية المتوازنة يمكن السيطرة عليه
أخبار متعلقة