يحكى أن أحد الفضلاء كان يحب بلدته كثيراً، وكان يحب أهلها ويبذل كل ما يستطيع من جهد لخدمة بلدته، ويسعى جاهداً لحمايتها من كل أشكال الأضرار والأخطار، وكان يتصدق كثيراً على الفقراء والمساكين، ويساعد المحتاجين في الأعياد والمواسم، ويعطف على المرضى منهم، ويتحمل تكاليف معالجتهم في المستشفيات، ومع ذلك كان بعض أهل البلدة يكرهونه حسداً لأنهم ليسوا مثله في الغنى والمكانة والعمل الصالح. ولقد أراد هذا الرجل ذات يوم أن يبين للناس أن العمل الصالح هو سبيل النجاح، وأن خدمة المجتمع تعود على صاحبها بالنفع والفائدة، فاستيقظ من نومه مبكراً، فرأى صخرة كبيرة سقطت من الجبل إلى الطريق العام حيث يمر معظم أهل البلدة، في طريقهم إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم، فوضع الرجل تحت الصخرة هدية مالية لمن يتولى إزاحة الصخرة عن الطريق، ويبادر برفعها عن طريق المارة، لأن الصخرة سدت الطريق العام، وحالت دون مرور الناس وحيواناتهم. واختفى الرجل في مكان قريب من الصخرة، وأخذ ينظر إلى المارة، ويرقب ما يحدث في ذلك اليوم، لعله يرى رجلاً أو جماعة تبادر من تلقاء نفسها في إزاحة الصخرة من الطريق، وتحصل على تلك الهدية المالية مكافأة لها. وبعد ساعات رأى رجلاً يسوق بقرته، ومر بالطريق فوجد الصخرة في طريق المارة، فأخذ يسخط ويلوم الناس الذين تركوا تلك الصخرة في الطريق، ولكنه مع ذلك لم يعمل شيئاً لرفع الصخرة، بل تركها ومضى ببقرته وابتعد عن الصخرة، وسار في سبيل حاله. وبينما كان الرجل يراقب المارة، وماذا سيعملون إزاء الصخرة التي سدت الطريق، إذا به يرى فلاحاً ذاهباً إلى الحقل يسوق حماره، فرأى الفلاح الصخرة في الطريق، فغضب وأخذ يسخط ويلوم، ولكنه مع ذلك ترك الصخرة في الطريق، ومضى في سبيل حالة، بعد أن صب جام غضبه على أهل البلدة الذين تركوا تلك الصخرة في طريق المارة، ولم يبادر برفعها أو زحزحتها. وهكذا ظل الرجل طوال اليوم يرقب المارين في الطريق، وما إذا كان بعضهم سيرفع الصخرة من مكانها أو يزحزحها عن موضعها، كونها معيقة لحركة سير الناس والحيوانات، ولكنه رأى عدم اكتراث الناس بالصخرة مع أنها تعيق حركة سيرهم، وتعطل عملية المرور في ذلك الطريق العام، ولعدم مبالاتهم بوجود الصخرة في الطريق، أو لكسلهم ظلت الصخرة في الطريق، دون أن يبادر أحدهم برفعها من الطريق، ولم يحاول أحدهم إزاحتها، وكادت الشمس أن تغرب، أو أنها غربت والصخرة في مكانها، فمر رجل بحماره ورأى الصخرة فقال في نفسه إن الطريق الآن مظلم، والصخرة هذه لو بقيت هنا في هذا الموضع لأعاقت مرور الناس والحيوانات، ولو تركتها فربما يعثر فيها أحد المارة في الظلام، ويصيبه ضرر، ثم صمم على أن يبعد الصخرة من الطريق، فحاول لوحده أن يفعل فلم يستطع لكبر حجم الصخرة، فذهب إلى داره في القرية وبعد قليل عاد مصطحباً زوجته وأبناءه، وفي يده قطعة حديدية طويلة، ثم أخذ يحرك الصخرة بتلك الحديدة، وبمساعدة زوجته وأبنائه تمكن من إزاحتها عن الطريق ورميها بعيداً. وبينما هو كذلك وجد صرة من الذهب كانت تحت الصخرة وهي التي وضعها ذلك الرجل الفاضل هدية ومكافأة لمن يرفع تلك الصخرة من الطريق، ففرح الرجل بذلك فرحاً كبيراً، فنسي من جراء فرحته التعب الذي لاقاه من جراء تحريك الصخرة، وعاد إلى بيته فرحاً مسروراً. وعندما فتح الرجل الصرة المملوءة بالذهب وجد فيها ورقة مكتوباً فيها: (هذه هدية مني لمن يرفع الصخرة عن الطريق، أو يزيحها من طريق المارة ) وتسامع أهل البلدة جميعهم بخبر تلك الصخرة وما كان تحتها من كنز ثمين، وتمنى كل واحد منهم لو كان هو الذي رفعها ليحصل على ذلك الكنز. وندموا جميعهم لعدم مبادرتهم لرفعها من الطريق. وبالنظر إلى واقع حال طرقاتنا المغلقة بالأحجار وغيرها من المعوقات، كما في شارع المعلا الرئيسي وشارع المنصورة الرئيسي وغيرهما فإننا نعجب لبقائها مغلقة لأكثر من ستة أشهر وليس هناك من يبادر لإزالة المعوقات والأحجار، بل إن المارة جميعهم ينظرون إليها ويتحسرون لما آلت إليه، ويسخطون ويلومون من قام بذلك، ولكنهم جميعهم لم يكترثوا بما تسببه تلك العوائق من أضرار ومخاطر، فلماذا لا يكون من بينهم من يبادر لإزالة تلك المعوقات ؟! فلعل الله يرزقه بكنز ثمين كما رزق ذلك الرجل الذي أزاح الصخرة من طريق المارة، فإذا لم يجد كنزاً في الدنيا، فإن كنز الآخرة آت لا محالة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إماطة الأذى عن الطريق صدقة ) وأجر الصدقة عظيم في الدنيا وفي الآخرة.
أخبار متعلقة