طارق حنبلة لا يختلف اثنان على أن المساحة الكوميدية في سياق العمل الفني سواء كان سينمائياً أو مسرحياً أو تلفزيونياً أو إذاعياً أو عبر وسيلة جديدة أنجبتها الثورة الاتصالاتية والمعلوماتية، هي الواجهة الأجمل والأبهى في هذا الحقل الإنساني الرائع والأكثر شفافية.. لأن الكوميديا هي الصيغة الفنية النبيلة التي تذيب جليد الهموم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وتعقيدات العملية السياسية برؤية فنية ساحرة لتنشر الفرح والضحك ووهج الابتسام الندي في واحات عطاء إنساني وإبداعي يستحضر قيم الوجود الإنساني بلغة عاطفية وفكرية تظل محفورة في الذات الإنسانية لعقود طويلة من الزمن. والعمل الفني الكوميدي من أرقى أشكال الفنون والإبداع والتألق الحسي والجمالي على الإطلاق وهذا لايعني أن الأعمال ( الجادة ) أقل شاناً ومكانة في مسرح العملية الفنية عموماً لكن الكوميديا اللغة الأحب إلى قلوب السواد الأعظم من الناس مقارنة بالأعمال الجادة التي ترتسم في أذهان النخبة بشكل أعمق وجلي نظراً لسعة أفقهم الثقافي والفكري. وقد اثبت أن أي عمل فني يحمل في أعماقه روح الفكاهة والكوميديا ولغة الضحك الممزوجة برؤية فكرية واجتماعية ناضجة تستحضر موضوعاً مؤثراً وحياً في حياة أي مجتمع يظل محفوراً في الذاكرة قياساً بالأعمال الأخرى التي لاتترك تأثيراً وبصمة إلا في القلة والندرة، لكننا نحترمها جميعاً كلغة جادة عبرت عن هم إنساني معين في لحظة معينة من التاريخ واستمرت مغروسة في أعماقنا كشجرة نخيل وارفة تزينها أنوار الخير المتوهجة كابتسامات الربيع العذبة. ومما لاشك فيه أن العمل الكوميدي العربي انطلق من بوابته الرئيسية مصر وبلاد الشام كزاوية أساسية وأرض خصبة توفرت فيها كل سبل النجاح والبهاء والألق الفني الذي يحمل في أعماقه صيغة حضور ولغة نعشقها ونحبها جميعاً.وهناك الكثير من الأعلام العربية الكوميدية التي لا يمكن أن تفارق ذاكرة المشاهد العربي وهي بحق رموز فنية وإبداعية أثرت الواقع الفني والثقافي والفكري العربي بلغة رونقها الشفافية التلقائية الفريدة والتميز الذهني الذي خدمته جملة من المؤثرات والتراكمات البيئية والشخصية في سياق ثقافي وإنساني يحترم دور الرسالة الفنية في الوجود الحضاري لأي مجتمع. ورغم أنني أجزم بأن أسماء كثيرة ستغيب عن ذاكرتي إلا أنني سأحاول قدر الأماكن ذكر كثير من هؤلاء النجوم الفنيين الذين أثروا الواقع الفني والثقافي وحضارية الإنسان العربي عموماً في العصر الراهن بأعمالهم الفنية البهية التي أنارت دروب الحياة العربية منهم النجم الكوميدي نجيب الريحاني الذي كان بحق منظومة كوميدية متكاملة لغة وثقافة وعطاء والنجم الكوميدي المحبوب إسماعيل ياسين من خلال سلسلة أفلامه الكوميدية الكلاسيكية الرائعة التي مثلت طفرة حقيقية في حقل الكوميديا العربية وكذا المتألقة الراحلة ماري منيب والنجم عبدالسلام النابلسي والمثقف والمبدع والإنسان والقامة الكوميدية فؤاد المهندس. والنجم الكبير محمد عوض والنجم عبدالمنعم مدبولي وكذا عبدالمنعم إبراهيم وفي فترة لاحقة عادل إمام ومحمد صبحي وسمير غانم وسعيد صالح والنجمة لبلبة وسعاد يونس وسعاد نصر وسيد زيان ويونس شلبي والنجم الكبير دريد لحام وياسين بقوش ( ياسينو) ونهاد قلعي وشوشو والشهير ( بأبوعنتر )، (لا يحضر في إسمه بالكامل). وحالياً النجوم الذين ورثوا السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة بمساقهم الكوميدي الجميل منهم صاروخ الكوميديا محمد سعد ومحمد هنيدي وهاني رمزي وأحمد حلمي وياسمين عبدالعزيز وآخرون. رحم الله نجوم الأمس الذين نثروا النور والفرح ولحظات الابتسام والصفاء في حياتنا العربية المجيدة وعلى الجيل الجديد ألا ينسى الوفاء والاحتفال بشكل أو بآخر بهؤلاء النجوم العظام الذين صنعوا مجد الكوميديا العربية .. أقصد الرواد الأوائل الذين ذكرتهم سلفاً وغيرهم.. كما أن عليهم ألا يتوقفوا عن إسعاد الناس ونشر الفرح والضحك والانشراح على الدوام في قلوبنا فهم بلسم لكل جراحاتنا المريرة والآمنة التي تتوقف.
|
فنون
صناع الكوميديا العربية
أخبار متعلقة