غضون
* كشفت لنا هذه الأزمة التي استطالت وتعقدت أن معظم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي نطلق عليها وصف “مؤسسات المجتمع المدني” من باب التحبب أو التفاؤل، لا تتوافر على أهم شروط المجتمع المدني، وهي الاستقلالية والنفع العام، ونحن نتحدث هنا عن الجمعيات والمنظمات غير الحكومية النشطة وذات الموارد البشرية والمادية الكبيرة، ولا نتحدث عن الستة آلاف جمعية ومنظمة المسجلة في قوائم الشؤون الاجتماعية التي لا فاعلية لها، فهي مجرد “لافتات” للنصب والكسب غير المشروع.كما كشفت الأزمة الراهنة أن تلك الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الفاعلة انخرطت في تفاعلات الأزمة وفعالياتها لتؤدي أدواراً أظهرت فيها أن علاقاتها بالمجتمع والدولة غير سوية، فالمعروف في كل الدنيا أن مؤسسات المجتمع المدني تكسر احتار السلطة من خلال مشاركتها في التنمية وبناء الدولة الحديثة والمجتمع الديمقراطي، وتكون متراساً لحماية المجتمع من أي أخطار.. وفي أوقات الأزمات والكوارث تسجل حضورها الإيجابي.. نحن هنا!.* لنتأمل بعد هذا مشهد ما يسمى عندنا “مؤسسات المجتمع المدني” وقد انخرطت في هذه الأزمة. ونعني بذلك الفاعلة منها والتي تمتلك موارد بشرية ومادية كبيرة كما قلنا قبل.الجمعية الخيرية المناط بها إغاثة المنكوبين وتسخير الأموال التي تجمعها للنفع العام تحيزت بكل بناها ومواردها إلى جهة حزب، هو حزبها، وصارت مكاتبها معتقلات ومشافيها مطابخ للدعاية السياسية. والنقابة تحولت إلى آلة لإنتاج الشائعات،والمنظمة الحقوقية تحولت إلى أداة لانتهاك حقوق الإنسان.. وهكذا.. برزت جميعها في هذه الأزمة بروز “الثوار” الذين تملكهم الغضب وصاروا بلا رسالة سوى تحطيم كل شيء قائم أمامهم دون تفكير بالعواقب.والسبب واضح تقريباً.. القائمون على هذه التي تسمى “مؤسسات مجتمع مدني” حزبيون متعصبون، وهذه “المؤسسات” حزبية.. غير مستقلة ولا محايدة.. والدليل على ذلك أنها لم تؤد دور مؤسسات المجتمع المدني خلال هذه الأزمة.. لم تعوض عن غياب الدولة ولم تهتم بأشد المتضررين على الأقل من هذه الأزمة.* لم تقم بدور حقيقي له علاقة بالأدوار التي تلعبها “ مؤسسات المجتمع المدني” وبدلاً من ذلك أدت أدوراً على العكس من ذلك تماماً. تساهم في تدمير الدولة، وتسخر نفسها لطاعة الأوامر الحزبية، وتعاضد الإرهابيين، وتقيم الأفراح للمتمردين.. وأسوأ من ذلك أن مؤسسات “المجتمع المدني” هذه تنحاز للعسكريين وتضع بين أيديهم كل مقدراتها لمساعدتهم على “الانقلاب العسكري”.. أين حصل هذا في مكان آخر سوى اليمن؟ أهذه مؤسسات مجتمع مدني أم فوضويات أحزاب وعسكر؟.