خلص الدعاة الراسخون والعلماء العاملون من قراءاتهم المتبحرة وتجاربهم الميدانية الممتدة في الزمان والمكان والعمق إلى أن انتصار الإسلام مرتبط شرطيا بوجود “الإنسان السوي” صاحب المشاعر الصادقة الفياضة والتفكير الصحيح الهادي، أي صاحب الفطرة السليمة التي أشار إليها القرآن الكريم:- ( فطرة الله التي فطر الناس عليها) سورة الروم 30- ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك) - سورة الانفطار 6 - 7- (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) - سورة التين 4فإذا كانت المشاعر كاذبة أو باردة وكان التفكير سطحيا أو ميتا تحول الدين إلى مجرد طقوس؛ ليزداد الأمر سوءا إذا اغتر الإنسان بذكائه في حين هو يعاني الخواء الروحي؛ لأنه سيحول الدين حينذاك إلى مصيدة للمغانم، سواء ألف الكتب أو ألقى الخطب أو امتهن الشعوذة، وما أخطر حال من ينطوي على أمراض نفسية ثم يتظاهر بالغيرة على الإسلام فينسى تزكية نفسه وأداء حقوق الله - عز وجل - ويشتغل بأخطاء العاثرين وينقم على العاملين في الدعوة إلى الله - تعالى-، وهذا حالُ فتيان أخذوا شيئًا من العلم الشرعي من الكتب والصحف، ولَم يتتلمذوا على العلماء الراسخين والدعاة العاملين فظنوا أنفسهم على قدْرٍ كبيرٍ من التقوى والتزكية وخرجوا على مجتمعاتهم بالتكفير وسفك الدماء، حتى إن بعضهم لم يسلم منهم المسجد الحرام نفسه رغم قدسيته في أحداث 1979 الدامية المؤلمة، كما كان هذا حال أحبار بني إسرائيل عندما ألحوا على المسيح - عليه السلام- كما ورد في الآثار- أن يرجم الزانية، ولم تكن تحركهم الغيرة على شرع الله - تعالى -بل قسوة القلوب وغلظة الطباع، لذلك أفحمهم بقوله “من كان منكم بلا ذنب فليرجمها”، وصدق - عليه السلام - فاضطراب صلتهم بالله - عز وجل - هو الذي أدى بهم إلى تحجر العاطفة وحب البطش والشماتة في المذنبين، وما ينبغي للدعاة أن يكونوا هكذا وهم أصحاب العيون المؤمنة، وإذا كانت العين الحاسدة تضر الإنسان فإن العين المؤمنة تنفع لأنها عينٌ حانية مشفقة تؤثر في اتجاه الحق والخير والنور والجمال...وتلك هي الفطرة السليمة وذلك هو الإنسان السوي...رأس ماله حُرقة وغضب على الباطل واستعلاء على الفجور، يستدرك بقلبه الكبير على العجز في أعماله الصغيرة، أو هكذا يرى نفسه بفضل تواضعه.
|
رمضانيات
المسلم إنسان سوي
أخبار متعلقة