غضون
* الدرس المستفاد من انشقاق وتحيز القوات المسلحة اليمنية أثناء المرحلة الراهنة - وهو درس لا يزال ناقصاً -هو أنه ليس لدى اليمنيين حتى الآن مؤسستا دفاع وطني وأمن وطنيتان مستقلتان محايدتان واعتقد أن القوى السياسية في السلطة والمعارضة والمجتمع المدني والتنظيمات والاجتماعية الأخرى بما فيها التي تسيطر عليها النزعة القبلية معنية بهذا الدرس ، ومعنية بالتالي بالتفكير بالطريقة التي تؤدي في المستقبل إلى إعادة بناء القوات المسلحة والأمن بناء وطنياً وأن يضمن كل اليمنيين أن هاتين المؤسستين يجب أن تبقيا بعيدتين عن الخلافات السياسية مستقلتين ومحايدتين ومحكومتين في تصرفاتهما بمبادئ دستورية ونصوص قانونية واضحة لا تخرج عنها ولا يسمح بخروجهما عنها أيضاَ.. أقول ذلك مستحضراً ما يجب أن يكون قد استحضره الجميع في هذه الأزمة الراهنة من استقطاب وتحيزات سببت مخاطر كثيرة ، ونتمنى أن لا تزيد على ذلك ، وأن يكون الدرس الحاضر عبرته.* لأن الجيوش العربية جيوش أنظمة، ليست هيئات وطنية ومستقلة عن الأحزاب ، ولأنها بنظر هذا وذاك “ أدوات” يجب استخدامها في الصراعات السياسية، يمكننا تفسير حرص المعارضين للأنظمة الحاكمة على دغدغة مراكز الإحساس في قيادات وأفراد الجيوش، كما يحدث الآن مثلاً هذه الأيام والأيام التي سبقتها في مجرى ما يعرف بالثورات العربية. حدث هذا في تونس ومصر ويحدث في اليمن وسوريا وقبلهما ليبيا.. فالمعارضون السياسيون يبذلون كل ما في وسعهم لكي يستقطبوا ضباطاً وجنوداً إلى جانبهم .. عن طريق شعارات وطنية وعن طريق مخاطبة العقل أنتم من أبناء الشعب فانحازوا إلى “ ثورتنا” .. عن طريق دفع قيادات عسكرية إلى التحيز .. وهنا يتوحد المعارضون السياسيون الديمقراطيون المدنيون مع أعتى نظام استبدادي عسكري يمكن تصوره .. من حيث أنهم يستدعون الجيش إلى جانبهم لكي يحققوا به انقلاباً عسكرياً على ما يدعون أنه حكم العسكر .. في كل التجارب الراهنة لم يحدث ذلك. وما حدث بالضبط أن المعارضين استطاعوا أن يخرجوا جزءاً من الجيش عن المؤسسة الواحدة.. وأعقب ذلك مشكلة حادة تهدد بحرب أهلية. *سيقال : إن بناء مؤسستي دفاع وطني وأمن مستقلتين وطنيتين ومحايدتين في أي صراع سياسي داخل المجتمع مجرد وهم .. لماذا ؟ لأن الذين ستتألف منهم هم أفراد من هذا المجتمع غير معزولين عن تفاعلات مجتمعهم، وبالتالي من الطبيعي أن يتأثروا بما يدور في محيطهم ولا يمكنهم أن يكونوا محايدين لهذا السبب.وهذا صحيح على أية حال .. لكن هناك فرقاً بين التربية التي يخضع لها أفراد هيئات الشرطة والجيش وأفراد غيرهم في هيئة مخصوصة ومميزة .. التربية في هيئات الشرطة والجيش يجب أن ترتكز على عقيدة عسكرية وطنية .. أن كل فرد فيها مهمته الأساسية الحفاظ على سيادة البلاد والنظام العام وحماية حقوق الناس من الانتهاك بغض النظر عن انتماءاتهم السياسة أو غيرها.