غضون
*منذ نشأت أزمة الوقود قبل أكثر من شهرين حتى يوم الثلاثاء الأخير ومجلس الوزراء يجتمع .. وفي كل مرة رسالته بهذا الشأن واحدة «مجلس الوزراء يؤكد على سرعة اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتوفير المشتقات النفطية»!. وفي واقع الحال. الأزمة هي الأزمة والطوابير تزداد طولاً وعرضاً ومدى زمنياً ، والسوق السوداء عامرة بالمشتقات من كل نوع.إذا كانت الحكومة قد أكدت في كل اجتماعاتها “ سرعة اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتوفير المشتقات النفطية؟ “فأين السرعة وأين الإجراءات التنفيذية .. وأين المشتقات النفطية؟ وإذا كانت الحكومة تقرر سرعة ولا تسرع وتقرر إجراءات تنفيذية لا تنفذ، فما الفرق بينها وبين المواطن العادي ؟ هو يشكو وهي تشكو ..وأولى بها إذاً أن تخط قرارها على “ يافطة” وتنزل إلى الشارع تعتصم وتتظاهر كما يفعل المواطنون العاديون الذين ليس بأيديهم قدرة اتخاذ قرار أو سلطة قسر لتنفيذ إجراءات توفير الوقود ، وضرب السوق السوداء بما فيها ومن فيها.* معارضو السلطة أكانوا في أحزاب المشترك أو التحالف القبلي العسكري المعروف أو الجماعات الدينية الحليفة وكذلك فاسدون في الجهاز الحكومي أثروا ثراء فاحشاً ، ضالعون في هذه الأزمة ولا شك في ذلك، وهم يعتقدون أن الحرب على جبهات المشتقات النفطية إحدى وسائل إسقاط النظام .. والحكومة تتحدث بهذا إلى المواطنين حديثاً يومياً، حيث “تحملهم المسؤولية “ أمام المواطنين. لكن هل على المواطنين مساءلتهم أو ردعهم ومعاقبتهم؟المواطنون غالباً بدؤوا يعرفون أن هؤلاء مشاركون في معاناتهما. ومن هذه المعرفة يتقدمون خطوة أخرى ويسألون: أين الحكومة ..أين الدولة ، لماذا لا تفعل كذا وكذا قياماً بواجبها وهي التي لا تزال تمتلك الجيش والشرطة وأجهزة الرقابة ، وفي ظل سلطة قضائية قائمة ومجلس نواب قائم؟* إن مسؤولية النظام أو الحكومة في هذه المرحلة مضاعفة، وذلك لأن المعارضة بكل منظومتها تحولت الآن إلى عدو مجنون. تحولت إلى سلاح دمار شامل يضرب في كل الاتجاهات ويحاول أصحابه تدمير كل شيء قائم بدعوى إسقاط النظام .. ومن هنا تتضاعف مسؤولية النظام أو الحكومة كما قلنا. مسؤوليتها في الحفاظ على ما هو قائم من قوانين ومؤسسات تحمي المجتمع من الفوضى والاستغلال ومصادر التهديد الأخرى.لقد بلينا بمعارضين مجانين أو حمقى في أحسن الحالات . شعارهم إسقاط النظام أو الدولة “ وعدم ترك حجر فوق حجر فيها” كما قال لينين ، وذلك قبل الحديث حتى عن البدائل. كأني أتصور أن العلامة ابن خلدون كان يقصدهم عندما تحدث عن أولئك البدو الذين يغيرون على الحواضر ويهدمون البيت المعمور ليتخذوا من أخشابه أوتاداً للخيام ومن أحجاره“أثافي” للقدر.