أضــــواء
ما حدث في نجران من تدافع وفوضى أثناء عرض الفنان الكويتي طارق العلي لمسرحيته أمر طبيعي ومتوقع الحدوث من جمهور متعطش لمشاهدة أعمال مسرحية كوميدية، ومتشوق لرؤية نجوم تعودوا على مشاهدة أعمالهم عبر القنوات الفضائية أو الفيديو فقط.الحدث طبيعي؛ لأن غالبية الشباب السعودي محروم من البهجة والفرح في ظل التهميش التام لهم ولاهتماماتهم؛ كل ما يريدونه هو اقتناص أي فرصة تغير نمط حياتهم، لذلك تأتي انفعالاتهم في كثير من الأحيان مشحونة بطاقةٍ زائدة.إن ما حدث في نجران وقبله في حفلة رابح صقر في جدة، تأكيد آخر على ضرورة إيجاد حلول عاجلة وسريعة لمشكلة الفراغ الذي يعانيه الشباب السعودي وحده من دون كل شعوب العالم.حين تشاهد على القنوات الفضائية حفلاً غنائياً في القاهرة، أو إحدى دول الخليج، فغالباً ما يكون الشباب السعودي هو الذي يتمايل ويتراقص ويظهر جميع أنواع الفرح بشكل مبالغ فيه أحياناً، وذلك ليس نقصاً في عقله، أو لوثة في فكره، إنما لحاجته الكبيرة للفرح، وللكبت الذي يعانيه في بلده، فهو يريد في لحظة واحدة إخراج كل ما بداخله من بهجة وسعادة، لإحساسه بأن الفرصة ربما لن تأتيه ثانية.هذه الرغبة بالفرح والإحساس بالنشوة النفسية العارمة نراها في شوارع مدن المملكة، من خلال المناسبات الوطنية والأعياد، من إطلاقهم العنان لأصوات الكاسيت عالياً، والرقص على أنغام الأغاني الوطنية.بالتأكيد أن ما حدث في نجران لم يكن مقبولاً، ولكنه نتيجة طبيعية لحضور فنان له شعبية كبيرة مثل طارق العلي، الذي كان من المفترض على المنظمين أن يوفروا له مكاناً لائقاً يتسع لعدد أكبر من الحضور.إن إحياء المسرح الجماهيري مطلب ملح ومهم للعديد من الشباب الذي يرغب بتواجد نجوم من السعودية والخليج، وقرار إحيائه يحتاج إلى قرار حاسم وشجاع، كما حدث مع قرار تأنيث محلات الملابس النسائية.نحن بحاجة إلى قرار قوي يعيد لنا المسرح السعودي الجماهيري، الذي كان حاضراً قبل أكثر من عشر سنوات، وعبر النجوم الكبار: القصبي، والسدحان، والسناني، وغيرهم، وكان الجمهور موجوداً بشكل يومي لمشاهدة العروض.والأمر جداً بسيط ولا يحتاج إلى كل هذا التأخير، خاصة في ظل استعداد العديد من المنتجين للدخول بقوة إلى المسرح الجماهيري، وتعطش الشباب لحضور المسرحيات سيوفر هذا القرار نافذة لاستهلاك طاقة الشباب، وسيضمن لنا عدم تكرار ما حدث في نجران. [c1]*عن صحيفة ( الرياض ) السعودية [/c]