إقامة الدولة اليمنية الحديثة، وبناء نظام وقانون يرتكز على مؤسسات وطنية مدنية لا يصبح فيها للفرد أو للقبيلة أي دور، وسيادة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، هي طموح الشعب اليمني بجميع فئاته، بل ان هذه المطالب هي الشعارات التي رفعها الحراك الجنوبي وتغنت بها الأحزاب المعارضة، ناهيك عن أن هذه المطالب هي التي يجمع عليها الشباب ويستميتون في الساحات من أجلها، وهي مطالب لا يختلف عليها اثنان، إلا الذين تصطدم مصالحهم مع النظام والقانون والذين يرفضون العدالة والمساواة، خصوصاً أنهم ينظرون الى الشعب اليمني نظرة فوقية ولا يتصورون أنفسهم مواطنين كبقية المواطنين، ومن أجل هذا كله كانوا يشكلون سداً منيعاً أمام إقامة الدولة المدنية منذ قيام الثورتين اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر، كما أنهم كانوا الصخرة أو الوثن الذي تتحطم عليه أحلام الرؤساء المتعاقبين على اليمن بإقامة دولة مدنية، فإذا ما كان أي رئيس يفكر بهذا الاتجاه يكون الموت مصيره، ومن أجل هذا كنا نلتمس الأعذار للرئيس عن تأخره في ذلك، لأنه لو فكر في ذلك لكان مصيره مصير الرئيس الحمدي، لكن هؤلاء ذهبوا بعيداً لتقوية سلطانهم وجبروتهم على حساب الشعب اليمني وعلى حساب كرامته ودولته الحديثة التي يحلم بها، وهو ما كان السبب الرئيسي الذي نغص حياة اليمنيين، ما جعلهم يبحثون عن طريقة للخروج منه، فالحراك الجنوبي والثورة الشبابية ما هما إلا تعبير عن الآلام التي سببتها هذه العصابة الأحمرية، ولان هذه العصابة كانت رسمياً تعتبر داخل السلطة، إلا أن الحقيقة أن هذه العصابة كانت تشكل سلطة لوحدها وربما أقوى من السلطة اليمنية في بعض الأحيان، والمصيبة الكبرى أن هذه العصابة برغم أنها سبب بقاء اليمن في هذه الحالة، لم يجد اليمنيون أحداً يصبون عليه جام غضبهم إلا النظام وعلى رأسه رئيس الجمهورية، باعتباره ممثلهم الشرعي وصاحب القرار المصيري في حياتهم، وأنا لا ألومهم في ذلك بل إن ذلك حق من حقوقهم والرئيس هو المسؤول بصورة رسمية أمام شعبه، لكننا ومن أجل إنصاف الجميع يجب أن نتفحص الحقيقة والتركيبة التي قام عليها النظام منذ نجاح الثورة، فهذه العصابة الأحمرية كانت تشكل دولة موازية للدولة ترفض الخضوع للنظام والقانون أو أي شيء يعبر عن دولة، وهو ما عجز معه كل الرؤساء عن ايجاد دولة أو تطويع هذه العصابة للقانون، ولو ذهب الرئيس على الطريق الذي أختاره الحمدي لكان مصيره نفس المصير، لكن الرئيس اختار طريقاً آخر وهو بناء الإنسان اليمني الذي يمكن له أن ينتزع حقوقه من هذه العصابة وأن يجعلها تخضع للنظام والقانون كبقية الشعب، فاليمني اليوم يختلف عما كان عليه بالأمس حين لم يكن يعرف أو يفكر بشيء إلا ما يراه الشيخ، وهذا وحده يعتبرا أنجازاً بغض النظر عمن يراه الشعب مسؤولاً عنه.إن على كل فئات الشعب اليمني وبقدر ما تطالب به من حقوق أن تعي من الذي يحرمها من تلك الحقوق، ومثلما نطالب الرئيس بالرحيل أو نحمله المسؤولية على ما عاثته تلك العصابة، علينا أن نؤازره إذا كان يسير في الاتجاه الذي يلبي طموحاتنا.إن العصابة الأحمرية عندما فشلت في التستر خلف ثورة الشباب ومحاولة جرهم الى العنف، لم تجد بداً من تكشير أنيابها وإعلانها بصراحة الحرب على الدولة، وما يحدث في صنعاء من تدمير للممتلكات العامة والخاصة من قبل هذه العصابة، ما هو إلا دليل على أنهم ليسوا مع الشباب ولا حتى مع الشعب اليمني، فما يعنيهم هو الدفاع المستميت عن مصالحهم التي تهددها الدولة اليمنية الحديثة إذا ما قامت، وهذا ما يظهر البون الشاسع بين ما يطلبه الشعب وبين ما يريده هؤلاء، فهذه العصابة لا تريد إلا أن تبقى حجر عثرة أمام أحلام اليمنيين، بل إن هذه العصابة عندما تعلن الحرب على رأس النظام، فليس ذلك من أجل الشعب أو من أجل عيون الشباب، بل أن الرئيس يمتلك سلطة شرعية ودستورية لم تألفها تلك العصابة في الرؤساء السابقين وهو ما يهدد مصالحها ومكانتها التي تعودت عليها وبسببها تحطمت أحلام اليمنيين، إن وجود رئيس قوي يعني فرض هيبة الدولة وسيطرتها على كل فرد وكل شبر من أرض اليمن الحبيب، وهذا بالتالي ما يحقق مطالب الشباب ويتصادم مع مصالح هذه العصابة.ما أريد أن أقوله إن على الشباب اليوم أن يخلوا الساحات، فلم يعد لوجودهم مبرر، ومثلما ننحاز إليهم في مطالبهم، فإننا نطالبهم اليوم بالإعلان صراحة عن وقوفهم الى جانب الرئيس، لا لشيء وإنما لأن الرئيس قد بدأ يدك الحواجز التي عرقلت تطور اليمن، وعليهم ايضاً أن يكفوا عن مطالبته بالرحيل الآن، فهذا لن يخدم مطالبهم لأنه وحده القادر على القضاء على تلك العصابة، فكما أننا نحمله المسؤولية عن ترك هذه العصابة الأحمرية تعيث في اليمن فساداً لمدة طويلة، فإننا نطالبه بالقيام بواجباته في القضاء على هذه العصابة ومن على شاكلتها حتى يمكن لنا إقامة دولة اليمن المنشودة، وأقول للشعب اليمني والشباب خاصة، إن رحيل الرئيس في الوقت الراهن سيكون مشكلة لا حلاً، لأنه لو رحل قبل القضاء على هذه العصابة، فستزداد قوة ولن نستطيع حينها أن نطوعها للقانون إلا بثوره وبثمن فادح.وأخيرا أطالب الرئيس بإيقاف عصابة آل الأحمر عند حدها وأقول له إنه بدأ السير على طريق بناء الدولة الحديثة التي ينشدها الشباب، فالقضاء على هذه العصابة يعني دخول اليمن عهداً جديداً تسود فيه العدالة والقانون.
أخبار متعلقة