غضون
* قلت قبل أيام إن تطبيق الشريعة الإسلامية كان أمراً نسبياً، ولم يحدث في أي عصر من العصور ولا حتى خلال سنة في ظل الحكام المسلمين من عصر الخلافة إلى اليوم . ذلك لأن القرآن وكذلك السنة يترجمان على الأرض من قبل بشر .. والبشر عرضة للأهواء وتتحكم بهم المصالح وتؤثر في اجتهاداتهم أمور الدنيا المتقلبة والمتغيرة . هذا إلى جانب أن شريعة الإسلام تأخذ المصلحة والحكمة في الحسبان الذين يحملون ويدعون إلى شعارات مثل “ الإسلام هو الحل” و “ تطبيق الشريعة “ يختزلون التاريخ وتجارب المسلمين في الجزء الذي يروق لهم من مادة التاريخ والتراث عموماً .. ويهملون الجانب الآخر . سأضرب هنا مجموعة مختلفة من الأمثلة أرد بها على أحد الذين استبشعوا مني عدم التسليم بأن الشريعة كانت مطبقة في أيام “ السلف الصالح” وغير الصالح .الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ترك منافقي الإسلام في حالهم ولم يطبق فيهم الشريعة رغم أنهم كانوا أخطر حركة تهدد حياته وحياة المجتمع الإسلامي في يثرب .فاطمة بنت الرسول تقول لأبي بكر : سرعان ما أمتم الدين بعد موت الرسول ، جحدتم الدين ووسعتم الذي سوغتم .. وصعد الخليفة عثمان المنبر يخطب فمدت أم المؤمنين عائشة من وراء حجاب نعلd الرسول وقميصه وقالت له : هذان نعلا الرسول وهذا قميصه لم يبل بعد، وقد بدلت دينه وغيرت سنته.كذلك الذي جرى بين الإمام علي من جهة ومعارضيه من جهة أخرى .. كلها شواهد تاريخية تؤكد ان قانون الشريعة الإسلامية لم يكن ساري المفعول في كل شيء وفي كل وقت .* خذوا أيضاً .. الملك معاوية بن أبي سفيان يتاجر تجارة محرمة وأبو الدرداء يقول له: الرسول نهى عن ذلك . فيرد عليه معاوية : ما أرى بهذا بأساً .. عمر بن عبد العزيز جاء ليصحح اخطاء الملوك قبله وفعل ذلك لكن خلفه ملك أموي أعاد الاخطاء إلى القصور والدواوين .. في العصر العباسي أيضاً لم تطبق الشريعة ولا في الدولة الفاطمية ولا الأيوبية ولا حتى العثمانية ولا مملكة المسلمين في الأندلس .. في الأندلس كانت النصارى أشد المنتقدين لتفسخ المجتمع المسلم.. الفقيه العز بن عبد السلام كانت لديه مشكلة مع الملك الصالح نجم الدين أيوب وزرائه . ففي عهدهم تم السماح بصناعة وتجارة الخمور ، بل أن أحد وزراء الملك ويدعى ( معين الدين) هيأ مكاناً فوق مسجد بمصر للمتعة والطرب وذهب العز بن عبد السلام هو وأولاده لهدم ذلك المكان.. وكان الحادث سبباً في تخريب العلاقة بين العز وحكام بني أيوب في مصر.