غضون
* صناع الأزمة السياسية في بلادنا أرادوا إسقاط النظام واجتثاث رموزه وكل أدواته بما في ذلك الحزب الحاكم، وقد حاكوا في البداية التجربتين التونسية والمصرية، ولكنهم اكتشفوا أن الوقائع على الأرض اليمنية لا تجري على المثالين التونسي والمصري، فمؤيدو الرئيس أكثرية، والمسيرات والاعتصامات في الجانبين متوازنة، بل إن الغلبة الشعبية تميل جهة النظام ورئيسه.. لقد أدركوا أن إسقاط النظام بتلك الطريقة غير ممكن.. ولذلك تخلوا عنها ونسوا تماماً التجربتين التونسية والمصرية، وانتقلوا الى حالة العنف.. هذا الانتقال جاء أيضا بعد استلهام تجربة ثالثة ومحاولة تقليدها وأعني بالتجربة الثالثة الحالة الليبية. وهي حالة لا تقدم نفسها قدوة لأي قوى سياسية راشدة.. إذ أن القتل والدمار هما المسيطران، ونظام القذافي لم يسقط، والحل النهائي ليس بيد قوات حلف الأطلسي.. المجتمع الدولي صار الآن يؤمن أن الحل بيد الليبيين أنفسهم.. وهذا ما نفهمه من كلامهم عن ضرورة الحوار الداخلي.* التقليد أو المحاكاة اليمنية للنموذج الليبي يتمثل في إحداث انشقاق داخل الجيش، وقيام تحالف قبلي عسكري سياسي لمحاربة الدولة والسيطرة على مناطق وإعلانها «محررة» تماماً كما حدث في الغرب الليبي.. لاحظ أيضا أنهم حاكوا النموذج الليبي حتى من حيث الأوصاف والأسماء.. قبل الحالة الليبية لم تكن هناك مسميات مثل «الثوار» و«المجلس الانتقالي» مثلاً.كما حذو حذو النموذج الليبي في مظاهر كثيرة.. محاولة اغتيال الرئيس ومساعديه.. ضرب المنشآت النفطية.. ضرب شبكة إمدادات الكهرباء.. التحالف مع الإرهابيين.. واستخدام وسائل وأساليب أخرى من هذا القبيل تكفل - بنظرهم - إجبار النظام على الرحيل أو الاستسلام لمعارضيه.. محافظة تعز لم تعد الآن.. الحالمة.. ولا العاصمة الثقافية.. ولا نموذج التمدين.. ولا ولا ولا.. صيروها خزانة للأسلحة وساحة لتجمع القبائل المسلحة من كل مكان وميدان حرب.. يريدون محاكاة الغرب الليبي ولكن من خلال الخاصرة اليمنية.* مع ذلك كله.. سوف يفشلون.. المتطرفون يفشلون في النهاية، وهذا درس تاريخي معروف.. بوسعهم فقط أن يفرضوا - بتشددهم - على الآخر مشاركتهم في التدمير.. الآن هم يسلحون أتباعهم وينشرون قبائلهم هنا وهناك، وفي ذات الوقت يحاولون دفع المنشقين العسكريين لاستفزاز الآخرين وإرهاب المواطنين..الدفع نحو حرب يعتقدون أنهم سوف يخرجون منها منتصرين.. حسناً سيكون على النظام مقابلة ذلك بالمثل، فهو حتى الآن لم يسلح مواطنيه، فماذا لو فرضوا عليه تسليحهم؟ وماذا لو تقررت المواجهة..؟ ستكون دامية وطويلة الأمد.. فما لكم كيف تفكرون؟!.