غضون
* تقول حكاية شعبية إن شخصاً قرار أن يتخذ الغناء هواية له رغم أنه قليل الموهبة وصوته رديء، فأخذ يغني بصوت مرتفع مصحوباً بعزف غير جميل على العود، واستمر على عادته يغني من الصباح إلى المساء في غرفته التي تردد جدرانها الملساء أصداء الصوت والعزف حتى أعتقد أنه صاحب صوت بديع وإنه ما خلق إلا للغناء.. أوصله غروره إلى التفكير في الغناء من فوق خشبة المسرح وأمام الجمهور الكبير بدلاً من حصر نفسه داخل غرفة ليس فيها أحد غيره ، وما أن بدأ الغناء في المسرح حتى صاح الجمهور في وجهه ورموه بما تيسر لهم حتى أسكتوه.وليس في هذه الحكاية ازدراء بالهواة والمجربين الذين يسعون إلى تحقيق مكانة مرموقة رغم قلة مواهبهم وقدراتهمم ، بل أن الحكاية تفيد أن شخصاً ما قد يكون ناجحاً في محيطه الضيق ولكنه عندما ينطلق إلى المحيط العام دون إعداد نفسه لذلك يضع نفسه موضع سخرية.* أعرف شباباً كثراً في ساحة الاعتصام في العاصمة - وبعضهم من قرابتي ومنطقة سكني - لديهم تطلعات واستعدادات جيدة إلا أنهم قليلو القراءة ومحدودو الثقافة ، يتكلمون عن الدولة المدنية كلاماً خالياً من الفقه ، وعن مجلس انتقالي دون فهم المقصود .. وعندما ينتقلون بهذه البضاعة إلى الميدان العام “ الثوري” يفتضحون .. ولذلك هم يفشلون ، ولا يدركون ـن الذين جعلوا منهم رافعات لهذه الشعارات يخدعونهم ، ولا يفكرون أصلاً بشيء اسمه دولة مدنية فهم ضدها من الأساس والدليل على ذلك أن ما يسمى بساحة التغيير في العاصمة سلبت من الشباب وسلبت منها المدنية ، وصار الشباب مسخرين لخدمة الشيخ صادق وإخوانه و اللواء علي محسن وفرقته ، حتى أن الشباب في جمعتي الستين الأخيرتين تم حشدهم للصلاة على “ شهداء الثورة السلمية” بينما الجثامين كانت لقتلى من الفرقة الأولى مدرع وأفراد القبائل الذين قتلوا أثناء معركة بني الأحمر في الحصبة!* حكاية الفنان المشار إليها أول هذا الكلام لها مثيل في ساحة التغيير .. شباب غر مغرر بهم قليلي المعرفة يتصدون لقضايا كبرى .ز وبلغ بهم الحال أن يدعوا نائب رئيس الجمهورية إلى الانضمام إلى المجلس الانتقالي خاصتهم ومنحوه فقط مهلة قصيرة قدرها أربعة وعشرين ساعة .. وقد مضت على المهلة الحاسمة الآن أكثر من سبعين ساعة .. هذا الادعاء الزائف وهذا التبجح وهذا العجز أيضاً دليل آخر على أننا أمام هواة غناء قليلي الموهبة بمجرد أن يظهروا في المسرح أمام الجمهور العام يصبحون مدعاة للسخرية.