لم يأت البلاغ أو ما يسمى بالبيان الأول لـ ( الفرقة) -بضم الفاء- بأي جديد على المشهد اليمني، سوى تأكيده الصريح على نوايا من أصدروه بالانقلاب الواضح، كون الجهة التي أصدرته انشقت عن القوة النظامية للجمهورية اليمنية، وأخذت منحى مغايراً للمبادئ والقيم العسكرية التي اقسم عليها كل منتسبٍ للقوات المسلحة والأمن، والذين عاهدوا الله على أن يكونوا حماة للوطن ومدافعين عن أمنه ووحدته واستقراره وتابعين للقائد الأعلى للقوات المسلحة بصفته وليا للأمر ، والخروج عليه خاصة في القطاع العسكري يعد تمرداً وهروباً من أداء الواجب بحق الوطن . أبدا ليسوا سواء، ويخدع نفسه من يساوي بين الشباب الطاهر المنادي بالتغيير الحالم بيمن أكثر تطوراً يسوده الأمن والقانون ويستوي فيه الكل أمام هيبة الدولة وسيطرتها، وبين أفراد القوات المسلحة والأمن الخارجين عن الإجماع والمفارقين لوحدة الصف العسكري. يحق لهؤلاء الشباب أن ينادوا بما يرونه مناسبا لهم في إطار النظام والدستور ووفق احترام عادات المجتمع وقيمه ومعتقداته ، في حين لا يحق البتة أن ينفرط العقد العسكري تحت أي مبرر كان لان هذا الجيش هو جيش الجمهورية اليمنية، وينبغي ألا يكون تابعا لأي جهة كانت سوى تبعيته للوطن، وما تبعيته للأخ الرئيس علي عبدالله صالح إلا لكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، ولو كان احد غيره يشغل هذا المنصب لكان تابعاً له بحكم المنصب لا بحكم الشخصية.إن انقسام بعض الفرق من الجيش لم يكن في صالح الشباب إطلاقا بقدر ما كان عبئا عليهم، فهم لم يحموا الشباب بقدر ما احتموا هم بالشباب وجعلوهم دروعا لهم في مخططاتهم التي انكشفت سريعا ، وتوضحت اليوم بصدور ما يسمى بالبيان الأول الذي كان يفترض أن يصب في عودة اللحمة بين أبناء القوات المسلحة والأمن، لا أن يزيد من شرذمتهم، نحن هنا لا نتكلم عن أشخاص بل عن سلوك غير شرعي، وان كنا لم نرضه في عهد الأخ الرئيس، فإننا أيضاً لن نقبل به في عهد أي رئيس قادم، فالخروج على ولي الأمر نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان معظم الخارجين الآن عن طاعة ولي الأمر مع هذا الرأي إلى أن اختلفت مصالحهم معه، فشذوا عن الجماعة وفارقوا الإجماع.كنت ومازلت أقول إن لعنة الوساطات هي التي قزمت الدولة، وساوت بينها وبين جماعات ما كان لها أن تنزل ذلك المنزل الذي حلت فيه، إلا بسبب تقاعس الدولة عن تطبيق القانون على الجميع بما فيهم القبائل أنفسهم، وعلى الدولة أن تعيد فرض هيبتها بالقانون فقط، وعلى قوات الأمن أن يواصلوا تحليهم بالصبر وان يدركوا أنه بوحدة الصف العسكري سيظل هذا الوطن موحدا وعزيزاً.تحية لكل شاب وشابة يحب هذا الوطن ويدافع عن وحدته ويحرص على أن ينعم بالأمن والاستقرار، وهنا يمكننا القول أن الشباب التواق للتغيير بطرق سلمية أدرك اليوم أن الأمر قد اختلط عليه، وانه زج به في وسط مستنقع من شهوة امتلاك السلطة أو المحافظة عليها، ولعل الشباب يدركون ذلك عندما أزاحتهم الأحزاب حينما كانت المبادرة الخليجية وعادت إليهم عندما تضاءلت فرص نجاح تلك المبادرة ، مع دعوتنا هنا للأخ الرئيس لأنه أب للجميع إلى التوقيع على هذه المبادرة وفق اطر الشرعية الدستورية حقناً للدماء، وان كنا مصرين على أن دوافع الشباب للتغيير كانت في البداية ومازالت لدى البعض منهم من اجل الاستجابة لمطالب هم في أمس الحاجة إليها كشباب، غير أنهم وجدوا أنفسهم وقودا لصراعات حزبية وقبلية وفئوية ومناطقية وطائفية، هم بعيدون كل البعد عنها.نسأل الله السلامة لكل شباب الوطن، وان يتغمد شهداءهم إلى جوار شهداء القوات المسلحة والأمن ، وان يلهم الوطن كل الوطن.. الصبر على ما يجري في يمننا الحبيب الذي يتعرض لازمة سياسية شديدة نتج عنها العديد من الاضطرابات، وأبانت الأيام أن هذه الأزمة فعلا دبر وخططَ لها منذ أن فشل البعض في الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، فأرادوا اليوم الوصول إليها عبر صناديق ( توابيت) الشباب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. [c1] باحث دكتوراه بالجزائر
أخبار متعلقة