لا يمكن أن نطلق وصفا لما حدث لزملائنا في وكالة سبأ للأنباء ظهر يوم الاثنين 23 /5 /2011م ، من عدوان مثَّل قمة الترويع والترهيب لهم ، وهم آمنون مطمئنون يؤدون واجبهم المهني ، دون أن يتصور احدهم أن يواجه قلمه الرصاص بوابل من الرصاص ، بل تعدى الحال إلى ما يفوق الرصاص ذاته.إن ما جرى هو بحقٍ قصف للكلمة التي تؤديها مؤسسة وطنية ليست ملك أحزاب أو أشخاص أو جماعات بل هي ملك للشعب ، وهي ناطقة باسم أي حكومة يختارها الشعب عبر صناديق الاقتراع ،وبالتالي فهي أولا وأخيرا ناطقة باسم ذلك الشعب الذي اختار الديمقراطية سبيلا وحيدا للوصول إلى الحكم، وهنا يمكن أن نقول إن قصف مؤسسة ناطقة باسم الشعب هو قصف لذلك الشعب، ومصادرةٌ لرأيه .ما ذنب الصحافيين العاملين في وكالة سبأ الذين طالهم الاعتداء الآثم، سوى أنهم يوصلون الكلمة اليمنية للداخل والخارج ، وبغض النظر إن ضاق صدر البعض من محتوى أو فحوى ما تنقله الوكالة ، فإن ذلك لا يبيح لهم أبدا تعريض أرواحهم للخطر ، ولم يقتصر الأمر على التعريض فحسب بل تعدى ذلك إلى المساس بهم وإصابة بعضهم بطلقات نارية .إن ما حدث لا يمكن اعتباره أمرا عارضا أو من قبيل الصدفة، فالزملاء لم يكونوا عابري سبيل ، أو في الأزقة والشوارع مع أن أولئك أيضا لدمهم حرمة ، ولكن الزملاء طالهم الاعتداء إلى مكاتبهم، واختلط دمهم بحبرهم ،واستوى في ذلك الإخوة والأخوات ، ليجسدوا جميعا ما يمثلونه من قيم الدفاع عن الوطن بالكلمة الصادقة ، والرأي السديد المعتدل الداعي إلى أن تصل كلمة اليمن في كل المجالات ليست السياسية فقط ، بل في شتى الفنون والمعارف ، وفي قصفها إسكات لصوت كان ومازال يحمل اليمنيين على اختلاف توجهاتهم إلى أصقاع العالم .كما أدنا وندين أي اعتداء يتعرض له أي زميل وزميلة ، في أي موقع كان في السلطة أو المعارضة ، أو كان موفدا لأي جهة إعلامية خارجية لتغطية أي حدث محلي ، فإننا لا نملك أمام هذا العدوان والتعدي الصارخ على حرية الكلمة إلا أن ندين من تسببوا فيه ، لان الحالة لم تكن فردية بل كانت ممنهجة وموجهة ومقصودة .العالم الحر والمتحضر والمنادي بحقوق الصحافة والصحافيين لا يترك مناسبة يتعرض لها أي صحافي إلا ويقيم الدنيا ولا يقعدها، ومعهم حق في ذلك على اعتبار أن الاعتداء على الصحافة هو قتل للحقيقة ، ولكن السؤال المهم والذي فرض نفسه في حادثة الاعتداء على زملائنا في وكالة الأنباء اليمنية سبأ وهم يفوقون المائتي صحافي وصحافية ، لماذا لم ينتفض المدافعون عن حرية التعبير والمنادون بمناصرة الصحافة ؟!، أين هي الدول التي تتباكى ليلا ونهارا عليهم ، أين هي المنظمات الصحافية والحقوقية والإنسانية التي لا تسكت عن الشجب والإدانة ، أين هي القنوات التي تذرف الدموع على مضايقة مراسليها وتعد ذلك انتهاكا ، أين كل هؤلاء مما حدث لصحافيي وكالة سبأ للأنباء ، أم أنهم ليسوا من عداد البشر؟! .إن الدولة مسئولة مسؤولية كاملة عن الدفاع عن أرواح المواطنين والصحافيين على وجه الخصوص من كل من هو خارج على القانون منتهك للحقوق ، وان تساهلت الدولة في بسط نفوذها وسيطرتها على العاصمة ، فكيف يأمن ساكنو المناطق البعيدة ، هذا إن أرادت الدولة أن تظهر بحق أنها قادرة على أن تحمي المواطنين ، وإلا فلن يبقى لها أي احترام لديهم ، إن التغاضي المستمر عنهم طيلة السنوات الماضية من قبل الجهات المسئولة والتقصير في محاسبتهم هو ما جعلهم يتجرؤون عليها ويهدرون دماء المواطنين الأبرياء ، فقد سمحت لهم أن يملكوا من الأسلحة ما تملكه هي وكأنهم دولة داخل الدولة .أي تغيير ننتظر ونحن مقدمون على جماعات مسلحة تقصف من يعارضها ، أو من يختلف معها في الرأي ، مع أنها كانت سنوات طويلة تختلف مع السلطة ليس في الرأي فقط بل في النهج والتوجه والولاء ، ومع هذا لم تواجههم الدولة ، بما يواجهونها به اليوم ، وفي الوقت ذاته ينبغي احترام البيوت طالما وأنها لا تستخدم في هجمات ضد المواطنين أو رجال الأمن .[c1] باحث دكتوراه بالجزائر
أخبار متعلقة