غضون
* أحد أصدقائي قال لي إنه ظل يحاول إقناع ابنه بإعطاء أولوية لدراسته وتنمية ذاته من أجل مستقبله، وذلك بعد أن نذر الابن وقته وجهده للثورة الشبابية وكان يمضي في ساحة التغيير بصنعاء معظم ساعات النهار والليل.. وقال الأب ـ صديقي ـ كنت اقلب له أوجه الأخطاء والمخاطر ومظاهر الفشل في ساحة التغيير التي أنا على اطلاع جيد بشأنها، ومع ذلك فإن الابن أصر على موقفه.. وقبل أسبوع قرر ذلك الشاب مغادرة ساحة التغيير والعودة إلى أسرته واستأنف حياته الطبيعية.. والفضل في هذا للإصلاحيين كما قال صديقي وقال أيضاً إن ابنه حدثه أنه يتطلع إلى أن يراه الناس وهو يتحدث لقناة فضائية ذات جمهور كبير وهو يشرح تجربته المريرة، ويفضح كل “الأشياء الغلط” التي خبرها في الساحة وجعلته يقرر ترك ساحة التغيير.* قلت في نفسي لعل لدى الشاب ابن صديقي معلومات مهمة كانت وراء هذا التحول الذي حدث في حياته القصيرة مع الثورة في ساحة التغيير، وسيكون مفيداً لو تعرفت منه على تلك التي قال إنها “الأشياء الغلط” التي يود فضحها عبر منبر كبير. ولما قابلته مباشرة وقال لي إن أصدقاء له في ساحة التغيير كانوا يخاطبون الشباب عبر المنصة أثناء التهيئة لغزوة الأربعاء التي ستجتاح “بلاطجة النظام” في المدينة الرياضية ومن ثم التلفزيون القريب منها، إنهم سيكونون في مقدمة المسيرة وأول من يغزو.. وكان هؤلاء من حزب الإصلاح الذين يتحكمون في كل شيء داخل الساحة.. وقال: المهم .. أثاروا حماسنا وخرجنا في تلك المسيرة التي حدث فيها ما حدث، وبعد عودتي إلى الساحة وجدت أولئك الأصدقاء الإصلاحيين “مخزنين” في الغرفة الواقعة تحت المنصة. فقلت لهم: قلتم لنا إنكم ستكونون في المقدمة وإذا بي أراكم هنا.. ولم أزد على ذلك، ولم انتظر منهم كلاماً.. فقد عرفت أن الإصلاح يستخدم الآخرين لخدمة أهدافه ولذلك تركت الساحة.. قلت له: أين الجديد في الأمر؟ هذا معروف منذ البداية.. هل كان عليك خوض تجربة معروفة مقدماتها من أول يوم؟ فالإصلاحيون يسخرونكم جميعاً لقضاء حوائجهم.* قال الشاب ـ ابن صديقي: منذ البداية كنت أعلم أنهم يحتكرون المنصة لهم، واللجان لهم، وصارعتهم في هذا وتعرضت للضرب، ومع ذلك كنت أقول في نفسي إنها مسألة خلاف في الرأي ولعلهم مصيبون وأنا مخطئ.. ولكن عندما تبين لي أنهم يستثمرون غضبنا على النظام ويؤججون مشاعرنا ويوجهون عواطفنا لخدمة أغراضهم، وعندما يبلغ الأمر إلى درجة أنهم يخرجوننا من ساحة التغيير لمهاجمة أهداف معينة ويقولون لنا نحن سنكون في المقدمة وأول الصدور العارية ثم نكتشف أنهم يضحون بالشباب وهم جالسون في خيامهم وصنادقهم.. فهذا بالنسبة لي كان برهاناً قوياً لأخرج من ساحة التغيير التي أصبحت بنظري ساحة لارتكاب الخيانات وتدبير المؤامرات.