يموت طفل أو امرأة حامل بالملاريا كل ( 15 ثانية) حول العالم وفي كل ثانية يصاب بالمرض (10 أشخاص) والمصابون به هم نحو (500 مليون شخص) في حين لا تتعدى الإصابة بمرض متلازمة العوز المناعي (40 مليون حالة) بينما تتراوح حصيلة الوفيات بالملاريا في العالم بين (2) و (3) ملايين) وفاة. وعلى المستوى المحلي بحسب التقديرات فإن أكثر من (60 %) من السكان في اليمن معرضون للإصابة بالملاريا بشكل يتفاوت من محافظة لأخرى لاختلاف وتفاوت درجات التوطن فيها وتصنف اليمن وبائياً ضمن المجموعة الإفريقية الاستوائية للتشابه بينها وبين بلدان هذه المجموعة. ولأنه ينتشر فيها اخطر أنواع الملاريا وهو ( الملاريا المنجلية) التي تمثل (90 %) من الحالات المسجلة ويسود فيها اخطر أنواع نواقلها بعوض ( الانوفليس العربي).وبالتالي لا يزال المرض يشكل عقبة وتحدياً حقيقياً أمام الجهود والمساعي الرامية إلى اجتثاثه والتخلص منه لبلوغ هدف القضاء عليه على غرار ما حققته العديد من البلدان. قديماً أطلق العرب على هذا المرض اسم ( البرداء) ولم يكن معروفاً آنذاك ، بل ظل مجهولاً لقرون وأزمان مديدة وكان الايطاليون أول من أطلق على الملاريا هذا الاسم. وهي في حقيقة الأمر مرض طفيلي تنقله البعوض ولا يزال يشكل عقبة كبيرة للكثير من البلدان النامية الفقيرة حتى أن دول أوروبا وأمريكا التي تمكنت من السيطرة والقضاء عليه باتت تخشى من عودته مرة أخرى. [c1]الملاريا .. ونواقلها [/c]الملاريا ليس مرضاً تنقله الجراثيم أو البكتيريا بل هو من الأمراض الطفيلية تنقله أنثى البعوض. وليس كل البعوض ناقلاً للملاريا وإنما نوع معين من البعوض يطلق عليه بعوض ( الانوفليس) .كما ليس كل بعوض (الانوفليس) ناقلاً للمرض فهناك حوالي (460 فصيلة) من بعوض (الانوفيليس) منها حوالي (60 نوعاً) فقط ناقلاً للملاريا. واخطر هذه الفصائل يعرف ببعوضة ( الانوفيليس جامبيي الإفريقية) وهو البعوض السائد في اليمن مثلها مثل بلدان إفريقيا جنوب الصحراء المعروفة بالتوطن الوبائي الخطير للملاريا ، حيث تتركز فيها (90 %) من الإصابات بهذا الداء في العالم. أما وبائية الملاريا في اليمن فهي افريقية استوائية - في حقيقة الأمر - مصنفة بخطورتها العالية ويسود فيها ايضاً طفيلي ( الملاريا فلسيبارم) الأخطر بين أنواع الملاريا في العالم . حيث يشكل أكثر من (90 %) من حالات الملاريا المسجلة في اليمن سنوياً ما يؤكد خطورة الوضع الوبائي للملاريا وضرورة إبداء المواطنين التعاون في مكافحة البعوض الناقل للمرض وتسلحهم بالمعرفة الأساسية حول المرض ونواقله وكيفية الوقاية منه ولجوئهم إلى وسائل الوقاية الشخصية التي تحميهم منه وأبرزها الناموسيات المشبعة بالمبيدات التي حرص البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا على توزيعها على الأسر في مناطق انتشار الملاريا ونواقلها من اجل حماية النساء الحوامل والأطفال دون الخمسة أعوام. وتعد أنثى بعوض ( الانوفليس) هي الناقلة للمرض - وليس الذكر - فهي تتغذي على دم الإنسان ولها قدرة على اشتمام رائحة الإنسان من مسافة طويلة تجد بها رائحة الكربون المنبعث من الإنسان وهي مزودة بجهاز استشعار حراري يعكس لها لون الجلد البشري إلى اللون البنفسجي ومزودة كذلك بجهاز تخدير موضعي يساعدها على غرز إبرتها على الجلد وسحب الدم دون أن يشعر بها الإنسان. متوسط عمر أنثى بعوضة ( الانوفيليس) يتراوح بين شهر وشهر ونصف وهي قادرة خلال فترة حياتها على وضع البيوض (15 مرة) وفي كل مرة - أي كل 48 ساعة - تضع ما بين ( 80 - 100 بويضة) حيث لا تضع بويضاتها إلا في المياه الراكدة النظيفة العذبة أو القليلة الملوحة وليس المياه الملوثة كمياه المجاري. والمياه النظيفة أفضل لبعوض ( الانوفيليس) بعدة أطوار تبدأ في الماء وصولاً إلى مرحلة البعوضة البالغة ويستغرق هذا حوالي (10 أيام ) في المتوسط متى وجدت ما يناسبها من حرارة ورطوبة. [c1]الأعراض وخطورة المضاعفات [/c]تشير المصادر الطبية إلى أن الأعراض والعلامات المميزة لدى الإصابة بالملاريا : الحمى الشديدة - التعرق بغزارة - البرودة ( قشعريرة ، رعشة) - الصداع الشديد - الم في المفاصل - فقدان الشهية ونقص الأكل نتيجة تغير طعم الفم فيصبح مراً - التقيؤ والغثيان - الإسهال احياناً - صعوبة النوم والاستيقاظ مع فتور عام. واحياناً تأتي مصحوبة بتشنجات وفقر الدم ، وقد يعاني المريض من مضاعفات جراء الإصابة تشكل تهديداً خطيراً للصحة مثل ( الفشل الكلوي - فشل عمل القلب - اصفرار العيون - اليرقان الناجم عن التكسر الشديد لكريات الدم الحمراء - الإغماء الشديد ... الخ). وكل من ظهرت لديه أعراض كهذه عليه أن يسارع فوراً إلى الطبيب وعمل فحص الدم ولو ثبتت الإصابة لديه بالملاريا وجب عليه استخدام العلاج الذي يصفه الطبيب بانتظام ثم معاودة فحص الدم مجدداً بعد أسبوع على الأقل من إكماله للعلاج حتى إذا لم يعد يشكو من أية أعراض. وتصنف منظمة الصحة العالمية الأطفال دون الخامسة من العمر والنساء الحوامل أكثر الفئات عرضة للمضاعفات والانتكاسات الخطيرة للملاريا واهم المضاعفات للملاريا عموماً المهددة صحة الإنسان:- الملاريا الدماغية - هبوط الدم الدوراني - فقر الدم الحاد - الارتفاع الشديد في درجة الحرارة - التشنجات العصبية - الفشل الكلوي- الإجهاض للحامل - ولادة أطفال ناقصي الوزن- الالتهاب الرئوي ( الاستقاء الرئوي) - الوفاة جراء المضاعفات الوخيمة[c1]المكافحة .. وأهمية الوقاية [/c]هناك وسائل مكافحة تقع على عاتق وزارة الصحة والبرنامج الوطني لمكافحة ودحر الملاريا مسؤولية تنفيذها بحسب تصنيفها لمناطق ودرجة توطن وانتشار الملاريا فيها وهي لا يمكن أن تحظى بنجاح عن مساندة أفراد المجتمع ومساهمتهم في مكافحة نواقل المرض بدورها وضعت منظمة الصحة العالمية تعريفاً للمكافحة المتكاملة للبعوض الناقل للملاريا مفاده «أنها الاستعمال الأنسب لكل التقنيات والأساليب بهدف التقليل من وجود الناقل مع مراعاة الجانب الاقتصادي» ولا تعني المكافحة المتكاملة استعمال أكثر من وسيلة فقط ولكن التكامل في استعمال النظم الهادفة إلى زيادة فعالية المكافحة. وعادة ما يتم تطبيق المكافحة ( الكيميائية - البيولوجية- البيئية) وتتكامل لتناسب الظروف المحلية والاحتياجات والموارد لبلوغ الحد الأقصى من الجدوى والفعالية بأقل كلفة. ولان اغلب بؤر البعوض الناقل للملاريا بما يمثل نسبة ( 65 %) هي من صنع الإنسان اشدد على ضرورة الوقاية من الإصابة بالملاريا ويفترض بالجميع في مناطق انتشار الملاريا ونواقله من البعوض في موسم انتشاره الاستعانة بوسائل المكافحة والحماية الشخصية التي تحد من انتشار وتكاثر بعوض الملاريا لخلق بيئة آمنة من نواقل المرض وذلك من خلال: إحكام إغلاق النوافذ والأبواب جيداً أو استخدام الشبك ( التل) على النوافذ والأبواب لمنع دخول البعوض. إحكام إغلاق خزانات المياه وعدم الاحتفاظ بمياه راكدة في أحواض الأشجار والشجيرات المنزلية أو بداخل الصفائح المعدنية والأواني وإطارات السيارات وكل ما يمكن أن تتجمع بداخله مياه الأمطار من الأشياء المرمية في أفنية المنازل أو بالقرب منها. تصريف تجمعات مياه الأمطار بطريقة صحيحة وردم الحفر التي تتجمع فيها هذه المياه.ردم البرك التي لايتم الانتفاع بها. النوم تحت الناموسيات المشبعة بالمواد الطاردة والقاتلة للبعوض خاصة بالنسبة للحوامل والأطفال دون سن الخامسة. [c1]التعاون مع فرق مكافحة الملاريا بالمنطقة[/c]كذلك يمكن استخدام أقراص التبخير الكهربائية والمبيدات الطيارة التي تعمل بالكهرباء لقتل البعوض أو أعواد الدخان المنفر والطارد لهذه الحشرة الكريهة وغيرها من الحشرات الضارة. ومن الممكن وضع التل أو الشبك على النوافذ وأبواب المنازل لمنع دخول البعوض أو إحكام إغلاقها في موسم انتشار البعوض إذا كانت بدون شبك قبل حلول الغروب حتى الصباح فبداية الليل عند مغيب الشمس وحتى انقشاع ظلمته بعيد الفجر يشكل الفترة الوحيدة التي ينشط خلالها البعوض وينقل المرض. من الممكن ايضاً - إذا لزم الأمر - استخدام المبيد الحشري بحذر شديد شرط إلا يلوث الطعام والشراب وإلا يتعرض له الأطفال كونه ساماً ومضراً ويلزمه لضمان فاعليته إحكام إغلاق النوافذ وأبواب الغرف التي ترش به لبعض الوقت دون البقاء فيها أو الدخول إليها حتى تهوى تماماً ويزول تأثير رائحة المبيد. [c1]المكافحة بالناموسيات [/c]قد لا يحسن البعض استخدام الناموسيات المشبعة مصنعياً بالمبيد التي حرص البرنامج الوطني لمكافحة ودحر الملاريا على توزيعها للفئات المستهدفة التي تشمل الأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل في مناطق توطن وانتشار المرض لذا لابد من إتباع الإرشادات الصحيحة والسليمة قبل استخدام الناموسية المشبعة بالمبيد من خلال : تعليق الناموسية الجديدة في الظل قبل الاستخدام لمدة ( 24 ساعة). تركيب الناموسية جيداً على شكل خيمة من أعلى السرير أو الفراش وتثبيتها جيداً بحيث لا تلامس الجلد والحرص على البقاء تحتها دون ترك منفذ لدخول البعوض من خلال إدخال أطراف الناموسية من جميع الجوانب تحت الفراش وذلك قبل مغيب الشمس حيث ينشط عقب هذه الفترة مباشرة أي عند المغيب وحتى الصباح. التأكد دائماً من خلو الناموسية من أي ثقوب أو تمزقات وترقيعها إن وجدت. تجنب إشعال النار قرب الناموسية أو تركها تحت أشعة الشمس حتى لا تضعف فاعلية المبيد الحشري في الناموسية. إبعاد الناموسية عن مياه الأمطار والأتربة وإبقائها بعيدة عن أيدي الأطفال العابثة وأفواههم. والأروع في هذه الناموسيات المشبعة منحها لمستخدميها المستهدفين نوماً هادئاً مانعة عنهم لدغ البعوض الناقل للمرض وبقية أنواع البعوض الناقلة لأمراض أخرى وكذلك الحشرات الضارة الضئيلة الحجم بل واحدة من أهم وسائل الحماية الفعالة لمنع نشر عدوى الملاريا عند بلوغ نسبة تغطية تزيد على (80 %) من مجمل السكان. وقد دلت على أهمية وفوائد استخدام الناموسيات المشبعة بالمبيد التجارب والدراسات العلمية وتوصلت إلى أن استخدامها أكثر فاعلية في الوقاية من الإصابة بداء الملاريا وهي سهلة الاستخدام تعمل على وقاية مستخدميها من الكثير من الأمراض ( كالليشمانيا- حمى الضنك - داء الفيل - الحميات النزفية) كونها تقضي ايضاً على أنواع البعوض المختلفة الناقلة لهذه الأمراض.
الملاريا .. تهديد خطير للحامل والوليد
أخبار متعلقة