إعداد/ محمد الدبعياعتماد اغلب الامهات على الرضاعة الصناعية حقيقة لا مراء فيها وواقع مسلم به على المستوى المحلي وعلى مستوى العالم أيضاً. وأن كان العالم الآن قد تجاوز جائحات أمراض عصفت بالبشرية على مر الأزمان والعصور الخالية، كالطاعون والجدري، بالقضاء عليها تماماً مع تنامي الوعي الصحي لدى الناس وإدراكهم للعديد من القضايا والمبادئ الصحية ونقلها إلى حيز التنفيذ والتطبيق في واقعهم المعاش، إلا أن مبدأ الاقتصار على الرضاعة الطبيعية لايحظى بالاهتمام إلى حد كبير في الدول المتقدمة والعالم أجمع مع ما يشهده من تطور سريع وتقدم مذهل في كل مناحي الحياة، ومنها الناحية الطبية والصحية، بينما معظم النساء وللأسف الشديد لايعرن للرضاعة الطبيعية وضرورة اقتصارها على الثدي خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل اهتماماً كافياً.والدليل على ذلك أن متوسط نسبة الرضع الذين يرضعون رضاعة طبيعية عالمياً لايتجاوز 39 % فقط، بل الأغرب في الأمر أن هذه النسبة لاتمثل سوى الرضع ممن لم يتجاوزوا أربعة أشهر من اعمارهم.[c1]فوائد الرضاعة الطبيعية[/c]ورد تحديد الفترة التي يحتاجها الطفل ليرضع من أمه بعامين في القرآن الكريم في الآية (233) من سورة البقرة .. قال تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن اراد أن يتم الرضاعة)، حيث تجلت حكمة المولى عز وجل في جعل هذه المدة هي الفترة اللازمة للنمو الصحي الأمثل للطفل لمن يريد لطفله الصحة والسعادة والسلامة، ولم يجعل فوائد الرضاعة الطبيعية تقف عند حدود معينة أو تعود على الطفل بالفائدة فقط بمعزل عن أمه بل جعل للأم نصيباً وأفراً من فوائدها المتنوعة.فبالنسبة للطفل الرضيع يعتبر حليب الأم الأفضل والملائم له منذ ولادته حتى اكتمال عامة الثاني بدرجة تغنيه عما سواه من الحليب بأنواعه المختلفة، مؤمناً له الحاجة الكاملة من الغذاء والماء في الأشهر الستة الأولى من عمره مهما كانت الأجواء حارة أو باردة، إذ انه غني بالعناصر الغذائية اللازمة لصحة الطفل ولنموه السليم مثل (البروتينات، الدهون، السكر، الفيتامينات، الحديد والماء) ويمتاز بنظافته وخلوه من الجراثيم والميكروبات واحتوائه على أجسام مناعية مضادة تساعد جسم الطفل على مقاومة الالتهابات كالتهابات الجهاز التنفسي والرشح والسعال، ويعمل على الوقاية من الاسهال ومن الاضطرابات الهضمية وسوء التغذية وعلى الحد من فرط الحساسية وخاصة الربو، وكذلك يوفر للرضيع حماية كاملة من الإصابة بمرض الحصبة على مدى الأشهر الستة الأولى من عمره، ويشعره بالدفء والحنان.من جهة أخرى تحقق الرضاعة الطبيعية فوائد حقيقية ملموسة للأم حيث تساعد على تأخير الحمل بتأجيلها الدورة الشهرية، إلا أنها بحد ذاتها ليست وسيلة مضمونة لتنظيم الأسرة.كما تساعد على تقلص الرحم وعودة الجهاز التناسلي للأم إلى وضعه السابق قبل الولادة، وتقلل من نسبة الإصابة بسرطان الثدي إضافة إلى أنها تضع عن الأم الكثير من العناء والجهد والوقت الذي يتطلبه تحضير وتنظيف وتعقيم زجاجات الارضاع.وعلى المستوى النفسي تشكل الرضاعة الطبيعية علاقة حميمة بين الأم وطفلها منذ الولادة محدثة استجابات حسية وعقلية بصورة مشتركة فتكون العاطفة في ابهى صورها، ويتنامى معها الاحساس عند الأم وتتحرك فيها نوازع الأمومة في مزج متكامل من الرحمة والمشاعر المتوهجة. ومن الناحية الاقتصادية يعود حليب الأم بالنفع على الأسرة كونه مجاناً وجاهزاً في كل الأوقات، ويخفض النفقات اللازمة لشراء أدوية لعلاج الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالرضاعة الطبيعة[c1]إرشادات ونصائح للأم[/c]تشكل الرضاعة بالزجاجة خطراً على صحة الطفل لسرعة تلوثها وتسببها في الاسهالات والأمراض المعدية، أما حليب الأم فهو نعمة من الله سبحانه وتعالى ويجب أن نحرص عليه وألا نحرم أطفالنا الرضع منه.وبطبيعة الحال تحتاج الأم الى المساعدة والنصح متى بدأت للمرة الأولى بالارضاع خاصة عند ارتزاقها المولود الأول كأن تستعين بامرأة خبيرة ممارسة لنيل النصح والإرشاد وتفادي الصعوبات وحل أي مشكلة تطرأ.وللتأكد من حصول الطفل على ما يكفيه من حليب الأم تحتاج الأم إلى ما يلي:ـ الوثوق بقدرتها على الإرضاع المقتصر على الثدي ومن ان حليب ثدييها أكثر آمناً وسلامة لطفلها الرضيع، ففيما يفسد حليب البقر أو الحليب الصناعي بعد ثلاث ساعات إذا وضع خارج الثلاجة يمكن أن يظل حليب الأم مدة لاتقل عن ثماني ساعات.ـ الشروع في الإرضاع من الثدي فور الولادة ولاتنتظر أكثر من نصف ساعة، لأن الرضاعة بهذه الكيفية تزيد من إنتاج الحليب، إضافة إلى أنه في الأيام الأولى بعد الولادة يفرز الثدي سائلاً رائقاً مائلاً للصفرة يسمى اللبأ .. هذا السائل يفيد الجهاز الهضمي للطفل في تعويده على تقبل الغذاء وهضمه ويوفر له حماية ضد الأمراض الشائعة.ـ التأكد من أن الرضيع يلتصق بالثدي بطريقة صحيحة حتى يرضع بشكل فاعل.ترك طفلها يكرر الرضاعة كثيراً كلما رغب في ذلك سواء في الليل أو النهار وللفترة الزمنية التي يرغب فيها فتكون الرضاعة وفقاً لرغبة الرضيع .. وينبغي التنبه هنا إلى أن بكاء الرضيع لايعبر دائماً عن حاجته للحليب، فقد يكون مبللاً أو ما شابه، أو أنه يعاني من المغص أو من ألم في موضع من جسمه، أو أنه بحاجة إلى أن يحمل ويحتضن، أو أن حاجته لمص ثدي أمه ليشعر بالأمان والاطمئنان النفسي.ـ الحرص على أن تتخذ وضعية جلوس مريحة لها ولطفلها أثناء الإرضاع ووضع رأس الطفل على أحد ذراعيها وإسناد ظهره بذراعها الآخر، على أن يكون ظهره عند مستوى أعلى من جسمه، فإذا لم يناسبها الجلوس وخاصة بعد الولادة أمكنها إرضاع مولودها وهي مستلقية على أحد جانبيها بحيث تسند ظهرها وظهر الطفل بالوسائد، وقبل البدء بالارضاع ينبه الرضيع إلى الحلمة بحيث تلامس إحدى وجنتيه وتنحني ميلاً إلى الأمام وتسند بكفها ثديها مع إحاطة الحلمة باصبعيها (السبابة والوسطى) كي يتمكن رضيعها من التنفس ولايتعرض للاختناق، كما يجب أن تتنبه الأم من أن فمه يطبق على حلمة الثدي وجزء من الهالة السوداء المحيطة بها فإن هذا يساعد على إدرار الحليب بسهولة ويقلل من حدوث التهابات الحلمة.ـ يبقى على الأم أن تهتم بتناول المواد الغذائية المساعدة على إدرار الحليب كالبروتينات الموجودة في اللحم والحليب ومشتقاته والأسماك والدجاج، وان تكثر من أكل الخضروات والفواكه المؤمنة للأملاح المعدنية والفيتامينات، وكذا البقوليات مثل الفاصوليا والعدس والبازيلياء، ومواد الطاقة كالنشويات والسكريات والدهون، وان تشرب كميات مناسبة من الماء كي لاتعطش، على أن تتجنب البهارات والبسباس، وأن تقلع عن التدخين وتخفف من المنبهات كالشاي والقهوة.وينبغي التنبه إلى مسألة وهي أن الطفل الرضيع قبل الشهر السادس من عمره لا يعطى أغذية صلبة على الإطلاق لأنها لا تستبدل بكمية الحليب الذي يرضعه من الثدي، كما أنه سرعان ما يشبع ولايشعر بالجوع فيتغذى على كمية اقل من حليب الثدي، وبهذه الكيفية يقلل إدرار الحليب لدى الأم ويقل ما يحصل عليه الرضيع من الغذاء ولاينمو نمواً جيداً، وبالتالي قد يصاب بالاسهال ويفقد الوزن.كما يظل من النادر جداً توقف ادرار الحليب لدى الأم المرضع فالله سبحانه وتعالى قد حباها بقدرة على تغذية طفلها من ثديها وجعل زيادة كمية ادرار الحليب متوقفاً على زيادة عدد مرات الارضاع، ولايمكن حدوث توقف للحليب إلا في حالات مرضية معينة فقط .. عندها يجب مراجعة الطبيب لتحديد السبب وعلاجه ولوصف الحليب البديل والمناسب، وفي هذه الحالة يجب أن تحرص المرضع على اتباع التعليمات التي يحددها الطبيب وكذلك التعليمات الموضحة على علبة الحليب قبل استعمالها.خلاصة القول .. ينبغي التأكيد على أهمية الرضاعة الطبيعية وضرورة اقتصارها خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع على حليب الثدي سواء حصل عليه من أمه أو من مرضعة اخرى أو ما كان منه معتصراً من الثدي، فهو يوفر كل ما يحتاج إليه الرضيع من غذاء وما يحتاجه من ماء حتى عمر ستة أشهر دون أن يعطى اية أغذية أو مشروبات إضافية، فكل البدائل الأخرى كالحليب الصناعي وحليب البقر وجميع المشروبات والأنواع المختلفة من اغذية الأطفال لاتشتمل على المقومات والعناصر الغذائية التي يحتويها حليب الأم، وانما تقلل من كمية الحليب التي يرضعها الطفل من صدر أمه لانه يشعر معها بالشبع ما يؤدي إلى ادرار اقل للحليب، ويستثنى من هذه الموانع القطرات من الشراب الطازج المحتوي على الفيتامينات والمعادن الإضافية، وكذا الأدوية عند اللزوم.أما بعد الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع فيجب أن تستمر الرضاعة من الثدي إلى أن يكمل عامه الثاني يضاف إليه اغذية مكملة مناسبة بشكل تدريجي ليتهيأ لها جهازه الهضمي شيئاً فشيئاً.
الرضاعة الطبيعية .. لصحة طفلك في صغره وكبره
أخبار متعلقة