سبل النجاح لحوار الأشقاء متوفرة إن صدقت النية عكس حوار الأعداء الذي يخيم عليه الفشل، هذا في حالة استطعنا أن نتحاور بعد أن نصبح أعداء، فلماذا إذاً لا نجتمع لنتحاور على طاولة مستديرة؟ مع جو مفعم بالأخوة والألفة والشعور بالندم على ما فات، وعلى ما أضعناه من فرص وما نتج عن ذلك من أزمات طاحنة أضرت بالبلاد والعباد.ولماذا لا نتحاور كأشقاء قبل أن نصبح أعداء وبالتالي يصعب علينا حتى إيجاد السبل التي تجمعنا لنتحاور بعد أن أصبحنا أعداء؟وأنا هنا أدعو النظام والمعارضة على حد سواء إلى أن يغلبوا المصلحة العليا للوطن، لأن اليمن أغلى وأسمى من أن تتسبب في انهياره شلة فاسدة.وأنا هنا أجزم وأؤكد أن حل مشكلة اليمن، ليس في تنحي الرئيس، فما تعانيه اليمن معضلة كبيرة لا تخيف اليمنيين وحدهم بل الأشقاء والأصدقاء أيضاً، ومن يتوارون الآن خلف الثورة، ليسوا أبرياء من وصول اليمن إلى هذه الحالة، بل إن لهم النصيب الأكبر والشعب اليمني يعلم ذلك تماماً، ويعرف الذين يحاولون التبرؤ من النظام في الوقت الراهن والاختباء خلف الثورة ظناً منهم أنهم سيبيضون صحائفهم السوداء أو أن الشعب سيغفر لهم، وأنا لا أريد أن أكون متحيزاً للرئيس أو للنظام باعتباري أدعو إلى الحوار لكنني أعتبر هذا التحيز جزءاً من التحيز للحق، لأن الحوار الذي أدعو إليه، لا يمكن أن يلقى النجاح الذي نريده، إلا في حالة من المكاشفة والصراحة والشعور بالذنب والخوف من القادم المجهول.وما الضير في أن يشعر الأخ بالندم والذنب إن كان قد أساء أو أخطأ بحق أخيه سواء أكان رئيساً أو مرؤوساً، لأن ذلك سيوفر الألفة والنجاح لأي حوار خاصة وأن الذي نتحاور من أجله هو الوطن الغالي الذي يهون من أجله أغلى ما تملك، دون مكابرة أو تعالي، كما أن التسامح شرط من شروط إنجاح الحوار.كما أقول لأحزاب (اللقاء المشترك) والنظام إن عليهم أن يتساموا فوق الأنانية والمماحكة السياسية، كون الوطن وشعبه في رقابهم والشعب اليمني سيسامحهم على ما اقترفوه، إذا ما تحاوروا وجنبونا الانزلاق نحو المجهول.إن الجراح التي تدمي قلوب اليمنيين، تهون إذا ما كان ذلك سيسلم اليمن من الغرق، لكن التاريخ لن يرحم من يتهرب من الحوار، ويجر الوطن إلى حرب أهلية طاحنة تحرق الأخضر واليابس.إن على عقلاء اليمن حكومة ومعارضة أن يتحملوا مسؤوليتهم أمام الله سبحانه وتعالى، والجلوس على طاولة حوار لإنقاذ اليمن وأهله، كما أنني أدعو إلى أن يشمل هذا الحوار كل فئات الشعب اليمني، بمن فيها المواطن العادي فهو صاحب الهم الحقيقي، وهو من يدفع ضريبة ما يجري، وإذا ما وفق الله وتحاورنا، فيجب علينا أن نجلس على طاولة الحوار، ونحن متجردون من الأنانية، مع شعور بالمسؤولية نحو اليمن وشعبه، إن علينا أن نتحاور تحت شعار (ليس فينا بريء) فالبريء هو الوطن وحده، وكيل التهم لن يفضي إلى إنجاح أي حوار، كما أنه لن يبيض صحائفنا ويسود صحائف الآخرين، ومن يملك الحكم عليكم هو الشعب وحده، وهو من يصدر حكمه في كل عملية انتخابية، والشعب لا يعير أدنى اهتمام لمن يحاولون التنكر للرئيس أو للنظام، لأن المعارضة أو المنشقين عن النظام جزء لا يتجزأ منه.إننا نريد حواراً يجنب اليمن الفوضى، وتكون نتائجه كالحوار الذي جرى بداية الثمانينيات، وانبثق عنه الميثاق الوطني، والمؤتمر الشعبي العام الذي كان سبباً في استقرار اليمن السياسي حتى وقتنا الحاضر.ختاماً أقول إن من سيتحمل المسؤولية، في حال أنزلق الوطن نحو المجهول، هو من يتهرب من الحوار، من يضع شروطاً لأي حوار، إضافة إلى أن الشعب، سيرد الجميل لمن يجنب وطنه الفتنة، فلتترفعوا ولتسموا بأنفسكم فالوطن على المحك، والشعب اليمني لم يعد يعبأ بما تقولون في ساحات الاعتصام، أو بما يقوله حتى المسؤولون الحكوميون إن ما يريده الشعب الآن هو الاجتماع على مائدة الحوار، وتجنيب اليمن الفتنة، وإذا ما فعلتم ذلك، حينها سيصدر الشعب حكمه، من خلال صناديق الاقتراع، إن الشعب اليمني يعيش كابوساً مرعباً خوفاً على وطنه، متناسياً جراحة وآلامه، وما يهمه اليوم هو وطنه، كما أن الشعب ليس بصدد إصدار الأحكام، فهو يميز بين الغث والسمين، وما تقولونه أو تصرحون به ، لا يجد له آذاناً مصغية عند الشعب، نظراً لما يعتريه من خوف على منجزاته، وإن أردتم أن أصدر حكمي كمواطن عادي، فإنني سأحمل مسؤولية الانحدار نحو المجهول كل من يتعنت بموقفه، أو يتهرب من الحوار، كما أنني لن أسلم لكم بشرعية استلامكم الحكم عبر الشارع ، في حالة لا سمح الله اختار الرئيس التخلي تجنباً للفتنة، وأنا لا أخفي خشيتي من ذلك لأننا عهدناه وطنياً ينحني أمام مصلحة وطنه وهكذا سيكون حكمي وحكم الملايين عليكم لأن هذا سيعتبر استلاباً وليس استلاماً، بل إنكم بهذه الطريقة ستسلبون الشعب حقاً ليس لكم.يجب عليكم أن تعوا ذلك تماماً.. إنكم لو اخترتم الوصول للحكم بغير الانتخابات ، ستكونون في نظر الشعب مجرد لصوص، وستؤسسون طريقاً غير سوي للوصول للسلطة، إذاً فليس لكم مفر من الانتحار السياسي والانزلاق بالوطن إلا بالحوار وبالحوار وحده.
استبقوا حوار الأعداء بحوار الأشقاء
أخبار متعلقة