تونس / العربية نت : لم يكن يوم الثلاثاء 19 أبريل يوما عاديا لفادية الحمدي (المتهمة سابقا بصفع محمد البوعزيزي السبب الأول لاندلاع الثورة الشعبية في تونس) ولا لعائلتها التي انتظرت بفارغ الصبر قرار المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بخصوص قضية ابنتها وتبرئتها من تهمتي اعتداء موظف عمومي على مواطن أثناء مباشرته لوظيفته والقذف العلني .. موقع “العربية.نت” قابل العائلة قبل وبعد الإفراج عن ابنتها، وتحدث إلى البعض منهم.بعد الإفراج عن فادية و عودتها إلى منزلها شهدت منطقة المكناسي من محافظة سيدي بوزيد حركة غير عادية؛ أفواج من المهنئين من الأصدقاء ومن غير الأصدقاء زغاريد وشعارات تهتف بالحرية وباستقلالية القضاء والكل مبتهج بقرار المحكمة.العم الطاهر الحمدي (والد فادية) تغيرت ملامحه وهو يردد كلمة “الحمد الله يا ربي” ويؤكد أن قضية فادية كانت كالكابوس الذي يؤرقه ليلا نهارا، وأن كل الكلمات ربما تعجز عن وصف سعادته بهذا القرار المنصف والعادل على حد تعبيره.
توافد الجيران لتهنئة العائلة
من جهته أفادنا فتحي (شقيق فادية عامل بالقطاع الفلاحي وعمره 38 سنة) أن فرحته لا توصف، واستبشارا بالحدث قام بذبح خروفين وسيذبح الثالث هذه الليلة.فتحي كان بالأمس في باحة المحكمة وهو الذي نقل خبر براءة فادية بالهاتف إلى والدها وأخبرنا بأن تلك اللحظات بكل ما فيها من مشاعر مختلطة بين الخوف والانتظار والفرحة لن تمحى من ذاكرته أبدا. فالتضامن الكبير من المواطنين مع فادية واللحمة الكبيرة مع عائلتها لم تكن متوقعة حسب رأيه لأن الإعلام لم ينصفهم، وأظهر فادية في صورة الجلاد بالرغم من براءتها.العائلة شهدت أيضا زيارة أعداد كبيرة من زملاء فادية من محافظة سيدي بوزيد ومن محافظات أخرى مثل نابل وتونس العاصمة زيادة على الوفود الإعلامية الكثيرة التي حاولت التحدث إليهم ولكن العائلة قررت عدم التعاون مع من “غالطوا الرأي العام وظلموا فادية” على حد قولهم.من جهتها ترددت فادية في البداية في الحديث إلينا، ثم قبلت وكانت ملامح التعب وآثار اعتصام الجوع واضحة عليها، وكلما سألناها عن الماضي تجهش بالبكاء، وكانت تردد باستمرار “الحمد لله، هذا ابتلاء من الله سبحانه”.
فادية الحمدي
وتؤكد فادية أن عملية اعتقالها لم تكن بقضاء قانوني بل بقرار سياسي من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ورغم ذلك فالكل متعاطف معها في سجنها حتى السجينات والكل يعتبرها “ضحية وكبش فداء” وكانت تحظى باحترام وتقدير الجميع، فحتى يوم خروجها من السجن الكل يودعها بالبكاء فرحا ببراءتها وأملا في أن ينصف القضاء بقية المظلومات.وفي سؤالنا عن قرار المحكمة بالبراءة وهل كان متوقعا بالنسبة لها أم لا أفادتنا بأنها كانت خائفة قبل 14 يناير، لكن بعد الثورة كانت متأكدة أن القضاء سيكون نزيها ومستقلا وسينصفها بالتالي. ورغم ذلك فليلة النطق بالحكم لم تستطع النوم لأكثر من ساعتين، وكانت كل أفكارها مشوشة وتحس بالضيق والقلق وكلما تذكرت والديها تزيد حيرتها.وبخصوص اعتبار بعض الناس لها بأنها بطلة وبان قضيتها هي التي أطاحت بنظام بن علي قالت فادية “أنا لست بطلة بل إنسانة عادية ظلمتها الأقدار وأنصفها القضاء، ولا أدعي أبدا البطولة” إنما الأبطال الحقيقيون “من ساندوني وأمنوا ببراءتي” وخاصة محاميتها. وفي حديثنا مع الأستاذة بسمة ناصري المناصري (محامية لدى الاستئناف) التي ترافعت في قضية فادية حمدي، أكدت لنا أنها ترافعت مجانا لصالح فادية لا طمعا في الشهرة ولا في المال، فقط لأنها آمنت ببراءتها ولأنها تعرف فادية بصفة شخصية بحكم الجوار.وفي سؤالنا عما إذا كانت براءة فادية بفضل الشهود الذين شهدوا لصالحها أم بفضل إسقاط الدعوة من طرف والدة الراحل محمد البوعزيزي أفادتنا المناصري بأن الإسقاط لا علاقة له بالملف “فنحن لم نطلب الإسقاط ولسنا في حاجة له” وقرار المحكمة بعدم سماع الدعوة راجع لعدم توفر أركان الجريمة. أما الإسقاط فيعني الإدانة مع التخفيفولذلك فإن قرار المحكمة هو قرار مبني على البراءة لا على شيء آخر.