* ما إن أعلن الإخوة في دول الخليج عن مبادرتهم لتقريب وجهات النظر بين السلطة والمعارضة واستيعاب مطالب الشعب اليمني بكافة مكوناته ، حتى استبشرنا جميعا باقتراب الفرج الذي يقشع الغمة ويزيل الخوف الذي أصبح جاثما على صدر كل يمني غيور على بلده وأمته ، الخليجيون أدركوا كغيرهم من دول العالم خطورة الوضع وان التغيير على وفق الأجواء المشحونة لن يكون سلميا ، وستصل آثاره إلى ابعد من دول الخليج ذاتها ، لهذا كله تمثل الحرص الخليجي الذي رأى في اجتياز اليمنيين لازمتهم نجاة لهم في المقام الأول .* كما يقول إخواننا المصريون (الحلو ما يكملش ) وهذا ينطبق تماما على حلاوة المبادرة الخليجية ، ما عكّر روعتها المواقف الاستباقية لرئيس الوزراء القطري الشيخ حمد الذي خلط الأوراق وقلب طاولة الحوار قبل أن يلتئم الشمل ، فتصريحاته التي طالب فيها تنحي الأخ الرئيس لم تكن لتخدم التوجه الخليجي إطلاقا ، وكان صمته أفضل بكثير من تصريحاته المستفزة حتى وان كانت المبادرة الخليجية تحمل بعض الرؤى مما ذكر، إلا أن ذلك كان يمكن أن يناقش عندما يجتمع الإخوة مجددا على طاولة الحوار ، وحينها سيتم التفاوض وسيطرح كل طرف مطالبه بحضور الوسطاء ، ولكن التصريح القطري خططَ له ليخلق استفزازا داخل السلطة يقود إلى خلق مواقف أكثر تشنجا بعد أن كانت الأمور تسيير نحو التهدئة وبعد أن بدأت بوادر الأمل تتلألأ في الأفق قبل ان يمحو معالمها الإخوة في قطر .* لست أنكر وجاحد من ينكر المواقف النبيلة والأخوية التي كانت تكنها قطر لليمن قيادة وحكومة وشعبا ، وأنها كانت المساند الأكبر لتوطيد الوحدة اليمنية عندما قرر البعض الارتداد عنها ، وكم اكبر اليمنيون المواقف القطرية التي ساندت اليمن في الكثير من المحافل وكانت داعمة لها بدون منٍّ أو طلب شكر ، ولكن تلك المواقف انقلبت بدءاً من تقوية قطر جانب الحوثي ضد الدولة وتم ذلك بضعف كبير من الدولة التي جعلت من فئة ندا لها ، ولان الأمور لم تسر وفق الرغبة القطرية الرامية لان يكون الحوثيون سهما في خاصرة البعض ، ولان قطر أرادت أن تقطع اليمن أي علاقة ارتباط مع دول شقيقة أخرى، متناسية أن ما يجمعنا بها هو أكثر بكثير مما يجمعنا بقطر ، ولعل عدم حضور الأخ الرئيس للقمة التي أقيمت في قطر والتي قسمت الموقف العربي وحضوره بعدها للقمة الاقتصادية بالكويت جعلها تأخذ موقفا مغايرا منه وعكسته بعد ذلك على الشعب كله .* يبدو أن المواقف القطرية تجاه اليمن سواء سلبا أو إيجابا ليس من اجل الصالح اليمني ، وإنما بناء على المواقف الخليجية الأخرى من اليمن وموقف اليمن مع أشقائها الخليجيين ، فعندما ساندت قطر الوحدة اليمنية أرادت أن تضرب مواقف بعض الدول الأخرى ولتظهر أنها الوحيدة المحبة لليمن ، وعندما اظهر الخليجيون رغبتهم في لم الشمل اليمني وحين أحست بأن تلك المساعي ستنجح سارعت عبر رئيس وزرائها إلى إشعال أزمة جانبية تستثير بعدها بقية دول الخليج ، لأنها تدرك أن الرد اليمني لن يخرج عما قاله الأخ الرئيس ، لان قطر أرادت أن تظهر له وللعالم بأنها هي من تفرض التغيير في اليمن وفق شروطها ورغبتها ، تماما كما فعلت في مصر حين أسقطت حالة العداء مع الرئيس المصري محمد حسني مبارك على نظام بأكمله .* اجزم بأن الإخوة في الخليج سيسرعون إلى معاتبة الإخوة في قطر و إن لم يكن ذلك في العلن ،لأنهم أدركوا من خلال ما قالوه ماذا يريدون بالضبط ، خصوصا وان تصريحات الأمين العام لدول الخليج ووزيري خارجية الإمارات و الكويت كانت ايجابية جداً وساهمت إلى حد كبير في قبول السلطة والمعارضة للحوار في الرياض ، ولو أن قطر أو أي دولة أخرى أظهرت موقفا متعنتا لموقف المعارضة أو شباب التغيير لكانت ردة فعلهم مطابقة لرد الأخ الرئيس .* الأخ الرئيس إنهم يحاولون استفزازك بكل الطرق داخليا وخارجيا ، يلعبون على أوتار حساسة تتمثل في كبريائك وثقتك وعدم رضوخك لمطالب الغير لا سيما إذا كان ذلك التدخل فيه مساس بكرامة وشيم وقيم الشعب اليمني ، ولكني ادعوك وهي دعوة المحبين والمخلصين لك إلى عدم الاستجابة لهم وألا تجاريهم فيما يريدونه ، فهم يريدون استثارتك ليحتجوا للعالم بردة فعلك تجاههم ، فلا تمكنهم من مآربهم ، فمساعيهم أضحت مكشوفة ، ولكن في الوقت ذاته استمر في نهج الحوار الذي بدأته فهذا النهج هو الذي يثير حفيظتهم ، ويزيدهم تخبطا فوق تخبطهم .* فخامة الأخ الرئيس .. ندرك تماما انك تريد تسليم السلطة ، وندرك انك حريص على أن تختتم مشوارك السياسي كقائد شجاع لا يريد تسليم بلاده للفوضى بل عبر اطر دستورية، ولكني انقل لك رأي كل محب لك من أقصى اليمن إلى أقصاه ، حريص مثلك على تاريخك الطويل ، ويقول لك كل محب لك غير منتفع منك، أنت رجل شجاع وشجاعتك تجعلك قادرا على تسليم السلطة للنائب عبدربه منصور هادي أو أي شخص تختاره أنت لأن من سيقود أي مرحلة بعدها هو من اخترته أنت ليقود هذا الشعب ، ولا تستمع للمعادين الذين يريدون أن يشوهوا مشوارك الحافل بمنجزات كثيرة ، ولا المخادعين الذين لا يهمهم بقاؤك إلا بقدر استفادتهم هم فقط ، ورجاحة عقلك وسماحة قلبك وذكاؤك الفطري هي فقط من ستجعلك تختار ما يبقيك حيا في نفوس الجميع معارضيك قبل مؤيديك ليس في عصرنا الحاضر فقط بل في العصور المقبلة .* للإخوة في الخليج: إنكم على أعتاب مرحلة حساسة ودقيقة في تاريخ استقراركم ، فلو أكلت الفتنُ اليمنَ اليوم ستتذكرون المقولة الشهيرة ( أُكلت يوم أكل الثور الأبيض) ، فاجعلوا من مبادرتكم مفتاحا للخير مغلاقا للشر ، وانتم قادرون بتجاوب الخيرين في السلطة والمعارضة على تقريب وجهات النظر والخروج بحلول تقودنا إلى يمن جميل ، وقولوا الحق للجميع ، ولا تجعلوا بينكم طرفا للخلاف بل كونوا جميعا على كلمة سواء مفادها نحن جميعا مع اليمن أرضا وشعبا لان الأشخاص متغيرون والأرض والشعب هم الباقون .
المبادرة الخليجية .. والرغبة القطرية
أخبار متعلقة