يبدو واضحاً وجلياً أن الشعب اليمني عازم على تأكيد وجوده انه مختلف ورافض لأية محاولة لجعله تكملة عدد أو رقماً هامشياً في ظل ما يحاك لبلده ، وهاهي جمعة الإخاء تتجاوز جمعة التسامح بتعداد المحتشدين إلى الساحات والميادين في عموم المحافظات ومن عموم المديريات ، حيث هب الملايين على قلب رجل واحد يرفضون الفتنة والعنف والتمزيق وخطاب الزيف ، ويدعون إلى الحوار والتفاهم ، ويردون على من يقلل من شأن اليمنيين ويصفهم بالمرتزقة والبلاطجة .لقد خرج اليمنيون في جمعة الإخاء وجمعة التسامح ليعلنوا للعالم أجمع من جديد بصوت قوي وهادر أن الأغلبية الساحقة تؤيد الشرعية الدستورية ولن تسمح لأي كان أن يزور إرادتها أو يعبث بأمن البلد واستقرار الوطن ، ولن تترك الفرصة لمرور أو تمرير أي مشروع انقلابي مهما كان الثمن ومهما كانت التضحية.نعم لقد صمتت هذه الجماهير كثيراً ، ليس خوفاً أو جبناً ولا تهرباً من تحديد موقف جاد وحاسم ، ولكنها الحكمة اليمانية التي جعلتها ترقب الموقف وتتأمل التداعيات والتبعات ، وليس خافياً أن كثيرين من أبناء الشعب اليمني كانوا يتعاطفون مع الشباب المعتصمين ويؤيدون مطالبهم المشروعة ويؤمنون بحق هؤلاء الشاب في العمل السلمي حتى ينتزعوا ما هو حق مستحق لهم ، لكن تطورات الأحداث كشفت للجميع أن ما يحدث في ساحات الاعتصام لم يعد مجرد عمل سلمي مشروع لانتزاع مطالب حقيقية مشروعة ، بل تجاوز ذلك إلى العمل الحزبي التآمري غير السلمي ، الذي كشفت عن تفاصيله وخباياه كثير من الشواهد والأحداث، بدءاً بسيطرة الأحزاب على منصات الساحات وإعلام الاعتصامات ، مروراً بصفقة الأسلحة التي أحبطتها شرطة دبي، وبانضمام قيادات عسكرية ومدنية - حولها علامات استفهام كثيرة وكبيرة - إلى صفوف المؤيدين للشباب ، وليس انتهاءً بتلك التصريحات المستفزة التي أطلقها قياديون في المشترك ودعوا من خلالها للزحف إلى غرف النوم ، ووصموا أبناء الشعب اليمني بـ «المرتزقة - البلاطجة - المأجورون... الخ».كل هذا يأتي في الوقت الذي سارع الرئيس علي عبدالله صالح إلى تقديم المبادرة تلو الأخرى والتي أسقط من خلالها كل ذرائع المشترك ، وأكد استعداده لتلبية كافة مطالبهم بطرق سلمية وعن طريق الحوار، لكنهم قابلوا كل ذلك بالتصلب وبمزيد من التشدد والتطرف.هذه الأحداث والتداعيات رافقتها أعمال استفزازية خطيرة على نحو ما حدث من تسليح لمليشيات الإخوان المسلمين (الإصلاح) في محافظة عمران وغيرها ، وقيام قيادات عسكرية - أعلنت تأييد المعتصمين - بسحب القوات المسلحة من صعدة وتسليمها للحوثيين ، والتحام مليشيات القاعدة بعناصر التخريب للانقضاض على مواقع عسكرية ومنشآت في أبين، الأمر الذي أكد للشعب اليمني أنه لم يعد ثمة خيار سوى الخروج عن دائرة الصمت والمسارعة إلى حماية اليمن والتصدي للفوضى، والدفاع عن الشرعية الدستورية.وها هو الشعب اليمني في جمعتين متتاليتين يخرج إلى شوارع وساحات العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات ليقول لكل من يعي ويفهم أنه عازم على حماية بلاده وشرعيته وإرادته وخياراته الدستورية السلمية ، وأنه لن يسمح لأي كان أن ينقلب على الدستور والشرعية أو يتجاوز إرادة الشعب ، صاحب القول الفصل والإرادة الأكبر والأقوى.إذاً فقد حصحص الحق الذي حسم موقف الشعب وأخرجه عن صمته ، وما على أولئك المهرولين خلف شعارات الفوضى وخيارات العنف إلا أن يعودوا إلى رشدهم ويحتكموا للعقل والمنطق ويراجعوا مواقفهم من شعب اليمن الذي أصبح في الواجهة وصاحب المعركة الحقيقية.
الشعب.. صاحب القول الفصل
أخبار متعلقة