صباح الخير
يفترض بالأسرة الصغيرة أن تكون الملاذ الأول الذي يشعر داخله الأبناء بالأمان، على اعتبار أنها المشرفة الأولى على توجيه سلوكهم ونموهم وتكوين شخصيتهم، وكلما كانت العلاقة بين الأبناء وآبائهم حميمية ومبنية على الحوار الدائم والاحترام المتبادل، نشأ الأبناء بشكل سوي، إلا أن الذي يحدث أن معظم الأسر صارت تشرك أبناءها في مشاكلها الخاصة سواء عن قصد أو عن غير قصد، وهو ما يؤثر سلبا على سلوك الطفل وعلى دراسته، بل حياته المستقبلية.وعند محاولتي الاقتراب من أطفال ضحايا لصراعات أسرية ومساعدتهم على المضي قدما من خلال الدفع بهم وتشجيعهم من اجل تحسين تحصيلهم الدراسي دون التأثر بمشاكلهم الأسرية وآثارها النفسية والعاطفية عليهم في المستقبل ،استطعت التعرف على بعض احتياجاتهم التي كانوا يعرضونها على آبائهم والمتمثلة في الرغبات الخاصة من الاستقلالية وحيث ان كل واحد منهم يريد ان يكون له غرفة خاصة به وأشياء كثيرة لا ضرورة لها، وخزانة مليئة بالألعاب و بأبهى الثياب ،باحتياجات ابنائهم الحياتية والنفسية من حب وحنان وتربية وتعريفهم الأصح من الخطأ ،فمن الضروري والمهم توفير الجو الهادئ لمساعدتهم على التركيز من أجل تفوقهم الدراسي والمضي قدما إلى النجاح.حيث يشغل الوالدان بالمشاحنات، ويتناسيان أن أطفالهما رابضون في ركن من البيت ينصتون ويستوعبون كل ما يحدث ولو استطاع الوالدان تجنب الخلافات بينهما وينتبها لأولادهما، لتابعوا دراستهم وبتفوق ونجاح دون أي تراجع مستواهم في التحصيل الدراسي.وعندها توجهت بسؤال إلى أب في الأربعين من عمره عن أسباب تدني مستويات التعلم أولادنا فأكد لي أن للمشكلات الأسرية تأثيراً كبيراً على التحصيل الدراسي لأبنائنا مشيرا إلى أن الصغار يستطيعون في سن معينة استيعاب ما يدور حولهم، وفي محاولة له في إقناعي بذلك ضرب مثلا بنفسه، فقال:((إن المشادات الكلامية غير المتناهية كانت تؤثر عليه داخل البيت وخارجه’’، فيجد نفسه وبالقوة يفكر في سبب الصراعات التي تتطور في بعض الأحيان إلى تشابك بالأيدي بينه وبين زوجته أمام أطفاله دون تفكير وإدراك منهما بخلفية هذا الصراع وما يترتب عليه من أمور نفسية خطيرة لذى ابنائهم، ويتمنى لو استطاع الهروب من المنزل ليرتاح قليلا عن مضايقات زوجته له ولكنه يفكر بأطفاله ولا يستطيع تركهم ببساطة)).بينما كان هذا الآخر هو احد ردود الأفعال لأب يعاني من الاضطرابات الأسرية مع زوجته وعن الأسباب التي دفعت بابنه إلى النفور من المدرسة وتدني مستواه الدراسي ، حيث أخبرني انه لا يتوانى بقيامه بكل واجباته كرب أسرة لتوفير كافة احتياجاته ومستلزمات أسرته المادية من ملبس ومأكل دون أن يفكر بالشيء الأهم ألا وهو الحب والحنان ومراقبة ومتابعة ابنائه...، وبين تبادل الاتهامات هنا وهناك نجد أن الضحية هم الأبناء بجلوسهم أمام شاشات التلفزيون لساعات طويلة لغياب أشخاص يحثونهم على الاهتمام بواجباتهم المدرسية وافتقادهم إلى النصيحة والتوجيه من قبل والديهم.وبالأخير نؤكد أن الخلافات الزوجية وانعدام التحاور داخل الأسرة من أبرز الأشياء التي تؤثر نفسياً على الأبناء، وتزرع لديهم الخوف وعدم الثقة في النفس، ولأن الشعور بالأمان حاجة أساسية للأبناء وأن أغلبية الأبناء يفتقدون إلى الحوار من طرف والديهم، على اعتبار أن التواصل الحواري يمنح الدعم النفسي للمراهق، ويعيد له الثقة في نفسه، وأيضا يرجع له مكانته في المجتمع.إن الأبناء في الأول والأخير يحتاجون دوما لمن يسمعهم، ومن يفهمهم مهما كانت تفاهة ما يقولون، وعلى الأسرة قبل إنجاب الأطفال أن تعرف أن التواصل، الرعاية، العطف والتفاهم، ضروري لكي ينشأ هؤلاء بشكل سوي، وأن أي خلل يحدث من الوالدين يؤثر سلبا على الأبناء سواء في مسيرتهم الدراسية أو الحياتية بصفة عامة .