حسام عبد القادر اعتدت منذ سنوات أن أتلقى في اليوم الواحد أكثر من 400 إيميل نصفهم مجرد إعلانات لا لزوم لها أقوم بحذفها فوراً والنصف الآخر منقسم إلى قسمين الأول أقرؤه ولا أرد عليه والنصف الآخر أقرؤه وأرد عليه.. حتى أصبح هناك وقت مخصص للإيميل يومياً لا يقل عن ساعتين وهو ما يستهلك جزءاً كبيراً من وقتي وجهدي وقد يأتي أحياناً على حساب عملي أو على حساب وقت نومي الذي يقل يوماً بعد يوم وقد أواجه أحياناً مشكلة كبيرة عندما أتغيب لأي سبب قهري مثل السفر عن فتح إيميلي لمدة يوم وأحياناً - في حالات نادرة - يومين حيث تصبح مهمة فتح الإيميل مهمة صعبة أعلم قبلها أنني سأظل حوالي أربع أو خمس ساعات أحذف وأقرأ وأرد على رسائل، مع العلم أنني قمت من قبل برفع برنامج الماسنجر من على جهازي بسبب استهلاكه الرهيب للوقت ورغم كم الإرهاق الذي يصيبني يومياً من جراء فتح الإيميل إلا أنني غالباً ما أستفيد من هذه الرسائل فبعض الرسائل تكون محملة بنشرات صحفية وبعضها بها معلومات مهمة تفيدني وأحياناً رسائل طريفة تسعدني وفي أحيان أخرى تكون من أصدقاء طال غيابهم عني فأسعد بها.ووسط هذا الكم من الإيميلات اليومية فوجئت ذات ليلة بشيء غريب جداً.. فقد فتحت جهازي كالعادة وأول برنامج أفتحه هو الـ (أوت لوك اكسبريس) الذي أحمل عليه إيميلي فوجئت بعدم وجود أي إيميل جديد لي في هذه الليلة.. ظننت أن الـ (أوت لوك) أصابه عطل فدخلت على الفور لموقع الإيميل على صفحة الويب فوجدت الأمر نفسه، تعجبت كثيراً كيف يكون إيميلي اليوم خالياً من أي رسالة أمر غريب حقاً.. قلت في نفسي: فرصة جيدة فلدي كم من الأعمال المؤجلة التي يمكن أن أقوم بها وأستفيد من الساعات التي تضيع في قراءة الرسائل والرد عليها في هذه الأعمال وهو ما أشكو منه دائماً وبدأت أبحث عما يجب أن أقوم به إلا أنني تقريباً كل خمس دقائق أقوم بعمل refresh للإيميل لعل هناك رسائل في الطريق دون جدوى.. قلت مرة أخرى أحسن.. لأنهي جزءاً من الأعمال المؤجلة ولكني وجدت نفسي غير راغب في إنجاز أي عمل مؤجل أو حتى جديد وظل عدم استلام رسائل يشغلني فأنا مشترك بعدة مجموعات بريدية وغير طبيعي ألا ترسل أي مجموعة حتى ولو رسالة واحدة..طيب والإعلانات وشركات الدعاية الذين لا يتركونني في حالي ويرسلون رسائل غبية يومية أين ذهبوا؟ هل تخلوا عن إرسال رسائلهم لي فجأة؟.اتصلت بصديقي محمد حنفي وهو مهندس كمبيوتر ومصمم موقع وذكرت له المشكلة فوجدته على علم بها وقال لي إن هناك مشكلة فنية بسيطة بالسيرفر تسببت في عدم وصول الرسائل وسوف يتم حلها خلال ساعات وقد تمتد ليوم.. إذن هناك مشكلة أي أن هناك رسائل تأتي ولكنها لا تصل فارتاح قلبي الآن لقد جاءت هذه المشكلة لكي تعطيني الفرصة لكي أبدأ في إنجاز بعض من الأعمال المؤجلة، وحاولت من جديد أن أبدأ في أي عمل دون جدوى فقد فشلت كل محاولاتي واكتشفت أنني أدمنت رسائلي اليومية. ووقعت أسيراً لها.. توقف تفكيري على هذه الرسائل ومن أرسل وماذا؟ لقد أحسست أنني سأجن.. أريد رسائلي! وبدأت أتساءل هل ستضيع الرسائل الخاصة بهذه الليلة؟ وأين ستذهب؟ وماذا سأفعل؟ .حاولت فتح مواقع إخبارية كعادتي لأطلع على الجديد من الأخبار لم أستطع التركيز وقمت بترك جهاز الكمبيوتر وقراءة أي كتاب جديد لدي ولكن لم أستطع ظللت أدور داخل المنزل لا أجد ما أفعله أفكر في رسائلي الضائعة وفي الإيميلات التي لم تصلني وقلت لنفسي ألم أكن من عدة سنوات بدون إيميل وبدون كمبيوتر وكانت الحياة أفضل كثيراً؟.ولكن هل يمكننا الآن أن نستغني عن الإيميل؟ بالطبع لا.. كم شكوت لأصدقائي من إيميلي وكثرة رسائله وانشغالي الدائم بالرد ألم أكن متذمراً عليه لقد جاء الوقت لكي يتذمر هو علي ولكني اكتشفت أنه الأقوى.. فقد استطاع أن يشل تفكيري ويسد شهيتي عن الطعام ويجعلني مشتتاً في التفكير..لم أعرف كيف مرت تلك الليلة.. وفي اليوم التالي في موعد عودتي من عملي حوالي الرابعة عصراً أول شيء قمت به عند حضوري للمنزل هو أني قمت بفتح الإيميل على الفور وكم كانت سعادتي وأنا أرى الإيميلات تتسابق في الظهور، يا له من مشهد رائع ومريح نفسياً! فقد بدأ توازني النفسي يعود مرة أخرى إلا أن كم الإيميلات كان كبيراً وبدأت أضجر من كثرتها وسوف تستغرق وقتاً طويلاً مني وستعطلني عن كثير من الأعمال.. وسرعان ما ضبطت نفسي وتساءلت هل سأعاود التذمر من الأيميل مرة أخرى؟.
(يوم ما جاليش ولا إيميل)
أخبار متعلقة