إعداد/ دنيا هاني:يشكل التجمع حول مائدة الطعام الشكل الأول للتواصل والتفاعل الذي يواجهه الطفل في حياته. ولهذا ينبغي على الأسرة والأم بشكل خاص، أن تحسن تعليم طفلها قواعد وآداب المائدة منذ سن مبكرة بحيث يتحول الاجتماع حول مائدة الطعام إلى درس اجتماعي يومي يفيد الطفل مستقبلاً في حياته العامة.وعندما يصبح الطفل في عمر السنة على الأم أن تحرص على تعريفه بالمبادئ الأساسية لتناول الطعام والهدف من هذه المشاركة في وجبة طعام مع آخرين. فمائدة الطعام هي عبارة عن عالم صغير يضم أشخاصاً من مختلف الأعمار يجتمعون معاً من أجل هدف واحد هو تناول الطعام والنقاش حول موضوع يهمهم جميعاً. ومن المتوقع أن يتصرف الجميع بتهذيب. وقد تجتمع العائلة الواحدة لتناول وجبة خفيفة لكن الاجتماع في حد ذاته هو الذي يعد الطفل للحياة خارج جدران المنزل.معظم الأطفال يصبحون مستعدين للبدء في تعلم مهارات آداب المائدة الصحيحة بعد بلوغهم سن الثالثة. إلا أنهم يستوعبون الكثير مما يقال لهم عند جلوسهم مع العائلة حول مائدة الطعام قبل هذه السن.وأول ما يفعله الطفل عند وضعه على الكرسي هو حمل الملعقة بيده بالمقلوب ليتناول طعامه بنفسه، وهو ما يتسبب في فوضى عارمة إذا لم يلق من يوجهه بالطريقة الصحيحة وهنا يأتي دور الأم حول هذا السلوك ومن هذا المنطلق لا بد لنا من تعلم آداب المائدة. ولكن لا بأس من التغاضي عن بعض الأمور حتى يتعلم الطفل الطريقة السليمة في كيفية أكل طعامه فإذا ما لطخ الطفل وجهه بالكريما أو الشوكولاتة فعلى الأهل ألا يضحكوا ويظهروا له بأنه ظريف.ومن المعروف أن الأم دائمة القلق حول ما يأكله الطفل، والكمية التي يأكلها ولكن إذا حاولت أن تجبره على الأكل عندها تتحول أوقات الأكل إلى معارك دائمة، وصراع مستمر بين الأم والطفل، الأمر الذي يولد مشاكل للطفل مع الطعام في ما بعد أو يؤدي إلى عدم الانتظام في أكله.
ويقول علماء النفس إن الأم يمكنها أن تغير من أسلوبها في التوجيه الإيجابي وليس السلبي فيمكنها مثلاً أن تشيد بالطفل في بداية الوجبة وتهنئه على نجاحه في التصرف كالكبار وذلك عند أي بادرة طيبة منه فتقول مثلا تعجبني طريقة جلوسك على المائدة وينصحونها بعد ذلك بألا تركز عينيها عليه وكأنها تراقبه لتتصيد أي خطأ يرتكبه فإذا ارتكب الخطأ المتوقع فيمكنها أن تصححه له بطريقة رقيقة وموجزة ويجب أن تركز على السلوكيات الأقل قبحاً مؤقتاً حتى تتأكد من انصراف الطفل عنها واستعداده لتلقى المزيد من التوجيهات .وهنا بعض الاقتراحات التي قد تساعد الأم على تحسين طريقة تناول الطفل لطعامه في المستقبل:- التنويع في أنواع الطعام والحرص على تقديم صنف جديد بانتظام: الأم تستطيع التحكم في ذوق طفلها في الأكل. فقد يحب البطاطا أحياناً ثم يرفض تناولها أحياناً أخرى. ولكن تنويع أصناف الطعام وتقديم أطباق جديدة بين فترة وأخرى، يساعد الطفل على تناول كل ما يقدم له من طعام في ما بعد.- عدم مكافأة الطفل بالطعام أبداً: إذا حاولت الأم إسكات طفلها بالأكل كلما بكى، سيبدأ في الربط بين الطعام والبكاء وحب الأم، إضافة إلى أنه سيولد مشاكل صحية حقيقية تتعلق بعدم انتظام أكل الطفل ومشاكل أخرى تتعلق بتصرفاته.- على الأم أن تكون المثال لطفلها في طريقة أكلها وفي ما تأكله: من المعروف أن الأطفال مقلدون بارعون. فإذا رأى الطفل أمه تتناول المشروبات الغازية والوجبات السريعة بانتظام سيعتقد أن تناول هذه الأصناف أمر عادي.وأثناء تناول الطعام يجب أن يكون الجو هادئاً وأن تحاول الأم التقليل من المشاجرات والضجيج. ولا بد من إغلاق التلفزيون، وعدم السماح باللعب أو القراءة أو استخدام الكومبيوتر أو ألعاب التسلية.. إلخ، أثناء تناول الطعام. وإذا انتهى الأطفال الأكبر سناً من تناول الطعام فعليهم ممارسة هواياتهم بعيداً عن المائدة حتى لا ينشغل الطفل الصغير بمراقبتهم فيصبح من الصعب على الأم إطعامه. ويجب أن يكون وقت تناول الطعام محدداً، كما يجب الانتظار حتى يجلس كل شخص في مكانه قبل البدء في تقديم الطعام. ومن المهم تعليم الطفل الاستئذان قبل ترك المائدة. فمن غير المقبول الطلب من الأطفال الصغار الجلوس إلى المائدة بعد انتهائهم من تناول الطعام. ولكن يمكن أن نطلب منهم أخذ أطباقهم والأدوات التي استخدموها إلى حوض غسل الأطباق. ومهما كانت الطقوس التي تتبعها العائلة قبل أو بعد تناول الطعام فإن التزام الطفل بآداب المائدة منذ الصغر أثناء تناوله الطعام مع عائلته، سيعطي ثماره عندما يبدأ في تناول الطعام مع آخرين خارج المنزل.