خاطرة
في شارعي في معبري الضيق في خطواتي الوهنى في جور معاناتي في حزني البادي في عبراتي وآلامي. أحكي قصة عمر مضى وذكريات لن تعود وأمل ما زال يتأرجح في الأفق يومض بريقه ويخفت.أزرع الأمل وأحصد اليأس ومن اليأس أصنع املاً آخر فأجدد الهمة لاستكمل مشواري عبر دربي الطويل وأملي الواسع وخيالي المتدفق المليء بالحيوية وعلى أن أصنع كل يوم حياة جديدة وأملاً متجدداً طامحاً.فالحياة جميلة تمتلك دروباً ومعابر ومناكب وسهولاً وودياناً وصحارى وقفاراً ومغارات.عليك أيها الطامح ان تشق طريقك .. وتتقن اختيار دربك وتحتقر الصعوبات مهما كان حجمها فليس من صعوبة يستحيل تجاوزها ماعدا الموت فإنه المرسى الأخير .. فإنك إن احتقرت الصعاب فسترى الصحارى بساطاً أخضر يحلق في الهواء الطلق وترى المغارات فيخيل إليك أنك تقطعها على صهوة جواد أصيل .. إنك إن امتلكت الجدارة فسترى الدنيا بما حملت شبيهة بغرفة ذات شكل دائري وجدران بلورية وسقف لازوردي. وإن باستطاعتك أن تنال منها ما شئت ولكنك تتجاهلها لأنك تعلم أنك ستغادرها يوماً ما دون رجعة. فعليك إذاً أن تأخذ من كل شيء قدرك فأنت لست وحدك بهذه المقصورة ذات القبة الزرقاء هناك الكثيرون .. يجب أن تحمل بقلبك حبك للآخرين حتى ترى محبتك في عيونهم يجب أن تحمل بأحشائك السعادة والأمل وأن ترضى بتقلبات الدهر حتى وإن كنت تفترش الأرض وتلتحف السماء وتفتقد إلى العشير أو الولد فيجب ألا تفكر في هذا وذاك حتى لا تصاب باليأس والإحباط ـ يجب أن تزرع الأمل وتجني ثمار السعادة ولا تبالي فكل ما حولك من ذات مال وولد وجاه فإنهم سيرحلون .. وقد تركوا كل شيء فأصبح لديهم كأنه حلم.ولكن بما أنك تحتقر الدنيا وتراها هينة فإنها ستقبل عليك وستملك المال والجاه والولد وسترى الناس حولك يمجدونك وقد يغرك البقاء وتتمنى الا تغادر المقصورة الزرقاء.ولكن كل ذلك سيكون سحراً ولا تعرفه الا مع لحظات الرحيل، عندما تنقلب عليك سحابة الخيلاء فترى الحقيقة في نظرات وداعك الأخيرة متأملاً في وجوه من حولك كي ترى من يهمه رحيلك وماذا قدمت لهم وماذا كنت أنت لديهم وهل ستكون واحداً من أولئك الذين رحلوا فأبقوا لهم بصمات مضيئة في مجتمعهم تخلد أسمائهم في ذكريات الباقين الذين يذكرونهم بأجمل مناقبهم. سيتردد إليك سؤال كوني عندما لم تستطع النطق وعندما تحس أصفاد الأبدية تكبلك إنها دقائق أو ثوان فقط وبعدها سترحل يتردد في ذهنك السؤال الكوني ذاته كالصدى في دهاليز الجبال هل بذرت الحب في قلوبهم ؟ هل ستبقى ذكراك في عقولهم؟ هل ستبقى حياً في نبض قلوبهم؟ ..