الإسلام وتحريم العنف ضد المرأة
عرض/ دنيا هاني :
العنف ظاهرة تاريخية عالمية كانت موجودة منذ القدم ولازالت حتى الآن تمارس في بعض الدول والمجتمعات وبرغم أن أي إنجاز بشري يتوقف على دعائم الاستقرار والسلام والألفة.. فما زالت البشرية تدفع الثمن من أمنها واستقرارها جراء اعتماد العنف كوسيلة للحياة.
العنف ضد المرأة ليس خلقاً إسلامياً بل هو من عادات الجاهلية الأولى. ومع أن الإسلام قد خص النساء بسورة خاصة تبين ما لهن من الحقوق وما عليهن من الواجبات وما فيه من حفظ لكرامة المرأة وإعلاء لشأنها وكان خير مثال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم من خلال معاملته لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين وهو القائل ( ما أكرمهن إلا كريم وما حط من قدرهن إلا لئيم) وكان من آخر ما قاله قبل وفاته ( أيها الناس، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيراً) وأكد ضرورة معاملة النساء باللين واللطف ..
[c1]ومما قرره الإسلام من حقوق للمرأة: [/c]
حق الاعفاف ، واستشارتها وأخذ رأيها، والوفاء لها فإذا كان الإسلام قد حمى حقوق المرأة على هذا النحو فكيف يتسنى للبعض أن يوجه عنفاً وتشدداً عليها، وفي العنف ضد المرأة مخالفة صريحة لهذه التوجيهات ولما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالعنف بمفهومه العام هو أي اعتداء ضد المرأة يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، أو نفسي للمرأة ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة. ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء، والذي يتخذ أشكالاً نفسية وجسدية متنوعة في الأضرار.
المرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت ولولا لمرأة ما كان الرجل ولولا الرجل أيضاً ما كانت المرأة فهما مكملان لبعضهما، ولا يستغني أحدهما عن الآخر، ومن أجل ذلك كانت توجيهات الإسلام كثيرة في حسن التعامل مع المرأة وفي تحريم العنف معها في أي حال من الأحوال، فهي سكن للرجل وبينهما يجب أن تسود المودة والمحبة لا العنف والتشدد.
[c1] مظاهر العنف ضد المرأة :[/c]
ـ منعها في الجاهلية من الميراث ولم تزل هذه الظاهرة لها رواسبها في بعض البيئات التي تحرم النساء من حقوقهن التي فرضها لله تعالى في القرآن الكريم .
- تفضيل بعض الأسر الذكور على الإناث وظاهرة وأد البنات.
- إكراهها على الزواج من إنسان قد لا تكون راغبة فيه ولا موافقة عليه وقد قرر الإسلام ضرورة اخذ رأيها وموافقتها وشرع رؤية كل منهما للآخر قبل الزواج .
وعندما تقع المرأة ضحية الأضرار المعتمد جراء منهج العنف فإنها تفقد إنسانيتها التي هي هبة الله، وبهذا ينتهي أي دور بناءٍ لها في حركة الحياة. فمن حق كل إنسان ألا يتعرض للعنف وأن يعامل معاملة كريمة وعندما تهدر هذه الحقوق فإن الدور الإنساني سيؤول إلى السقوط والاضمحلال.
[c1]أسباب العنف:[/c]
1 - النظرة القيمية الخاطئة والتي لا ترى أهلية للمرأة كإنسانة كاملة الإنسانية حقاً وواجباً.. وهذا ما يؤسس لحياة تقوم على التهميش والاحتقار للمرأة.
2ـالتخلف الثقافي العام وما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة والتطور البشري الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة والرجل على حدٍ سواء ضمن معادلة التكامل بينهما لصنع الحياة الهادفة والمتقدمة.
3 - التقاليد والعادات الاجتماعية الخاطئة التي تحول دون تنامي دور المرأة وإبداعها لإتحاف الحياة بمقومات النهضة.
4 - ضعف المرأة نفسها في المطالبة بحقوقها الإنسانية والوطنية والعمل لتفعيل وتنامي دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
5 - ثقل الأزمات الاقتصادية الخانقة وما تفرزه من عنف عام بسبب التضخم والفقر والبطالة والحاجة، ويحتل العامل الاقتصادي 45 % من حالات العنف ضد المرأة.
[c1] نتائج العنف[/c]
من أهم النتائج المدمرة لتبني العنف ضد المرأة:
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالأمان اللازم للحياة والإبداع.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الإعاقة الدائمة.
- بغض الرجل من قبل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- كره الزواج وتفشي حالات الطلاق والتفكك الأسري، وهذا مما ينعكس سلبياً على الأطفال من خلال:
- التدهور الصحي للطفل.
- الحرمان من النوم وفقدان التركيز.
- الخوف، الغضب، عدم الثقة بالنفس، القلق.
- عدم احترام الذات.
- فقدان الإحساس بالطفولة.
- الاكتئاب، الإحباط، العزلة، فقدان الأصدقاء، ضعف الاتصال الحميمي بالأسرة.
- آثار سلوكية مدمرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، تقبل الإساءة في المدرسة أو الشارع، بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين، التغيب عن المدرسة، نمو قابلية الانحراف.
[c1]ختاماً [/c]
أي دعوة لتحرير المرأة ورفع الظلم عنها ما لم تؤخذ من مبادئ الإسلام وما ورد في القرآن الكريم وآياته لن يكتب لها النجاح، لأن الإسلام وحده هو القادر على التأثير على الناس وتغيير قناعاتهم وأفكارهم إلا إذا غابت المفاهيم الشرعية التي تحول دون تقبل المجتمع لها وفهمها بالشكل الخاطئ ..
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..
وللإعلام دور كبير في صناعة ثقافة متطورة تجاه المرأة كوجود ورسالة ودور إنساني ووطني، ويجب الابتعاد عن الصورة النمطية المعطاة للمرأة إعلامياً بأنها ذات عقلية دونية أو كيدية تآمرية أو قشرية غير جادة، كما يتطلب الأمر الابتعاد عن البرامج الإعلامية التي تتعامل محتوياتها مع حل المشاكل الإنسانية والخلافات العائلية بالعنف والقسوة والقوة..