نساء يعشن ظروفا وحالات نفسية صعبة
استطلاع / جمال الجابريتهيم مريضات مجهولات الهوية على الطرقات بعد تخلي ذويهن عنهن.. ظاهرة تكاد تتسع آفاقها في مختلف مدن يمننا الحبيب ، حتى صرنا نرى نساء لا يجدن سوى الشارع ملجئا ليبتن فيه ويفترشن أرصفته .. ظروف صعبة تعيشها نساء في مجتمعنا اليمني الذي يتميز بكونه أكثر المجتمعات حفاظا على كل ما يتعلق بالمرأة ، إلا أن ظهور نساء يعانين من الحالات النفسية على قارعة الطرق وأروقة الحارات يجعلنا نقف عند هذه المشكلة ونستطلع واقعها من خلال مصحة الأمل في العاصمة صنعاء والتي التقينا فيها عددا من المريضات والأطباء وخرجنا بالحصيلة التالية : بحسب مصادر طبية عشرات المريضات المجهولات الهوية يعشن ظروفا صعبة جدا و14 امرأة نقلن إلى مصح الأمل الخاص في وسط صنعاء بعد أن امضين 19 عاما في السجن المركزي. كما أن هناك 40 امرأة في المصح نفسه بعضهن تخلى عنهن أهلهن. والمصحات الحكومية اليمنية موجودة داخل السجون. وقال الطبيب عبد الله الشرعبي اختصاصي الأمراض النفسية والعصبية إن «بعض الأهالي تخلى عن المريضات حيث كان يقوم البعض بإيصال المريضة إلى بوابة المصح ويلوذ بالفرار». وذكر الشرعبي أن إحدى المريضات «أوصلها أهلها إلى بوابة المصح ولاذوا بالفرار بدون عودة فخرجت إلى الشارع وتعرضت للاعتداء الجنسي مرتين من قبل مجهولين». وفي اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة تقريبا، ثلاث مصحات حكومية فقط وخمسة مصحات خاصة من ضمنها مصح الأمل الذي يعد الأفضل تجهيزا. ويستقبل المصح بين عشرين وأربعين حالة يوميا ويشهد أحيانا ازدحاما شديدا. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، ألغت وزارة الصحة اليمنية إدارة الصحة النفسية وحولتها إلى برنامج يدعى «البرنامج الوطني للصحة النفسية»، الذي لا يقدم الأدوية والعلاجات ، وأوضح الشرعبي أن انتشار تخزين القات على مستوى واسع في البلاد يساهم في تفشي الأمراض النفسية فضلا عن الأوضاع الأمنية والحروب والنزاعات والفقر. فالحرب في صعدة (شمال) بين القوات الحكومية والمتمردين الشيعة هجرت 250 ألف شخص وأسفرت عن مقتل الآلاف، إلا أنها أسفرت عن إصابة كثيرين بأمراض نفسية وعقلية. ويؤكد الأطباء أن القصف المستمر وأصوات الانفجارات والتشرد ومشاهدة المآسي والجثث لها تأثير نفسي سلبي. ويعيش عدد من المرضى المتحدرين من مناطق النزاع في صعدة في مراكز للصحة النفسية، إلا أن معظمهم يهيمون في الشوارع ويبيتون على الأرصفة. ونجت السيدة س.ج (35 عاما) من الحرب في صعدة بأعجوبة على حد قول ذويها، وكانت بين الآلاف الذين فروا جراء جولة القتال الأخيرة التي استمرت ستة أشهر وانتهت بإعلان وقف إطلاق النار . وقالت والدة سيدة تتلقى العلاج في مصح الأمل «بعد مرور شهرين من الحرب السادسة قصفت طائرة منزلها الواقع في قرية الملاحيظ (بالقرب من الحدود مع السعودية) وتسببت هذه الطائرة بهدم الطابق الثاني من البناية التي تقطن فيها مع عائلتها ومن هول الصدمة فقدت ابنتي صوابها». وأضافت «كانت فرحتنا كبيرة بإنجاب ابنتي مولودها الأول لكن بعد شهر فقط شلت الحرب الفرحة، فيوم قصف المنزل ودمر كانت ابنتي تبحث عن مولودها وسط الخراب لكنها فقدت عقلها، وبعدها تم نقلها إلى المصحة». أما بشرى فهي نزيلة أخرى في المصح لكنها تماثلت للشفاء وكانت في طريقها للخروج إلى زوجها وأبنائها الخمسة. وأخبرت بشرى عن وصولها إلى المصح بعد خروجها من بيتها شبه عارية ما دفع إحدى السيدات لأخذها إلى مصح الأمل. وقالت بشرى «كنت عصبية و مزاجي سيئ وكنت أتصرف بلا وعي أحيانا لدرجة أنني كنت اخرج من بيتي بالليل ... واتت بي إحدى النساء إلى هنا». وأضافت «بعد دخولي المصح ظل زوجي يبحث عني لمدة أسبوع في حالة من القلق لأنه لا يعرف أين أنا»، إلا انه وجدني في نهاية المطاف في المصح. وقالت بشرى «لكن زوجي وأسرتي دعموني ووقفوا إلى جانبي». إلا أن السيدة المتماثلة للشفاء تعترف بتعلقها بنبتة القات وتقول إنها لن تتخلى عن تخزين (مضغ) هذه النبتة التي لها تأثيرات منبهة. وتؤكد أنها تواظب على تناول عقاقير العلاج بالرغم من تخزين القات وتدخين الشيشة، لكنها تعترف بفائدة العلاج الذي ساعدها «على الشفاء في غضون شهر واحد». وكانت بشرى تعمل في آخر أيام إقامتها في المصح «مشرفة على الباب الداخلي» للمصح.