المفتتح
لاشك ان التربية الحقيقية التي تسبق التربية النظامية المدرسية هي التربية التي تبدأ في البيت، واستمر فيه من يوم الميلاد الى يوم الخروج من (بيت الاسرة) لتكوين اسرة جديدة وبيت جديد.فالاسرة هي نواة المجتمع الكبير، وهي المعلم الاول الذي يعهد اليها بتربية الانسان جسميا وعقليا ولغويا وعاطفيا واجتماعيا، بل وتلقى كل القيم والعادات السلوكية والاخلاقية الحسنة، واكتساب معارفة الاولية، وخبراته المستقاة من وحي التعلم الذاتي في محيط حياته الاسرية فهذه التربية الاسرية هي التي تكون شخصية الانسان وتحديد ملامحها وتركيب خصائصها الحسنة او القبيحة. هذه التربية هي مفتاح التغيير الحقيقي في المجتمع كله، وهي الاداة الكفيلة اذا احسن استخدامها على تغيير الانماط الحاكمة والنظم السائدة في العلاقات الاجتماعية وفي البناء المجتمعي بما يقود امتنا في طريق نهضة حقيقية تتناول القيم والمكونات الداخلية البناءة قبل ان نتناول الطرق والمباني ووسائل الاتصال والنقل والرفاهية والراحة الدائمة.ان هذا البيت يعاني - ولا شك - من آثار التخلف والتبعية والهوان الذي يستشعره كل منصف متابع لشؤون امته. ولكن هذا البيت لايسعه ان يلقي تبعة هذه المعاناة على الاسباب الخارجية من آثار نظام امامي كهنوتي بائد او استعمار بريطاني وطغيان مستمر، واعلام يساء توجيهه وقدوة مفقودة.اتخاذ التربية بصورتها الاولية الاسرية طريقا للتغيير يقتضي استشعار كل اسرة مسؤوليتها الكاملة عن الافات المجتمعية ومواجهة هذه الآفات المجتمعية في ابنائها وبناتها وانفسها، ليخلص مجتمعها الصغير اولا من آثارها ثم ليتكاتف البراء من المرض الاجتماعي لنشر العافية. فهناك منكرات يجب تغييرها . وللتغيير طريقان طريق خارجي بمواجهة اصحاب هذه الآفات والمنكرات ومنعهم تثبيت اسباب التخلف والهوان التي نعاني منها، وطريق داخلي هو اعادة صياغة النفوس وصناعتها من جديد، بحيث ترفض الامة ما يقدم اليها من اسباب الفساد والانحراف والتبعية والتخلف مهما حاول اصحابه تزيينه وتجميله واخفاء قبحه.سلال السيد محمد