سحر حمزةهي ليست قصة للتسلية هي ليست خاطرة، بل مشهد يتكرر عن بعض حقائق واقعية .. كي لا نخسر شباب الوطن الذين هم ثروته الحقيقية، ففي بعض من هاجروا إبداع لا حدود له، وحب لا تسعه مواقع إلكترونية ولا رسائل أو حتى ملفات بذاكرة ذكية .. هي تنبيه لكل من هو في موقع مسؤولية هي رسالة للجميع كي يعرف من لم يعرف يوماً، قيمة من أتحلوا رغم أنوفهم، خارج سرب رفض أن يضمه لحضنه الدافئ.العرب في المهجر، عنوان قصة جميل، هل تعلم لماذا، لأن وراء كل مهاجر حكاية من هؤلاء هاجروا ليس فقط من أجل جني أرباح، أو تحقيق مكاسب أكبر، لقد هاجروا هروباً من تحديات عدة واجهتهم، كثيرون في الوطن العربي، غردوا خارج السرب، ظناً منهم أنهم قد يحققوا شيئاً في أنفسهم.“هؤلاء كثر من راوحتهم أفكار حول الوطن.. “الأم الأكثر دفئاً في الوجود””أفكار مازالت في مكانها، في جيوبهم.بعض المغتربين أحبتي، فرحوا قليلاً بالغربة، ظنوا أن الدنيا ضحكت لهم، لكنهم أدركوا متأخراً أنه ليس أجمل من أن تضحك لك الدنيا وأنت في عمق وطنك، العرب في المهجر، قصص لفها الزمان ببعض ورق السيلفان لكنها في الحقيقة، مخلوطة (بالأسيد) المميت أي حياة تكون للإنسان وهو بعيد عن أهله أولاده أسرته آه لو يعلم الشباب الذين يلهثون للحصول على عقد عمل في الخارج كم هي لحظات مرة تعبر من حياتك وأنت تلهث وراء سراب دنانير أكثر صحيح لكن ؟ أقول والله خطأ لكن للضرورة أحكام فحين يغلق بعض الناس الأبواب بوجهك تريد أن تكف الشر عنك أحياناً فتختار الرحيل رغماً عنك أنا أعلم وعلمني أبي رحمه الله نقلاً عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن خيركم خيركم لأهله لكن ماذا تفعل إذا تخلى عنك الأهل، ماذا تفعل إذا قلت حيلتك وضعفت قدرة مقاومتك، وصرت مثل جمل كثر من قطعوا أواصره لا بد أن تختار الرحيل إلى بلد آمن، تعيد فيه جدول أعمالك، ماذا تفعل إذا واجهك الأعاصير التي تريد أن تقتلعك من جذورك، تريد أن تدفنك حياً، لا تستغربوا جرأتي، وصراحتي لست وحدي من واجه صعوبات في الغربة أتعلمون أن كل ما يحرم منه الإنسان في وطنه، قد يجده أمامه هناك بكل الطرق باستقامته وبمبادئه بجده وتعبه وتصميمه، كي لا يقع في أيدي من لا يرحم لاتعتقدون أن المرأة لا تواجه مثلما يواجهه الرجل، أنها تواجه الكثير من العقبات لكن ليست أية امرأة تلك التي تصمد، وتعتد بذاتها وتحمل اسم وعنوان وطنها وتحفظ عهد أهلها وعشيرتها في الخارج، كثيرات سقطوا، سامحوني لا يعرف الوطن عنهم شيئاً للأسف بنات وطني في الغربة من أجمل النساء واروعهن، لكن بعضهن وقعن في متاهات المال، والأغواءات الأخرى، يظن البعض أن هناك الكثير من الميزات غير المال الأكثر، مما يتقاضاه في وطنه، صحيح لكن هيهات فهو، لا يعلم أن حلاوة قهوة عربية، مطحونة بمهباش أصيل ألذ من قهوة (كوستا) و(الكباتشينو) في ( فيرست أفينيو ) و( كلاسيك كافية ) هل تعلمون أنه في الغربة يتفنون في صنع المنسف الأردني بالجميد الكركي لكن لايقاس برشفة لبن تشربها من عمق الكرك أو جبل بني حميدة ببساطة أهله ولذة طهوه بأيادي نساء أتقن فن الطهي دون أن يدخلن مسابقات عالمية أتعلمون أن قهوتنا لاتضاهي بأي نوع من القهوة المصنعة في أحدث الماكينات التركية الصنع والأمريكية الصنع آه لوتعلمون كي تتهاوى الأماني أمام رشفة ماء من نبع طبيعي لم تحضره شركة مسافي أو نستلة ذات الماركات العالمية ذات مرة كنت قرب محمية الموجب خلال عنفواني الصحفي في العرب اليوم الصحيفة الأردنية التي عشقتها وتربيت بها إعلامياً كنت أقوم بتحقيق صحفي انقل معاناة إحدى العشائر قرب الوالة في ذيبان كانت مطالبهم تتلخص في عدم توفر طرق سالكة أو مدارس ووظائف لأبنائها وغيرها بقيت نهاراً كاملاً بينهم كانت معي زجاجة صحة في حر الصيف بحزيران عام 2000 نفذت مائي فطلبت شربة ماء من هؤلاء القابعين في الخيام بأعالي الجبال لو تعلمون ماطعم الماء كانت معبأة ( بسحلة ) من المؤكد أن كثيرين يعرفون معناها من الأردنيين كان طعمها لذيذاً متميزاً بطعم الكاز المختلط فيها شربتها لظمئي لكن فضولي دفعني أن أسأل لماذا هذا الطعم الغريب ، الكاز ؟؟ أجابتني راعية الدار امرأة مثل أنثى النمر معتده بنفسها نحن نعقم البئر من الجراثيم والملوثات وغثات الضارة تبسمت لها أثنيت عليها لأني لا أريد أن أجرحها فكيف تعيش اطفالها العشرة في هذه الأجواء بأعالي الجبال، وتعلمون أن الطرق الوعرة في تلك المنطقة النائية البعيدة عن المراكز الصحية وكل أسباب الحياة المرهفة، لقد علمت الآن أن ماءها ألذ من ماء يقدم لي يومياً في كبريات الفنادق في الغربة خلال تغطيتي لفعاليات وأنشطة اقتصادية هناك، قارنت بين حلاو الماء هناء وهناك، فما طعم الرفاهية إذا حرمت من تنفس هواء نقي، تعيش فيه حلاوة عبير الأزهار الطبيعية البكر التي ولدت في الطبيعة ولم تزرع بطرق صناعية، أدركت الآن لماذا نبكي كلما اشتقنا لوطننا، قارنوا معي في الغربة فكر وإنجاز وتقدير لما تعمل في الغربة فزعة ليست عشائرية، فزعة حضارية يقدمون لك بقدر ما تعطيهم في وطني حبيبي تعمل وتلهث، ثم تجزى بما لا يحمد عقباه ذلك أنك ربما هفوت ووقعت في شرك نصب لك، وباندفاع لم تدر أين أصبحت، سامحوني لجرأتي وصراحتي العرب في المهجر قصص كثيرة وملفات جميل أن تفتح وأن يقرأ فكر هؤلاء المغتربين كيف صاروا وإلى أين آلوا في بلاد غير أوطانهم، هل يجب أن يكرم ابن البلد بعد أن يموت، ويصمت عن بعض ملوثي الوطن، هل يغمض عينيه عن أدوات الفساد في عمق أبناء شعبه، هل يصم عن منغصات تثيره لانتمائه لوطنه، هل يريدون من المغترب أن يبقى صامتاً مكسور الجناح لو عاد منكفئاً ومحمولاً على الأكتاف، أمثلة كثيرة غالب (هلسا) مثلاً الأديب الأردني المأدبي الآن أصبحت له جائزة أدبية تحمل اسمه، كثيرون كرموا بعد موتهم وكثيرون ينتظرون عسى أن يصحو الوطن ليتفقدهم، عنفوان بعض الأشخاص في الغربة مشهد درامي لا يطول عرضه لأن قهوتنا ألذ وماؤنا أنقى أطيب وأزهارنا طبيعية آه ياوطن حتى الكفن للمغترب سيكون مصنوعاً من قماش خام بسيط ليس من الحرير الناعم قصة المغتربين كثيرة بوركت تلك الأيادي الطيبة التي تريد أن تنبش في قبورهم وهم أحياء سامحوني.
العرب في المهجر
أخبار متعلقة