فالح الحمراني يمهد التقرير الذي قدمه مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي لمجلس الأمن الدولي وتضمن تقييما سلبيا لمدى تعاون طهران، لدخول مشكلة البرنامج النووي الإيراني لمرحلة جديدة. فالتقرير بصيغته المطروحة يكون قد أعطى الضوء الأخضر لنقل الملف الإيراني تلقائيا من الوكالة إلى طاولة مجلس الأمن الدولي، الذي عليه البت في الخطوات المقبلة. وارتسمت في أجواء المجلس ثلاث توجهات تتبنى الأولى الصين وروسيا والثانية الولايات المتحدة الأمريكية ويتقاطع معهما موقف الاتحاد الأوربي الممثل بالثلاثي: فرنسا وألمانيا وبريطانيا. فإذا كانت غالبية الأطراف تدعو إلى التسوية الدبلوماسية وإيجاد الحل الذي من شانه أن يوفر للمجتمع الدولي ضمانات أكيدة بان إيران لن تعمل على توظيف برنامجها النووي لإنتاج الأسلحة الفتاكة، فان واشنطن تطالب بوقف طهران كافة أشكال الأنشطة النووية.وتلوح واشنطن بالالتجاء إلى عقوبات وأعمال عسكرية إذا لم تستجب إيران لمطالبها.ويرى مراقبون في موسكو أن الوضع حول البرنامج النووي الإيراني سوف يحتدم إلى أقصى الدرجات في الأيام القليلة المقبلة بعد تقديم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريره الجديد بخصوص هذا البرنامج إلى مجلس الأمن الدولي ثم يبحث ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا هذه المشكلة في 2 مايو. ولا يستبعد أن يعقد مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعا طارئا، فيما يجب أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا قبل 10 مايو ليقرر مصير إيران.وفي روسيا انقسم المحللون إلى معسكرين في قراءة مسار التطورات المقبلة. البعض يرى أن الولايات المتحدة سوف تخوض الحرب ضد إيران. فالنظام الإيراني في مخططاته بعيدة المدة بات يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة. فإيران استطاعت إن تقطف لنفسها ثمار " الانتصارات العسكرية السريعة" التي حققتها أمريكا في أفغانستان والعراق. علاوة على ذلك فان طهران تقف حجر عثرة أمام تجسيد مشروع واشنطن المسمى بالشرق الأوسط الكبير، وبامتلاكها الأسلحة الصاروخية المتطورة فان الخطر الإيراني على حلفاء وأصدقاء أمريكا في المنطقة أصبح أكثر واقعية. ويلوح لواشنطن أن تعمل على ترسيخ مواقعها في منطقة حوض القزوين الذي تنظر له واشنطن كواحد من مناطق مصالحها الحيوية نظرا للثروة النفطية في أعماقه ولأهميته الإستراتيجية. ويرسم البعض من المحللين الروس حتى السيناريو الحربي الذي سوف تسير وفقه العملية الحربية الأمريكية. ويرى المحلل السياسي الروسي سيرغي ماركوف أن إسرائيل وليس أمريكا ستخوض الحرب على إيران. وبقناعة ماركوف فان الولايات المتحدة الأمريكية ستشد أزر إسرائيل وتقدم لها كافة المعلومات اللوجستية المطلوبة وتوفر لها الغطاء السياسي. ويرى رئيس مركز الأمن الدولي ألكسي أرباتوف أن الولايات المتحدة ستعزم على استخدام القوة ضد إيران في العام القادم إذا حصلت على دعم المجتمع الدولي. وقال أرباتوف إن الولايات المتحدة أظهرت في السنوات الأخيرة بما في ذلك عند حل قضية التدخل في العراق ميلا إلى اتخاذ خطوات من جانب واحد واستخدام القوة خارج إطار القانون الدولي وآليات مجلس الأمن الدولي.وفي المقابل فثمة مجموعة من المحللين الروس تستبعد قيام أمريكا في الوقت الراهن بشن الحرب على إيران. فالولايات المتحدة غارقة في المستنقع العراقي، إلى ذلك سيكون من الصعب عليها جمع الحشد الدولي بما في ذلك الأوروبي لدعم عمليتها. ووصف مصدر دبلوماسي روسي تقرير البرادعي الجديد "سلبيا، ويخلو من أي وقائع جديدة.. وانطلاقا من ذلك ما تزال موسكو لا ترى أي خطر على السلام والأمن الدوليين من قبل الجمهورية الإسلامية وان الموقف الروسي لن يتغير في المرحلة الراهنة". غير أن دبلوماسيين يلمحون في الأحاديث الخاصة إلى أن روسيا باتت تفكر في جدوى استمرار محاولات "إنقاذ" إيران.ولم يستبعد المصدر الدبلوماسي أن تحاول روسيا خلال الاجتماعات المقبلة "إقناع الأطراف بأن تكتفي في هذه المرحلة بإصدار بيان باسم رئيس مجلس الأمن".ونفت وزاره الخارجية الروسية تقارير أسبوعية روسية نسبت فيها لدبلوماسيين روس امتلاك إيران أسلحة نووية . وجاء في بيان نشرته وزاره الخارجية الروسية أن هذا لا أساس من الصحة لهذه المعطيات. وكانت أسبوعيه " آرغومنتي اي فاكتي " الروسية قد نشرت هذا المعلومة في عددها الأخير استنادا إلى مصادر دبلوماسيه في السفارة الروسية بطهران. وأكد البيان أن روسيا لم تعلن أبداً عن امتلاك إيران أسلحة نووية. وأضاف البيان انه وفقا للمعلومات المتوفرة لدى وزاره الخارجية الروسية، لم يجر أي دبلوماسي روسي في طهران حوارا مع أسبوعية "ارمنتي ايفاكتي" ليصرح بمثل هذا الموضوع. في غضون ذلك من المرتقب أن يستأنف السداسي بمشاركة روسيا والصين وأميركا والثلاثي الأوروبي مشاوراته الأربعاء المقبل في باريس لمواصلة تبادل وجهات النظر بشان الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. من جهته قال احد خبراء الشئون الإيرانية في موسكو أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي قدم لمجلس الأمن الدولي يمهد ويضع الأساس القانوني الدولي لبحث العقوبات على طهران. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية ميخائيل كأمينين أن المشاورات التي ستجري على مستوى نواب وزراء الخارجية ستجري مع الأخذ بالاعتبار المطالب التي تضمنها بيان رئيس مجلس الأمن الدولي بتاريخ 29 (مارس) الماضي بالتزام طهران بالحظر على كافة الأنشطة النووية ووقف أعمال تخصيب اليورانيوم التي أعلنت عنه، وتقرير المدير العام لوكالة الطاقة النووية الذي من المرتقب أن يقدمه اليوم لمجلس الأمن.وسيشارك في اللقاء عن الجانب الروسي نائب وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي كيسلاك.إن الصورة المطروحة تشير إلى أن موسكو ترى أن كل الخيارات محتملة بشان التطورات المتعلقة بالمشكلة النووية الإيرانية، وأنها ستواصل الجهود مع كافة الأطراف للبحث عن تسوية سلمية توفر لإيران ممارسة أنشطة نووية سلمية والضمانات الأكيدة من أنها لن توظف تلك الأنشطة لإنتاج أسلحة نووية. ولكن هل ستقبل واشنطن بهذا الحل؟. كاتب عراقي
روسيا والخيارات المحتملة للمشكلة النووية الإيرانية
أخبار متعلقة