أمين عبدالله إبراهيم :أجمع المؤرخون وكذلك الكتب والمراجع التاريخية على أن جميع الحضارات القديمة قد نشأت حول ضفاف الأنهار وبالقرب من مصادر المياه منذ قديم الأزل،ومع ذلك لا تزال المياه العذبة تمثل أهم وأبرز التحديات التي تواجه سكان العالم بشكل عام والسكان العرب بشكل خاص وبلادنا اليمن على وجه الخصوص إذ تلعب هذه المياه دوراً جوهرياً في تحديد أماكن تواجد السكان واستقرارهم ونظامهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي،وتتحكم بتطوير حياتهم ومدى الازدهار والتقدم الذي ينشدونه.ولأن عدد سكان العالم في ازدياد مستمر،فقد أصبحت حاجة السكان من المياه العذبة تفوق ما هو متوفر منها حالياً وما تمده الطبيعة أيضاً،حيث تشير الدراسات والتقارير العلمية إلى أن أكثر من خمس سكان العالم يعانون إشكالية كبيرة في توفير المياه العذبة ما جعلها تتصدر همومهم وقضاياهم ومشاكلهم،لدرجة ظهور توقعات تفيد بأن الصراعات القادمة في العالم سوف تحدث لأجل السيطرة على مصادر ومنابع المياه العذبة،خاصة إذا ما علمنا أن المياه العذبة تعتبر من الموارد الطبيعية القليلة في هذا الكون الذي نعيش فيه حيث تشكل نسبته2.4 % من إجمالي المياه الموجودة على سطح اليابسة التي تشغل75 % من مساحة الأرض.إن زيادة عدد السكان في العالم وما ينتج عنها من زيادة في الطلب على المياه العذبة النقية لأغراض الشرب وكذلك زيادة الطلب على المنتجات الزراعية لتلبية الاحتياجات السكانية الغذائية تستوجب توسعاً في الزراعة المروية وفي الأنشطة الاقتصادية المختلفة وخاصة الصناعية وما ينتج عنها من ملوثات كالمياه العادمة التي تصرف بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مصادر المياه العذبة السطحية والجوفية كما هو الحال بالنسبة إلى المياه العادمة التي تنتج من المنازل والشوارع وتصب في شبكات الصرف الصحي التي غالباً ما تحتوي على ملوثات كيميائية عضوية خطيرة عند تصرفها إلى مصادر المياه دون معالجة وتؤدي إلى تلوثها ما يقلل من فرص الاستفادة منها في الاستعمالات الطبيعية كالزراعة والغسيل وغيرها.وبالتالي تزيد الفجوة بين العرض والطلب على المياه العذبة ومصادرها خاصة إذا ما علمنا أن الحياة كلها أساسها وعمادها المياه خصوصاً مياه الشرب كل ذلك وغيره من الأمور يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن شح موارد المياه العذبة من أبرز التحديات التي تواجه جهود تحقيق التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية واستدامة مصادر المياه العذبة حتى تنعم بها الأجيال القادمة،لما لها من تأثير على صحة الفرد وسلامته بل وبقائه.
المياه والسكان والتنمية..وتحديات حقيقة
أخبار متعلقة