تحدّين الموت وتفوقن على الرجال ودحضن مقولة إن المرأة للبيت والفراش فقط
لبنان ــ فلسطين / متابعات :اوكلت معظم القنوات الفضائية العربية مهمة تغطية الحرب على جانبي الحدود اللبنانية الاسرائيلية لمراسلات حرب يتحدثن بجرأة من مواقع خطرة، في شكل جديد لتغطية الحرب بدأ جمهور التلفزيون العربي يعتاد عليه منذ الهجوم الاسرائيلي على لبنان.وتتسم تغطية الحرب في لبنان بهذا الحضور النسائي الملفت على الشاشة حيث تفوق عدد من المراسلات على زملائهم الرجال بالوصول الى الخطوط الامامية للجبهة الملتهبة مخاطرات بحياتهن. وهو برهان عملي جديد تقدمه الحياة على خطل وهشاشة الأفكار السلفية التي تحتقر المرأة وتكرس التمييز ضدها وتدعوا الى حصر دور المرأة في امتاع الــزوج وتربية الاطفــال وطبخ الطعام وتنظيف البيــت .وهذه ليست المرة الاولى التي تدخل فيها الصحافيات العربيات على خط التغطية الحربية. فالمراسلات العراقيات ما زلن يشاركن في نقل الحوادث الامنية في بلدهن الذي مزقته اعمال العنف. وقد قدم عدد منهن حياته ثمنا لذلك، وكان آخرهن مراسلة قناة "العربية" اطوار بهجت. اما في النزاع الدائر حاليا بين حزب الله واسرائيل، فقد قتلت حتى الآن مصورة صحافية واحدة في جنوب لبنان هي ليالي نجيب (23 عاما) التي كانت تعمل مصورة لصالح قناة NTV بصاروخ اسرائيلي اصاب سيارة الاجرة التي كانت تقلها بين قرى الجنوب المتقدمة. وقالت كاتيا ناصر مراسلة "الجزيرة" التي اصبح وجهها مألوفا على الشاشة العربية خلال ايام قليلة منذ ظهورها في البث المباشر من على تلال القرى الحدودية اللبنانية مع انها لم تعمل مراسلة من قبل " تطوعت للذهاب للجنوب مع انني اعمل عادة في غرفة الاخبار في الدوحة " المقر الرئيسي للتلفزيون. واضافت كاتيا ناصر ان ادارة القناة لم تحاول ثنيها عن الذهاب الى منطقة الخطر كونها امرأة. وقالت "كان هناك خوف طبعا لكن لم يكن من حسابات اخرى كوني امرأة. على العكس، احسست انه كان هناك احترام لقراري". ويبدو ان زميلتي كاتيا في الضفة الغربية، شيرين ابو عاقلة وجيفارا البديري تعودتامنذ زمن على ان يجدن انفسهن وسط تبادل النيران في تغطيتهما للمواجهات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية. وهذه المرة وقفتا على الجانب الاسرائيلي من الحدود مع لبنان لنقل اخبار صواريخ حزب الله التي امطرت مناطق في شمال اسرائيل. واعترفت كاتيا ناصر بانها تشعر بالخوف في هذا الوضع. وقالت ان "الخوف شيء طبيعي لكن الشجاعة تكمن في السيطرة على مشاعر الخوف حتى لا تظهر على الكاميرا". ويصبح هذا الشعور بالخوف واضحا عندما تروي كاتيا قصة استهداف الغارات الاسرائيلية موكب الصحافيين الذي كان يضمها مع زملائها اثناء اخلائهم المنطقة الحدودية نتيجة اشتداد الخطر. وقالت "احسست ان الحياة دخلت فجأة في حركة بطيئة بينما شاهدت الدخان والغبار يتناثر من حولي"، بعدما سقطت قذائف امام وخلف الموكب الذي ضم خمس سيارات. وظهرت كاتيا اللبنانية ابنة الجنوب على الشاشة اكثر من مرة تحاول جاهدة اخفاء مشاعر التضامن مع القرويين الجنوبيين الذين وقعوا ضحية القصف العشوائي او اضطروا للهروب من منازلهم الى مناطق اكثر امنا. وقالت " بالنسبة لي الناس كانوا اهم من اي شيء يحدث على الارض". واضافت "هذا شعبي الذي يضرب. على الهواء كنت قادرة على الفصل بين مشاعري والتغطية لكني بكيت مرتين بعيدا عن الكاميرا". ولم تكن مذيعة " العربية " نجوى قاسم تعلم ان اجازتها السنوية في وطنها لبنان ستكون متعبة لهذه الدرجة. فقد ذهبت نجوى إلى بيروت ليطمئن أهلها عليها، وكانت ترتب للقاء اصدقائها وزملائها الذين غابت عنهم طويلا، وفي ليلة وضحاها أصبحت هي التي تحاول أن تطمئن على أهلها وعلى زملائها ومواطنيها الذين يتعرضون للقصف. وبرزت الزميلة ريما مكتبي كواحدة من المراسلات المميزات على شاشة قناة "العربية" بتغطيتها للعدوان الاسرائيلي على لبنان.ويبدو ان الزميلات هديل وهدان (مراسلة القناة في الضفة الغربية) وحنان المصري (مراسلة القناة في غزة) وريما مصطفى في حيفا، قد تعودن على تبادل النيران في تغطياتهن للمواجهات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية. فيما وقفت الزميلة ريما مصطفى على الجانب الاسرائيلي من الحدود مع لبنان لنقل أخبار صواريخ حزب الله التي أمطرت مناطق في شمال إسرائيلاما بشرى عبد الصمد مراسلة "الجزيرة" التي عملت حتى 11 يوليو في تغطية المناوشات التي لا تنتهي بين السياسيين اللبنانيين، فقد كانت اول مراسلة تظهر بالسترة الواقية من الرصاص والخوذة من جنوب لبنان. وقامت قناة "العربية" التي تتخد من دبي مقرا لها بارسال صحافياتها ايضا ً لتغطية القصف الاسرائيلي البحري والجوي العنيف لضاحية بيروت الجنوبية. وفي لقطات عدة، بدا القلق على وجهي المراسلتين نجوى قاسم وريما مكتبي وهن يتابعن من تلة مطلة على الضاحية الجنوبية القصف البحري والجوي الاسرائيلي يدك معقل حزب الله ذي الكثافة السكانية العالية. ودفعت القنوات التلفزيونية اللبنانية الخاصة بعدد من صحافياتها الى النقاط الساخنة فتفوقن عددا على زملائهم الرجال. من بنت جبيل ظهرت مراسلة المؤسسة اللبنانية للارسال (ال بي سي) قبل ان تكتسب هذه البلدة الحدودية شهرة عالمية نتيجة المعارك الضارية التي شهدتها بين القوات الاسرائيلية المتقدمة ومدافعي حزب الله. اما مراسلة قناة التلفزيون الجديد (ان تي في) المعارضة نانسي السبع فظهرت متشبثة بسترتها الواقية من الرصاص بينما تجولت في شوارع الضاحية الجنوبية المدمرة. وبدت المراسلات الصحافيات اكثر حرفية من نظرائهم الرجال في التزام معظمهن تدابير السلامة في اماكن الخطر. فكثير من المراسلين الذكور ظهروا يتجولون في مناطق خطرة نسبيا بدون ارتداء سترات واقية من الرصاص. واذا كلف احدهم نفسه عناء ارتداء السترة لا يكمل الاجراءات الوقائية بارتداء الخوذة. وتطوعت بعض هؤلاء المراسلات اللواتي لم يغطين حربا من قبل، لتقديم بعض التحليلات العسكرية. وقالت احداهن بعد سقوط قذائف على الضاحية الجنوبية لبيروت وبدون ان ترى مصدر النار ان "ما سمعناه منذ قليل هو صاروخ اطلق من البحر وليس صاروخا ناتج عن غارة جوية". واضافت المراسلة الشابة على الهواء بكل ثقة " بعد يومين من هذه الحرب كونا خبرة كافية للتمييز بين انواع الصواريخ من صوتها فقط". لكن يبدو ان المخاطرة تؤتي ثمارها من خلال الشهرة السريعة التي تحرزها الصحافيات الشجاعات. وتنقل كاتيا عن رسائل وصلتها من مشاهدين في الدول العربية، عبارة كتبت لها " انت بطلة ". وقالت "اشعر أنني نلت اكثر مما استحق. كنت فقط واحدة من هؤلاء الناس هناك" في الجنوب. وذهب بعض الكتاب الخليجيين في مديحه لاحدى المراسلات التي كانت تنقل الاحداث من بيروت ليقول انها "تفوقت على كيت ايدي وكريستيان امانبور" الصحافيتين الغربيتين المخضرمتين في تغطية الحروب.