قصة قصيرة
القاص الراحل/ طه حيدرشرعت عيناه تدوران في محجريهما بين ارجاء الغرفة الوحيدة ملاذه الذي لامناص فيه ، تعود هذه الحياة ، اذ يتكوم يومياً على سريره المتآكل كثير الصرير، والقابع بخوف وقلق في احدى الزوايا، كشيخ طاعن في السن لم يعد ينتظر شيئاً سوى الموت حيث تطالعه ذات الاشياء يومياً اوكل يوم اصبحت تألفه هي ايضاً ولكنها تبدو اكثر باشكال غريبة.الزوايا الاربع اشباح مرعبة وعدائية تكاد تنقض عليه، فقد هو القدرة الدفاعية - الحقيبة القديمة التي انهكها الترحال والمحطات ، ورجال الجمارك والوجوه التي فقدت ملامحها الانسانية بانت مثل حيوان اسطوري الطلعة يفغر فاه لابتلاعه.فقد هو كل قدراته الدفاعية ابتسم بيأس ( الغربة وطن والحقيبة افضل المساكن ، زوايا الغرفة الاربع اخذت تقترب من بعضها تقترب ماهذا؟همست شفتاه بتوجس ( السقف) اخشابه الممددة بدت كجثث معلقة تحدث فيه ، تغيظة .. خفض نظراته ، همهم مع نفسه :" عجيب ماهذا؟ . النوارس ماعادت تحلق في اجواء الله".. الموجودات الصديقة بالغرفة صارت تتراءى له على هيئة اعداء يتحينون الفرصة لتدميرة . ( ملك السكن في الفنادق) يجيبه صوت فقد ملامحه : افضل الوجبات سمك السردين).هب واقفاً مثل معتقل انهى وجبته اليومية توا من ايد غليظة . شالته قدماه فتح النافذة اغلقها فتحتها ثانية اراد غلقها داخله هاجس انها تلتصق بعضلات رقبته ، شعر بالاختناق ، شرح يتحسس رقبته راودته حاجة للكلام ليتأكد من انه ليس مختنقاً ، تذكر كلمات صديقه : " في السفر افضل البحر وانت).الكلمات حبست خوفها في جوف فمه اصابه دوار قاس ، ظن هواء الغرفة قد تلوث الحالة مابرحت تطارده اخذ يتضايق ، وراحت اصابعه المرتجفة تعدا وردة رقبته النافرة كأنه طفل يتعلم ابجدية الارقام وجهه احتقن دفعته قدماه الى الخارج مازال يمسك الاورده بشده " شعراء السلاطين من الافضل ان ينكحوا انفسهم لسعة تيار هوائي جاف وجد نفسه مختنقاً بلهاثه.افترش قطعة رمع تقع قبالة شريط من اشجار الصفصاف، وثبت نظراته محدقة في اشجارها تذكر السنين التي ولت من عمره والمتراكمة على بعضها ( الفقراء يسيرون جموعا تائهة خلف الفقر وكذب القادة ) هي بالتأكيد تشكل ماضيه ، جلبت انتباهه وريقات الاشجار الاخرى تتلاصق متساقطة.الوريقات تتكوم فوق بعضها مشكلة اكوام فضه مثل رموش اطفال ولدوا امواتاً تشط به الرؤى تثب امامه صورة شاب عجوز ينشد بيتاً من الشعر ( الناس اذا شربوا ينسون احزانهم) يلاحظ ان الاشجار امست جرداء ، اعواد خشبية انه الخريف . قارن بين خريفه وخريف تلك الاشجار.