د· الأحمدي أبوالنور:
القاهرة/ 14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:تثير قضية الزواج العرفي خلافات كثيرة فالبعض يعتبره صحيحاً على أساس أن الصحابة كانوا يتزوجون بهذا الشكل وهو القبول والإيجاب وإذا كان هذا صحيحاً إلا أنهم كانوا يتبعون قواعد الزواج التي أرساها الإسلام من موافقة الولي والإشهار أما الزواج العرفي المعروف هذه الأيام فهو قائم على أساس ورقة يكتبها الشاب للفتاة من وراء أهلها ، وحتى إذا حدث أنهما أشهدا على هذا العقد أو تم إشهاره بطريقة أو بأخري فما مدى صحته ، هذا ما يوضحه د· الأحمدي أبوالنور من خلال محاضرته في جمعية الشبان المسلمين وتحت رعاية معهد الخدمة الاجتماعية بالقاهرة· د / الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف المصري الأسبق والعالم والمفكر الإسلامي أكد أن الزواج العرفي ، الذي يتم بين الشباب والفتيات في المدارس والجامعات باطل لايقره الشرع ولا يرضاه الدين ، وهو مبني علي العاطفة فقط ،وغاب عنه العقل الذي يملكه الولي ، ولهذا فهو محكوم عليه مسبقاً بالفساد والفشل المؤكد في المستقبل وقال : إن العلاقات التي تنشأ بين الشباب والشابات بهذا الشكل علاقة زنا وليست علاقة زواج ·· أنهما لم يقيما للأسرة قدراً ولا وزنا فأقبلا على هذه الفعلة الشنعاء·وأكد أن الإسلام إذ يحرم هذا النوع من الزواج فهو حريص علي أن تبقي وشائج المودة والمحبة بين أفراد الأسرة ··وطالب بضرورة وضع الحلول الجذرية لهذه الظاهرة الخطيرة دينيا واقتصادياً ونفسياً ·وشرح د/ الأحمدي أبو النور وصفه للزواج العرفي بالزنا وأن الحكم على الشيء فرع من تصوره وقال: لنا أن نتصور زواجاً بغير ولي وربما بغير مهر ولا شهود ، ثم لنا أن نتساءل في هذا العرف ·· هل هو عرف طلاب المدارس والجامعات ، أم هو عرف الشباب في كل مكان ، أم المقصود عرف الصحابة والتابعين ؟ أم أنه ما تعارفت عليه الدول والمجتمعات والحكومات ؟أما عرف الصحابة وكيف كانوا يتزوجون ، فهو الذي نبدأ به لنرد علي الذين يجيزون الزواج العرفي بحجة أن الصحابة كانوا يتزوجون بهذه الطريقة ·· وقبل ذلك لابد أن نذكر قول الرسول عن الصحابة : “ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم “ ·· إذا هم خير القرون ، وكان الزواج عندهم يمضي بوجود الولي والمهر ثم الشهود والإشهار ·· فكان الواحد يتقدم إلي الولي خاطباً من يريد الزواج بها ، والولي لابد منه لصحة عقد النكاح ·· قال تعالي : “ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم “··وهذه القوامة تنشأ من حب الأب والأخ وبقية العشيرة للبنت فهم الذين يبحثون عن مصلحتها ، خاصة إذا كانت أمامهم نصيحة الرسول > : (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، وهذا لأهل الفتاة ·· أما عن جانب الفتي فقد كانت الوصيلة لأهل الشاب من الرسول > قمة في الروعة حين قال ( تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها وحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )·ونرى هنا وصية الرسول أن تكون الفتاة ذات صلة بالله أولاً ، فإن كان هناك إلى جانب الدين أشياء أخرى فيها وإلا فالدين يكفيها ·· وأقولها للشباب المقبل على الزواج !ما يتعفف الرجل عن مال زوجته بقدر ما يكبر في نظرها وتزداد احتراماً له ، والزواج الذي يؤسس علي أساس الحب المتبادل والاحترام العميق والثقة في الآخر هو الزواج الدائم والصحيح والذي تنشأ من خلاله أسرة صالحة ·[c1]واقع أليم :[/c]ويضيف د · الأحمدي وإذا قررنا هذا وعملنا طريقة زواج الصحابة ، فإننا نسأل “: هل يتطابق الزواج العرفي الذي يتم بين الشباب هذه الأيام مع زواج الصحابة؟ طبعاً الإجابة بالنفي القاطع··وهل يتوفر فيه ما توفر في زواج السابقين من وجود ولي ومهر وشهود ؟ويعلق د · الأحمدي قائلاً : قبل أن نخوض في تفاصيل فساد هذه الطريقة من الزواج أقول إن الفتاة ، التي ترضي لنفسها ذلك تصبح بغير ثمن ، ورخيصة لا تساوي عند الشاب الذي استمالها شيئاً ، بدليل أنها لو طلبت منه توثيق الزواج فسوف يرفض هذا تماماً ، والشاب الذي يقبل على هذا بغير أهله وبعيداً عن أسرته فهو لا يقدر أسرته ولا يقيم لها وزناً ·· وأعود لأقول إن الذي يجري بين الشباب اليوم لم يحدث مطلقاً في عهد الصحابة ولا الخلفاء الراشدين !أما الدليل على فساد وبطلان هذا النوع من الزواج ، فهو ما روته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها ·· قالت : قال رسول الله : (لا تنكح امرأة بغير أمر وليها فإن نكحت فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل · فنكاحها باطل) والنكاح الذي يتم من قبل الفتاة فقط بغير ولي فهو نكاح مبني علي العاطفة فقط وغاب عنه العقل ولابد من وجود الاثنين معا العاطفة والعقل ·· ولهذا جاء التحذير من هذا النوع من الزواج فالمرأة لا تزوج نفسها ، والبغية هي التي تزوج نفسها ، والبغية هي الزانية··وبالتالي فما يحدث بين الشباب والشابات في المدارس والجامعات إنما هو علاقة زنا وليس علاقة زواج ، لأن الزواج الصحيح يبني علي الولي والشهود والمهر والإشهار ·[c1]عقوق الوالدين :[/c]وفي معرض حديثه عن مساوئ وسلبيات الزواج العرفي ·· أكد د · الأحمدي أن به عقوقاً للوالدين ، ذلك لأن الفتاة حين ترضي لنفسها هذا فهي لا تقيم قدراً ولا وزنا لوالدها أو لوليها أيا كان هذا الولي ·· وكذلك الشاب حين يفعل ذلك فهو عاق لوالديه ·أما الذين يقولون : إن الفتاة حرة إذا بلغت ثمانية عشر عاماً فنقول لهم ليس هذا في الإسلام مطلقاً ، فالأسرة في الإسلام تقوم على أساس الحب والمودة فلا يسمح الإسلام أن تفاجأ الأسرة بالفتاة ، وقد اصطحبت معها شابا وتقول لهم إنه تزوجها ،هكذا بدون علم وموافقة الأسرة والإسلام إنما يقدس العلاقة بين أفراد الأسرة ، ولهذا قال تعالى : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين ) ·[c1]علاج الظاهرة :[/c]وأكد د · الأحمدي أبو النور أن علاج هذه الظاهرة يبدأ حين نغرس في عقول شبابنا أنهم إنما جاءوا للمدارس والجامعات للتعلم وليس للزواج ·· والمسألة لا تقتصر علي هذا بل لابد من إزالة جميع المعوقات لتحقيق الزواج الشرعي السليم ، وأقول أيضاً إنه إن كان هناك معوقات تقف في وجه الزواج الشرعي السليم فليس هذا معناه الانفلات بل الحل في هذه الحالة قول الحق تعالي :( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً ) ·ويجب أن يكون الإنسان هو القائد لهذه الغريزة وليست الغريزة هي المتحكمة ··ومن أدوات ضبط الغريزة عدم تعجل الأمور وإنما الصبر حتى تؤتي البيوت من أبوابها وكلما تحكمت في غريزتك واتقيت الله ، كلما كان لك طريق مع الله تبارك وتعالى يقول المولى عز وجل : (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرآً ) ·