1.5 مليار دولار لحل أزمة المياه في بلادنا
نعمان الحكيم دق جرس الانذار الاخير لازمة المياه التي ظلت تراوح سنين طوالاً دون ان يتنبه لذلك المسؤولون والمعنيون .. خاصة بعد قيام الوحدة المباركة .. فقد طال الإهمال كل شيء ، وبدلاً من أن يهتم المسؤولون بالحفاظ على ماتبقى ، سوفوا وتركوا ( الحبل على الغارب ) و (ذهب الجمل بما حمل ) ولا من رقيب أو حسيب !واليوم استشعر المسؤولون بخطورة نضوب المياه واشترك أكثر من مائة خبير محلي وعربي ودولي لوضع استراتيجية للمياه كلفتها ( مليار ونصف المليار دولار ) واحسبوها بالريال .. كم باتطلع .. وإلى عام 2009م بعد أن أكدت التقارير العلمية ان العام (2008م) هو عام نضوب كلي للمياه بعد جفاف الاحواض والوديان والآبار .. ولنشرب بعدها من البحر اذا وجد البحر في بعض المحافظات .. أما تلك التي لايوجد بها بحر ، فلأهلها ان يبحثوا عن الماء .. أو ليرحمهم أرحم الراحمين !ان اهمال قضية المياه قد جعل الدول المانحة تتبنى مشروعاً انقاذياً قيمته بالمشاركة مع اليمن نفسها ، فتتحمل الدولة اليمنية مايساوي (429) مليون دولار .. وتتحمل الدول المانحة (550) مليون دولار ، لكن على ما يبدو ان خسائر ومديونيات اليمن تفوق الـ(550) مليون دولار .. وهو ما يعني عدم الايفاء بالالتزامات للجانب اليمني ، وهو مايعرقل مشروع الاستراتيجية اذ يصبح قسط الدول المانحة عبئاً لايفي بشيء إزاء التزامات الحكومة اليمنية التي لم تستطع ايقاف النزيف المستمر للمياه أو حماية حقولها وآبارها والحفاظ عليها من العشوائيين الذين يستنزفون قرابة (90) من المياه لزراعة القات .. هذه الشجرة التي بات زارعوها ( مليار ديرات ) وحيتاناً برؤوس بشرية .. وكيف تكون الحياة اذا كان الحوت من بني آدم ، يأكل اخاه الإنسان ، ويسلبه شربه ماء هنية !ويزداد المرء غرابة أن يسمع عن بناء هيكلي واستراتيجي لبناء السدود وحفر الآبار ووضع مقدرات الدولة إزاء مهمة كهذه لدفع الملايين أو لنقل مليارات الريالات .. لكن ذلك لايقف حائلاً دون التسلط ونهب المياه نهاراً جهاراً .. في حين الدولة هي المالك الوحيد لثروة المياه ، حتى وان كانت هناك شراكة وطنية في الاستثمار والبحث والتطوير ، لكن المسؤول الأول والذي يمتلك الحق القانوني هو الدولة بهيئاتها الرسمية والمخولة قانونياً ودستورياً للحفاظ على المياه وتوزيعها بعدالة ، ومن ثم محاسبة كل من يخالف القانون وبيد من حديد .ان حال المياه اليوم اشبه بمريض في غرفة العناية المركزة ، هو قد يكون ميتاً سريرياً ، لكن تأجيل الوفاة إلى حين نزع الأجهزة عنه لتعلن الوفاة بعدها بشكل رسمي .. ونحن نأمل عكس ذلك لمياه بلادنا ولانرجو لها ان تصبح مثل هذا المريض الذي قد يكلفنا حياتنا ، لو سكتنا ولم نحرك ساكنا ً .ان الاستراتيجية والمليارات والجهود البشرية لن تقدم حلولاً ابداً .. إلا اذا طبقنا القانون بتجرد .. وبدون حماية لهذا أو ذاك .. وعلى الأقل لنستفيد من دول الجوار التي تعيش على مياه البحر المقطرة أو المحلاة .. في حين نحن ، والحمد لله ، نعيش على مياه جوفية عذبة ، وحقول خصبة ، فقط ما يجب ان نفعله هو القانون الذي يجب تطبيق بنوده على الجميع مسؤولين ومواطنين ، مستثمرين ورجال مال وأعمال ، يمنيين أو عرباً أم أجانب .. فكلهم سواسية امام القانون ، هذا اذا اردنا أن نحافظ على ماتبقى من هذه الثروة ان اربعة أعوام غير كافية لإصلاح الحال ( 2005 ـ 2009م) ولذلك لابد من إصلاح النفوس وتنقيتها وتفعيل القوانين ، والضغط على زراعة القات قدر المستطاع حتى ولو في (خطة عشرية أو عشرينية ) حتى ينصلح جزء من الحال وبالله الاستعانة .. ونعم المعين .