كان قدر الطفلة (فوزية عبدالله يوسف عمودي) البالغة من العمر 12عاماً أن تنتقل روحها الى باريها في أواسط رمضان الماضي بعد تعسرها في الولادة في المستشفى السعودي بمحافظة حجة ، بعد أن تم انتزاعها من مقاعد الدراسة في الصف الرابع الأساسي وتزويجها وهي في الـ11 من العمر . حالة الطفلة فوزية التي أسمتها منظمة ( سياج ) في بيانها بعروسة الموت ليست حالة نادرة أو قليلة التكرار ، فهي بحسب ( سياج ) تتكرر وقد تسببت في قتل فتيات كثيرات في هذه المنطقة . وفي بداية الشهر الحالي قامت احدى الفتيات بمحافظة تعز بارسال رسالة بخط يدها إلى منظمات حقوقية تفيد فيها أن والدها قام بتزويجها - بصورة قسرية - وهي في الـ12 من عمرها من قريب لها في أواخر العشرينات من العمر ، وأوضحت أنها حاولت الانتحار أكثر من مرة خوفا من الزواج لكنها كانت تفشل في ذلك ، وقد تم تجميد هذا الزواج بعد التدخل المباشر من محافظ محافظة تعز . في فبراير الماضي اجتمع نواب الشعب وتناقشوا طويلاً ثم صوتوا وأقروا تعديل قانون الأحوال الشخصية اليمني بحيث يمنع زواج البنت تحت سن 17 عاماً ، وكالعادة فقد لقي هذا القانون معارضة شديدة وبالذات من قبل كتلة حزب التجمع اليمني للإصلاح النيابية ، التي رفض جميع أعضاءها هذا التشريع باستثناء النائب الاصلاحي عبدالرزاق الهجري ، فيما كان كبار أعضائها الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح يقومون بزيارات مكوكية إلى مكتب رئيس البرلمان والمسؤولين الآخرين من أجل الضغط على البرلمان لإعادة النظر في تحديد سن الزواج الذي اعتبروه بدعة علمانية غربية لا يجوز تطبيقها في بلاد الإسلام .تسربت وقتها تسريبات للصحافة تفيد بأن مجلس النواب قرر إعادة النظر في القانون وإعادة التصويت عليه بعد الضغوط التي واجهها ، لتأتي بعدها التوجيهات الرئاسية بعدم إعادة النظر في تحديد سن 17 سنة كسن آمنة للزواج طالما وقد تم التصويت مسبقاً بالأغلبية ، إلا أن هذا القانون لم يصدر حتى الآن رغم صدور عدة قوانين تم التصويت عليها من مجلس النواب بعد إقرار تحديد سن الزواج . علماؤنا الأجلاء الذين أبدوا معارضة شرسة لقضية تحديد سن الزواج يتذرعون برواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وعمرها تسع سنوات ، وهم بالتالي يفتون بجواز تزويج ولي الامر لابنته ولو كان عمرها يوماً واحداً ، رغم أنهم جميعاً يتفقون على أن زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخصوصية حتى في الزيادة على الأربع ؟ حيث أن المسلم لا يجوز له الزيادة على الاربع ، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم له خصوصية في الزواج سواء كان من ناحية العدد أو السن .. مع العلم بأن العديد من الأبحاث في علم الحديث مؤخراً أثبتت بطلان رواية زواج النبي من عائشة وهي في التاسعة من عمرها وآخرها البحث الذي كتبه الباحث المصري / إسلام البحيري والذي أثبت بطرق علمية حسابية وتاريخية أن النبي تزوج عائشة وهي في الثامنة عشرة من عمرها وليس في التاسعة وهو البحث الذي نشر في عدد من الصحف المحلية والعربية .. لكن حتى اذا أفترضنا زواج النبي من عائشة وهي طفلة فهذا يدخل في خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج . لقد تم إقرار قانون الأحوال الشخصية اليمني بعد تحقيق الوحدة المباركة في عام 1992م وكان يمنع زواج البنت تحت سن 15 عاما وعند إقرار هذا القانون بعد الوحدة ثارت ثائرة علماء تجمع ( الإصلاح ) واعتبروا تحديد سن الزواج عملاً علمانياً وبدعة غربية رغم أن السن القانوني المحدد للزواج في ذلك الوقت كان (15 عاما) ، غير أن هذا القانون تم تعديله بعد انتهاء حرب صيف 1994م - سيئة الصيت - وجاء تعديل القانون بدعم مباشر من كتلة حزب الإصلاح النيابية بعد صعود ( الإصلاح ) إلى الحكم في حكومة الائتلاف ، حيث تم تقديم حزمة من التعديلات القانونية جاءت تحت ستار «تقنين الشريعة» وكان ضمنها تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي تم فيه إلغاء السن القانونية لتزويج الفتاة من سن «15 عاماً» إلى ثانية من الزمان ، حيث أصبح بمقدور ولي أمر الطفلة بموجب القانون المعدل تزويج ابنته ولو كان عمرها يوماً واحداً !! هذا التعديل لقانون الأحوال الشخصية تسبب في مآسٍ وجرائم بحق الطفولة مازالت مئات الآلاف من الأسر تكتوي بنارها بعد أن تم إلغاء تحديد السن الآمن للزواج ليصبح مشرعاً لانتهاكات صارخة لحقوق الأطفال ، لذلك فقد اتخذت الحكومة قراراً صائباً وأعادت الأمور إلى نصابها حين تقدمت إلى مجلس النواب بمشروع قانون يلغي التعديلات التي تمت إضافتها إلى قانون الأحوال الشخصية بعد حرب صيف 94م كون التعديلات التي أدخلت على قانون الأحوال الشخصية والتي سمحت لولي الطفلة بتزويجها متى يشاء ولو كان عمرها يوماً واحداً تعد من الآثار السلبية التي أفرزتها حرب صيف 1994 المشؤومة . إن المطلوب من أعضاء البرلمان اليمني في الوقت الحالي وهم في حالة انعقاد في هذه الأيام أن يفعلوا تصويتهم وإقرارهم لتحديد السن الآمنة للزواج بـ ( 17 عاماً ) ، وأن تنفذ التوجيهات الرئاسية بعدم إعادة النظر في الموضوع وإتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لإصدار هذا القانون الذي لا يقل أهمية عن قوانين تملك غير اليمنيين للعقارات والذي تم إصداره بقرار جمهوري رغم موافقة البرلمان عليه بعد إقرار تحديد سن الزواج ، فيما لا يزال تحديد سن الزواج حبيس أدراج البرلمان اليمني الى اليوم .
تزويج الصغيرات .. بين التصويت البرلماني والتوجيه الرئاسي !!
أخبار متعلقة