الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يلوح بيديه من فتحة في سقف سيارته على طول الطريق الرئيسي من مطار بيروت
بيروت / 14أكتوبر / اليستير ليون: استقبل أنصار حزب الله اللبناني أمس الاربعاء الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد استقبال الابطال لكن زيارته للبنان قد توفر له استراحة قصيرة من تحديات شاقة تواجهه في بلاده.ولابد أن كثيرين بين الحشود اللبنانية التي كانت بانتظاره على طريق مطار بيروت استفادوا من حوالي مليار دولار يقول حزب الله انه تلقاها من رعاته الايرانيين من أجل اعادة الاعمار بعد الحرب التي جرت عام 2006 مع اسرائيل.وفي الداخل كثيرا ما يقول الايرانيون ان من الافضل أن تنفق الاموال التي تغدقها حكومتهم على الجماعات اللبنانية والفلسطينية على حل مشاكلهم التي ستتفاقم اذا صمم احمدي نجاد على موقفه وألغى الدعم الذي يكلف البلاد مبالغ طائلة.غير أن الرئيس الذي يميل للتحدي لا يتراجع بسهولة. وقد يتجاهل المجموعة المتزايدة من منتقديه ما دام يستطيع الاعتماد على مباركة الزعيم الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي.ويتعرض احمدي نجاد الذي نجا من عاصفة من الاحتجاجات الشعبية بعد انتخابه لولاية ثانية عام 2009 لانتقادات حادة لاسلوب تعامله مع المشاكل الاقتصادية التي ترجع جزئيا الى العقوبات المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي الذي يشجعه بقوة.ويعتقد الغرب أن برنامج ايران النووي ستار لانتاج قنابل نووية. وتقول ايران ان برنامجها مخصص لاغراض سلمية بحتة.وقال محمد شاكيل المحلل المقيم في الخليج «الرئيس يلعب لعبة تنطوي على رهان عالي المخاطر في ما يتعلق بالعقوبات .. في البداية عندما تحدى الامم المتحدة تقريبا لتفرضها ثم فعل ما لا يمكن للغرب التسامح بشأنه وهو أن تكون ايران مستقلة وتتمتع بالاكتفاء الذاتي ما أدى الى مسارعته (الغرب) لفرض مزيد من العقوبات.»وأضاف «بينما يقال ان هذا الامر أتاح لاحمدي نجاد الاستمرار حتى الآن فان العواقب السلبية للعقوبات ستكلفه سياسيا لا محالة لان الايرانيين سيبدأون الربط بين فرضها وبين أسلوبه العدواني.»ومن الصعب تحديد حجم الضرر الذي سببته العقوبات لكنها أرهبت الكثير من شركاء ايران في الخارج ومن بينهم موردو البنزين الرئيسيون لها كما قيدت قدرتها على تمويل التجارة او استيراد التكنولوجيا ورفعت تكاليف الاعمال.ويتعين على احمدي نجاد الذي يصور نفسه كمدافع عن الفقراء أن يوزان بين صورته السابقة التي تميزت بالكرم معهم وبين الحاجة الى اصلاح الدعم على الغذاء والوقود الذي يكلف ايران نحو 100 مليار دولار في العام او ثلث الناتج المحلي الاجمالي.ومرة أخرى تم تأجيل الخفض التدريجي للدعم والذي أرجئ طويلا في مؤشر محتمل على أن السلطات تخشى اذكاء التضخم واثارة قلاقل اجتماعية. وكان من المقرر بدء تطبيق اجراءات خفض الدعم في 23 سبتمبر ايلول.وقال رسول نفيسي محلل الشؤون الايرانية في جامعة ستراير بفيرجينيا انه يشك في امكانية تطبيق اصلاح الدعم قريبا.وقد تلجأ الحكومة التي تعاني نقصا في السيولة اما الى خفض قيمة الريال والابقاء على الدعم أو الغائه وضخ الاموال للطبقات الفقيرة من الشعب و»بالتالي تعزز نوعا معينا من حروب الطبقات بزيادة فقر الطبقة المتوسطة.»وتعهد احمدي نجاد بتخفيف أثر تخفيضات الدعم من خلال توزيع معونات على المحتاجين لكن حتى المتشددين يعتبرونه مخطئا بسبب الغموض المحيط بموعد وتفاصيل الاصلاحات.غير أنه لا يوجد أي مؤشر حتى الآن على أن الاستياء من الاوضاع الاقتصادية قد يحيي حركة المعارضة التي ازدهرت بعد انتخابات الرئاسة عام 2009 التي قوبلت اما بالترويع او القمع.غير أن احمدي نجاد أثار أيضا غضب المجموعات المحافظة مثل التجار ورجال الدين الذين كانوا يمثلون ذات يوم الحجر الاساس للثورة الاسلامية. وأدت زيادة الضرائب الى اضرابات بالاسواق في ايران.وينتقد المحافظون احمدي نجاد بشدة لاستخفافه بالبرلمان ومجلس صيانة الدستور وهو هيئة تشريعية قوية.ويقولون ان زعمه بأن الجهاز التنفيذي لا البرلمان هو السلطة الاعلى يتناقض مع قول مأثور شهير لآية الله الخميني الزعيم الراحل للثورة الذي كان يعتبر المجلس حائط الصد ضد الحكام المستبدين مثل الشاه الذي أطاح به عام 1979 .حتى احمد جنتي رجل الدين المحافظ الذي يرأس مجلس صيانة الدستور والذي كان يدعم احمدي نجاد بشدة احتج.ونقلت صحيفة كار فا كارجار عن جنتي قوله الاحد الماضي «التبذير الذي يجري حاليا في الجهاز (التنفيذي) إثم ويدفع الناس نحو ارتكاب تصرفات غير أخلاقية.»لكن احمدي نجاد الذي أثار انتقادات دولية ايضا لتصريحاته التي قال فيها انه يجب محو اسرائيل من على الخريطة ولتشكيكه في محارق النازي يبدو رابط الجأش.وربما يستمد هذا الهدوء من دعم خامنئي الزعيم الاعلى صاحب السلطة المطلقة في ايران الذي أيده بعد الانتخابات ومن الحرس الثوري الذي يدعمه.وقال شاكيل المحلل المقيم في الخليج ان القوة والاعتماد المتبادل بين هذا الثلاثي يعني أن من غير المرجح أن يتنازل احمدي نجاد حتى لخصومه في المؤسسة لكنه سيكون حريصا على الا يغضب خامنئي.وأضاف «تبرؤ خامنئي من احمدي نجاد في هذه المرحلة سيعني اثارة تساؤلات بشأن حكمه الاولي وهو مأزق يستطيع الرئيس استغلاله لصالحه.»ويوم الاثنين الماضي منح خامنئي الرئيس احمدي نجاد نصرا على خصومه المعتدلين في المعركة المستمرة منذ فترة طويلة للسيطرة على اكبر جامعة خاصة في ايران معلنا أن الوقف الخاص بجامعة ازاد أمر «غير مشروع دينيا وقانونيا.»وتحدث بعض منتقدي الرئيس المحافظين في البرلمان صراحة عن مساءلته لكن محللين يقولون انه سيظل على الارجح في الحكم حتى تنتهي ولايته في عام 2014 .وقال نفيسي «لا يوجد تحد قوي بما يكفي لاسقاط احمدي نجاد لانه يعتمد على خامنئي وليس على الدعم الشعبي.»