بطانة كل شخص هي الحاشية المحيطة به والتي تؤثر كثيراً في تصرفاته سلباً أو إيجاباً ! .وعندما نستخلص سلوك العلاقات الإنسانية وإفرازاتها التاريخية بجلاء فإن ذلك لا يكون بمعزل عن دور البطانات في صنع الأدوار الموجبة أو السالبة في تاريخ الأفراد والجماعات .ومن اللطائف ذات الصلة بالموضوع ، وقفت على إحداها في كتاب “ البداية والنهاية “ لابن كثير القرشي صاحب التفسير المشهور باسمه تقول : إن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى عمر بن الخطاب يقرب ولده عبدالله ابن عباس ، ويحضره مجالسه ، أوصى ولده عبدالله يقول : يا بني إني أرى عمر يدنيك منه ، فأحفظ عني ثلاثا ً: لا تفشين له سراً ، ولا تغتابن عنده أحدا ً، ولا يجربن عليك كذباً!! .قال الشعبي لأبن عباس: كل واحدة خير من ألف! فقال أبن عباس : بل خير من عشرة آلاف !! .وفي مساحة الضوء تتجلى حقيقة دور البطانة كعنصر تأثير يستحيل تجاهله في العلاقات الإنسانية ! .فكل بطانة فيها أشرار يعبدون مصالحهم الأنانية من دون الله ، ويتسلقون العلياء على أكتاف الزور “!” الذي يطوونه حول من ضللوه من الحكام فتنعكس إدارتهم على الواقع فساداً يضرب اطنابه في كل مكان وخططاً تفشل ، وتدهوراً ينخر في المجتمع والدولة ، ربما انهياراً في كل شيء !! .فهم ـ أعني بطانة السوء ـ لا يتورعون عن إفشاء السر، ولا يترفعون عن التزلف الكذاب الذي طبع الله قلوب أهل الباطل على حب سماعه منهم ومكافأتهم عليه ! .. فكم من الكذب يكيلون وكم من الحقائق يحجبون في سبيل إغواء هذا الحاكم المغرور بهم وإعاقته عن مسيرة النهوض برعيته !!لكنه مشوار قصير، لأن الغلبة للحق ، مهما أعماهم بريق الهوى والغرور ، أليس الله يقول : “ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ، ولكم الويل مما تصفون “ .ويظل الأنقياء في كل زمان ومكان أغنياء بشرفهم ، حتى ولو عصبوا على بطونهم الحجارة من الجوع “!” وحتى لو سلطت الأيام عليهم من سواهم ليتكالبوا كالذئاب .وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلاَّ كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، والمعصوم من عصمة الله !! .هؤلاء هم بطانة السوء في كل مختلف جولات الحياة ، وتعاقب أدوار التاريخ !! عندما يحكمون الإمساك بزمام الأمور بقوة فإنهم يصنعون سياجاً منيعاً على الحق ليحجبوه “!” ويحفرون هاوية السقوط ببطء حتى ينتهي بهم الختام إلى استحقاق شهادة الخزي ولعنة التاريخ !! .
بطانة السوء !!
أخبار متعلقة