محمد علي صالح:إذا كان ميلاد وقيام الجمهورية قد شكل حدثاً وإنجازاًُ رائعاً وعظيماً، ومحطة هامة ونقطة تحول في حياة شعبنا اليمني نحو تحقيق تلك الإنجازات والتحولات الكبيرة في مختلف المجالات، وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي وعلاقة مضيئة في تاريخ أمتنا العربية، واثبت أن قيامها يشكل ركيزة هامة لتثبيت دعائم الاستقرار والأمن والحفاظ على مصالح كافة الأطراف والقوى الاقليمية والدولية في اطارها ومحيطها.فمن الأهمية بمكان القول إن الجمهورية اليمنية منذ قيامها تعرضت لجملة من التحديات والاخطار ومشاكل وصعوبات لا حصر لها، ولكنها استطاعت أن تقف أمامها، وتتغلب على جميع التحديات والاخطار بفضل التفاف وبسالة ووحدة واصطفاف شعبنا في معركة الدفاع عن الوطن والحفاظ على كافة الانجازات التي تحققت بالروح والدم، وبالتضحيات الجسام، وسوف نحاول في هذا التناول أن نسلط الضوء حول الإنعكاسات والتأثيرات التي تركتها حرب وفتنة صعدة بمختلف تموضعها واشتعالها وتفجيرها على بلادنا، ولما الحقته من ضرر وشروخ عميقة في الجسد والكيان الاجتماعي والنفسية والاجتماعية ووعي مجتمعنا اليمني كونها واحدة من تلك التحديات والاخطار .. والتي من الصعوبة بمكان التغلب عليها وتجاوزها في فترة وجيزة.وتحتاج إلى جهد وإلى عمل جاد وإرادة حقيقية من كافة أبناء الوطن لتجاوز ومحو آثار ما خلفته تلك الحرب التي أستمرت كل ذلك الوقت .. تنهش خيرات وإمكانات البلد .. وقضت على الأخضر واليابس وتكبدت من جراها خسائر وأعباء وصعوبات اقتصادية وبشرية باهضة.سيبقى اطفاء نار فتنة وحرب صعدة وأخمادها والتغلب على آثارها وتداعياتها وانعكاساتها وأضراها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتوصل إلى حل جذري ينهي المشكلة من جذورها، الهم الأكبر يضغط على كاهل السواد الأعظم من أبناء شعبنا اليمني .. وجذر مفصل التحدي الذي تواجهه بلادنا اليوم في هذه اللحظة البالغة الحرجة التي تمر بها أمتنا ومنطقتنا العربية وفي هذه المرحلة العالمية البالغة الخطورة والتعقيد والحساسية التي تتسم بتداخلها وتشابكها المعقد والمركب على المستوى الكوني سيبقى الأرتسام للمخاوف والتحديات أمام بلادنا على ذلك النحو لاعتبارات عديدة أهمها. أولاً: أن حرب وفتنة صعدة صناعة استخبارية بامتياز اشترك في حبكها والتخطيط لها لكي تكون على ذلك النحو من الاشتعال والتفجر في المكان والزمان والوعي أكثر من جهاز استخباري.ثانياً: إن حرب وفتنة صعدة اختزلت اكثر من بعد ودخلت في صناعتها وتركيبها جملة من العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية وتشابكت وتقاطعت تحت سمائها مصالح ورغبات وتوجهات أكثر من طرف اقليمي ودولي.ثالثاً: أن المشكلة ـ الفتنة ـ تمثل في حقيقتها أحد فصول الاستهداف الموجه للنيل من حضور ودور ومكانة الجمهورية اليمنية وايقاف مسيرة النهوض والتقدم الحضاري وتعطيل برنامج ونهج التحولات الديمقراطية التي اختطها بلادنا واستطاعت ان تحقق من خلالها جملة من النجاحات والمكاسب العظيمة على الصعيدين الداخلي والخارجي.رابعاً: أن حرب وفتنة صعدة تعتبر آخر حلقات وفصول السيناريو المرعب الذي يراد من خلاله إعادة ترسيم وتقسيم خارطة وجغرافيا المنطقة بفائض الدمار والموت وبالتهديدات والمخاطر وأغراقها بالويلات والمآسي وتسويرها بالمخاوف ووضعها بين مخالب العنف والإرهاب.وإذا كانت ملامح ذلك السيناريو قد أرتسمت في سماء المنطقة بوضوح بأكثر من بعد ملتهب وبعناقيد الغضب وفي هيئة العاصفة والصدمة والرعب .. وحالة الدمار للعراق وعملية التصفية للقضية الفلسطينية وذبح الشعب العربي الفلسطيني من الوريد إلى الوريد، وفي المسألة اللبنانية والمشكلة السودانية والقضية والمأساة الصومالية!!وملفات وحالات اخرى أكثر سخونة وتعقيداً فحري بنا القول على خلفية ما تقدم أن ذلك السيناريو يراد من خلاله الذهاب إلى ما هو أبعد من الحالة الراهنة.. وإلى تقسيم ماهو مقسم وتجزئة ماهو مجزئ، وتعميق حالات التناحر والخلاف الاجتماعي المذهبي في فكر ووعي أبناء أمتنا العربية وارجاع عجلة الزمن إلى الوراء.ويراد من خلال ذلك الاستهداف والسيناريو اعادة تفكيك وتركيب الحالة القطرية وتفتيت الكيان والهوية للمجتمعات العربية وتقسيمها إلى كانتونات صغيرة وإلى أمارات ومشايخ ومصالح تابعة لدوائر ومركز دول القرار العالمي ويراد من خلال ذلك السيناريو ايضاً فتح المجتمعات المغلقة واغلاق المجتمعات المنفتحة وزرعها بالتطرف والعنف والفوضى الخلاقة وقطع الطريق عليها من الذهاب إلى المستقبل ومنعها من تسخير امكاناتها ومواردها في خدمة أهدافها وبرامجها التنموية .. ولايتوقف السيناريو وفصل الاستهداف عند ذلك المعطى، ولكنه يحاول أن يذهب بالمنطقة إلى أبعد من ذلك وإلى إغراقها بمشاكل وصراعات لاحصر لها وايقاض مشاعر العداء والكراهية وحالة الإحباط وعدم الثقة، وبمزيد من الإفقار المادي والروحي وتوسيع الهوة بين النظم والسواد الأعظم من الجماهير، وإنضاج الظروف وتهيئة المناخات لأحداث التغيير والانقلاب أمام قوى التغيير الاجتماعي الجديدة المرشحة للامساك بزمام الأمور .. من خلال فتح قنوات الاتصال والمنابر الديمقراطية والإعلامية للتعبير عن نفسها التي كانت حكراً على السلطة.تتجلى حقيقة ومغزى ذلك الاستهداف لبلادنا بوضوح عندما نلاحظ بأن توقيت انفجارها وتحدد فصول المواجهة من عناصر الفتنة على امتداد الثلاثة الأعوام الماضية تزامن وأتى بعد كل نجاح وانجاز حققته بلادنا على الصعيدين الداخلي والخارجي.وان معطى التفجر والاستهداف جاء بعد الحضور الذي سجلته الدبلوماسية الرئاسية اليمنية على المستوى العالمي .. الذي تجسد في المشاركة الإيجابية لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح في قمة الدول الصناعية التي انعقدت في منتصف 2004م بالولايات المتحدة الأمريكية.وعقب النجاح الكبير الذي حققه المؤتمر العالمي للديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير الذي اختطته العاصمة صنعاء وصدر عنه "إعلان صنعاء" الممهورة باجماع عالمي رسمي وجماهيري في مسيرة وتاريخ العملية الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط ونلاحظ ايضاً التجدد والاتساع لدائرة المواجهة والانشغال مع فتنة صعدة مع عناصر التمرد في مطلع العام الحالي أتى النجاح والانجاز الديمقراطي الذي اجترحته بلادنا المتمثل بالانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت اواخر العام الماضي 2006م.وبعد اكتمال عقد المرحلة الديمقراطية لكافة السلطات الرئاسية والنيابية والمحلية بمشاركة كافة ابناء الوطن اليمني ولذلك نعود إلى أن عملية الاستهداف للنيل من هامة ومكانة وحضور الجمهورية اليمنية وزرع الصعاب والعراقيل في طريقها لم تتوقف لحظة واحدة منذ قيامها، وقد شاهدنا كيف استطاعت أن تقف في وجه التحديات والأخطار، وما أن نتغلب وتنطوي فصول أزمة حتى تجد نفسها على موعد مع اخرى ...!ابتدءاً من حرب صيف 1994م مروراً بتوتر وسخونة العلاقة مع دول الجوار العربي والأفريقي "أزمة حنيش وتفاعلت فتنة الحدود مع الاشقاء في المملكة ما قبل اتفاقية التفاهم عام 1995م واتفاقية جدة ووصولاً إلى الاضرار والآثار الذي تكبدتها اليمن على خلفية الاعمال الإرهابية التي تعرضت لها المتمثلة باختطاف السياح وتفجير البارجة الامريكية "V SS COL” كول وناقلة النفط ليمبرج في ميناءي عدن والمكلا .. والتداعيات والانفجار الكبير المتمثل في الـ 11 من سبتمبر.الذي غير خارطة العلاقات الدولية، وما ترتب عليه من اضرار على بلادنا وعلى العرب والمسلمين الذي حتم على المجتمع الدولي تبنى أجندة سياسة عالمية موحدة لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه واجثاثه من جذوره وحتم على بلادنا أن تنخرط تحت مظلة الجهد الدولي لمحاربة الظاهرة والذهاب إلى ابرام العديد من الاتفاقات الأمنية الثنائية مع عدد من حكومات ودول العالم، ولم تفلح محاولة بعض الدوائر والاجهزة الاستخبارية التي حملت نفسها عناءاً كبيراًُ في وضع اليمن في دائرة الإرهاب وتشويش صورتها واعتبارها بؤرة للتطرف وهدفاً تالياً للحرب العالمية بعد افغانستان!!إلى عكس ما كانت تزعم تلك الأجهزة فقد استطاعت الجمهورية اليمنية أن تؤكد وتثبت للمجتمع الدولي أنه شريك فاعل في محاربة الإرهاب ولاعب رئيس في اطارها ومحيطها الاقليمي الدولي للحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية مصالح الاطراف الدولية ولاعتبارات اخرى متعلقة بموقعها الاستراتيجي الجغرافي المطل على أهم مضايق وممرات التجارة العالمية ونظراًُ لما تتميز به من خصوصية ثقافية وحضارية وتفرد في النهج والممارسة الديمقراطية وغيرها من دول المنطقة ومراعاة لأهمية الدور الذي تضطلع به لمحاربة الارهاب في منطقة جغرافية مشحونة بالتطرف ونقل بالحروب والصراعات والمشاكل المختلفة ومن افقر دول العالم.
الجمهورية اليمنية ومواجهة التحديات
أخبار متعلقة