جوهانسبرغ / 14 اكتوبر / متابعات: قلبت أوروبا الطاولة على أمريكا الجنوبية بتواجد ثلاثة منتخبات من “القارة العجوز” في دور الاربعة من مونديال جنوب إفريقيا 2010 بعد أن كانت الأفضلية لغريمتها في الدورين الثاني وربع النهائي.وكان الجميع يعتقد ان أمريكا الجنوبية ستكون المهيمنة على نصف النهائي بعد ان تواجد 4 ممثلين لها في دور ربع النهائي، مقابل 3 لأوروبا وذلك لأول مرة منذ اعتماد الدور ربع النهائي في مونديال 1954.وبلغت البرازيل والأرجنتين والأوروغواي والبارغواي ربع النهائي من أمريكا الجنوبية، في حين تأهلت ألمانيا وهولندا وإسبانيا من القارة الأوروبية، ومن بين المنتخبات الأمريكية الجنوبية الخمسة التي تأهلت الى الدور الثاني، وحدها تشيلي عجزت عن بلوغ ربع النهائي، لكن أمام فريق من قارتها (البرازيل صفر- 3).ومنذ مونديال 1954، كان ممثلو أوروبا أكثر بمرتين أو ثلاث مرات من المنتخبات الأمريكية الجنوبية في ربع النهائي.وفي مونديال 2006، خاضت هذا الدور ستة منتخبات من أوروبا ومنتخبان من أمريكا الجنوبية، وهي أرقام مشابهة للنسخ السابقة: 5 - 1 في 2002 و6 - 2 في 1998 و7 - 1 في 1994 و6 - 1 في 1990 و5 - 2 في 1986.وكان النظام مختلفاً في نسخ 1974 و1978 و1982، لكن النسبة كانت مشابهة سابقا، ما عدا عام 1970 عندما تواجدت أربعة منتخبات أوروبية وثلاثة منتخبات أميركية جنوبية.لكن كبار أوروبا قلبوا الطاولة تماماً في دور نصف النهائي بتأهل اسبانيا وألمانيا وهولندا، فيما بقي ممثل واحد لأمريكا الجنوبية هو الاوروغواي التي كانت تخلصت من “الدخيل” الوحيد على الدور ربع النهائي وهو ممثل القارة الافريقية المضيفة المنتخب الغاني. [c1]أوروبا مرشحة بقوة[/c] وتبدو القارة الاوروبية مرشحة أكثر من اي وقت مضى في كسر روتين تبادل دور البطل مع امريكا الجنوبية، وستكون الانظار موجهة الاربعاء الى ملعب «موزيس مابهيدا» في دوربن حيث الموقعة النارية المرتقبة بين العملاقين الالماني والاسباني، فيما تتواجه هولندا غداً الثلاثاء مع الاوروغواي.وكان مسار المنتخبات الاوروبية نحو دور الاربعة مختلفاً، فخطفت ألمانيا الاضواء تماماً وحققت «الثورة» والمفاجأة، مخالفة التوقعات التي اعتبرت ان الـ«مانشافت» سيعاني خصوصاً في ظل غياب قائده ميكايل بالاك، لكن رهان المدرب يواكيم لوف على تشكيلة شابة لا يتجاوز معدل أعمارها 24 عاماً كان في مكانه تماماً.لعبت الظروف والاصابات دورها في أن يخوض المنتخب الالماني مونديال جنوب افريقيا 2010 باصغر تشكيلة له في النهائيات منذ نسخة 1934، الا ان ذلك لعب في مصحلته نظرا الى المستوى الذي ظهر به لاعبوه الشبان في النسخة التاسعة عشرة حيث تعملقوا وقدموا كرة رائعة سمحت لهم بالحاق هزيمة نكراء بكل من العملاقين الانكليزي (4 - 1) والارجنتيني (4 -صفر) في الدورين الثاني وربع النهائي. [c1]«المانشافت»[/c]دخل وصيف بطل اوروبا 2008 وثالث مونديال 2006 العرس الكروي الاول على الاراضي الافريقية بمعنويات مرتفعة بفضل العروض التي قدمها خلال تحضيراته بقيادة جيل من اللاعبين الشبان الذين شقوا طريقهم الى التشكيلة في فترة زمنية قصيرة لم يكن يتوقعها الكثيرون.اجبر لوف على اتخاذ خيار الاعتماد على الشبان نتيجة قراره استبعاد بعض المخضرمين مثل تورستن فرينغز وكريستوف ميتسلدر والحارس ينز ليمان وتوماس هيتسلسبرغر الذين كانوا من العناصر الاساسية خلال كأس اوروبا 2008.ثم مني المنتخب ببعض الاصابات ابرزها للقائد بالاك ما دفع لوف الى البحث عن بديل تمثل بصانع العاب فيردر بريمن مسعود اوجيل (21 عاما)، فيما تراجع باستيان شفاينشتايغر ليلعب امام المدافعين.وتسلم فيليب لام الذي لا يتجاوز السادسة والعشرين من عمره مهام القائد الذي يحث زملاءه الشبان مثل المتألق توماس مولر (20 عاما) على الاندفاع والتألق، والمفارقة ان جيل المخضرمين في تشكيلة المانيا الاساسية يضم لام (26 عاما) وشفاينشتايغر (25) وبير ميرتيساكر (25) ولوكاس بودولسكي (25 ايضا).وهناك ثلاثة لاعبين فقط يتجاوزون حاجز الـ26 عاما، وهم ميروسلاف كلوزه (31 عاما) وكاكاو (29 عاما) وارنيه فريدريتش (31 عاما)، اضافة الى الحارس الثالث هانز-يورغ بوت (36 عاما).وبتسجيله 13 هدفا في خمس مباريات فقط، لم يعد الـ«مانشافت» ذلك المنتخب الذي يلعب بواقعية قتالية دون ان يمتع، بل تحول اداؤه الى سلسلة من التحركات السلسة والسريعة والحيوية التي تمتع الجماهير بفنيات لاعبين مثل شفاينشتايغر واوجيل ومولر وبودولسكي وبفعالية كلوزه وكفاحية خضيرة.
منتخب اسبانيا
[c1]بطل أوروربا[/c]اما في المعسكر الاسباني، فكان التعويل على عامل الاستمرارية مع التشكيلة التي توجت بلقب كأس اوروبا 2008 على حساب المانيا بالذات، وقد استلم فيسنتي دل بوسكي مهام الاشراف على «لا فوريا روخا» بعد التتويج القاري بدلا من لويس اراغونيس، وقد نجح مدرب ريال مدريد السابق في الارتقاء الى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه وقاد بلاده الى الدور نصف النهائي للمرة الاولى منذ 1950 بالفوز على منتخب الباراغواي 1 -صفر في ربع النهائي.تسلم دل بوسكي مهامه في المنتخب بعد كأس اوروبا مباشرة ونجح في قيادته لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق ابطال اوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى مرتين في خلال ثلاثة اعوام تقريبا، الاولى على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي (صفر- 2)، والثاني في مستهل المشوار المونديال على يد سويسرا (صفر- 1).لايزال المنتخب الاسباني يقدم العروض التي سمحت له بان يتوج بطلا لكأس اوروبا للمرة الاولى منذ 1964، بقيادة «رئتيه» تشافي هرنانديز واندريس انييستا وسلاحه التهديفي الفتاك دافيد فيا الذي توج هدافا لكأس اوروبا 2008 باربعة اهداف، وهو يتجه على الارجح للظفر بلقب هداف المونديال بعدما سجل حتى الآن خمسة من اهداف بلاده الستة.
منتخب هولندا
[c1]«الطواحين»[/c]اما من ناحية هولندا التي خرجت فائزة بمبارياتها الثلاث في دور المجموعات للمرة الاولى في تاريخ مشاركاتها، فيبدو انها وضعت خلفها مشاركتها في مونديال 2006 ومواجهتها الدموية مع البرتغال، واخفاق كأس اوروبا 2008.ويحقق المنتخب الهولندي نتائج مميزة حيث حافظ على سجله الخالي من الهزائم للمباراة الرابعة والعشرين على التوالي (رقم قياسي محلي)، بدأها مع الفوز على مقدونيا في 10 ايلول (سبتمبر) 2008، علما بان هزيمته الاخيرة تعود الى 6 ايلول (سبتمبر) 2008 عندما خسر امام استراليا 1 - 2، وقد حقق رجال المدرب بيرت فان مارفييك 19 فوزا في هذه السلسلة مقابل 5 تعادلات، وجاء الفوز التاسع عشر بنكهة خاصة تماما لانه كان ثأريا على المنتخب البرازيلي (2 - 1) الذي كان اطاح بالبرتقاليين من نصف نهائي 1998 بركلات الترجيح وربع نهائي 1994.نجح الهولنديون بالواقعية التي يعتمدها مدربهم بيرت فان مارفييك، في تجنب سيناريو مشاركتهم الاخيرة في العرس الكروي عندما ودعوا من الدور الثاني على يد البرتغال، ويبدو انهم محوا صورة الفريق الخارق في الادوار الاولى والعادي في المباريات الاقصائية، من خلال التخلي عن اسلوب اللعب الشامل الذي لطالما تميزت به الكرة الهولندية في السبعينات عبر منتخبها الوطني الذي بلغ نهائيات كأس العالم عامي 1974 و1978، او ناديها الشهير اياكس امستردام الذي اعتلى عرش الكرة الاوروبية ثلاث سنوات متتالية (1971 و1972 و1973) بفضل لاعبين افذاذ يقودهم الطائر يوهان كرويف وروبي رنسنبرينك ورود كرول وأري هان وغيرهم.وكانت هولندا وتحديدا مدربها الشهير الراحل رينوس ميكلز صاحب الفضل في تعريف العالم على اسلوب الكرة الشاملة، المبنية على قيام كل اللاعبين بالهجوم عندما تكون الكرة في حوزتهم، والدفاع عندما تكون الكرة في حوزة الخصم، لكن هذه الخطة لم تنجح في منح البلاد المنخفضة اللقب العالمي حيث سقط على اعتاب المباراة النهائية.وتغير الوضع مع فان مارفييك في المونديال الحالي، اذ ان المنتخب الهولندي يبرع بنظامه وانضباطه داخل الملعب اكثر من اعتماده على الكرة الجميلة والاستعراضية، وقد اعطت هذه الخطة ثمارها وتأهل الهولنديون الى نصف النهائي للمرة الاولى منذ 12 عاما، وتبدو الطريق ممهدة امامهم لبلوغ النهائي للمرة الاولى منذ 1978 والثالثة في تاريخهم لانهم يواجهون الاوروغواي في دور الاربعة. [c1]الممثل الوحيد لأمريكا الجنوبية[/c]لكن ممثل امريكا الجنوبية الوحيد في المربع الذهبي لن يكون لقمة سائغة في فم منتخب «الطواحين» لانه اقترب مجددا من تذوق طعم الامجاد الغابرة بعد ان حجز مقعده بين الاربعة الكبار للمرة الاولى منذ 40 عاما بفضل «يد الله» بنسختها الجديدة وبطلها لويس سواريز الذي راهن على القدر في الثواني الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني امام الغانيين، ونجح في رهانه فسدد اسامواه جيان ركلة الجزاء في العارضة وبلغت الاوروغواي دور الاربعة بعد دقائق معدودة عبر ركلات الترجيح.سيغيب سواريز عن نصف النهائي امام هولندا بسبب البطاقة الحمراء التي حصل عليها بابعاده الكرة بيده عن خط المرمى، وسيحمل دييغو فورلان عبء مواصلة حلم «لا سيليستي» الباحث بقيادة مدربه الفذ اوسكار تاباريز عن استعادة ايام المجد ورفع الكأس الغالية للمرمى الثالثة بعد عامي 1930 و1950.ويبقى ان نرى اذا كان المنتخب الاوروغوياني الذي يعتبر «الحلقة» الاضعف في المربع الذهبي، سينجح في مفاجأة العالم وتكريس عقدة الاوروبيين الذين عجزوا عن رفع الكأس حتى الآن خارج قارتهم العجوز او سيتواجد منتخبان اوروبيان في المباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي.