السدر: أكرم الشجر وأكثرها فائدة للإنسان
لازمت الانسان في فن المعمار وفي صنع الأواني متعددة الاستخدام تحقيق / عبدالقوي الاشولالسدر أو العلب .. وجمعها (علوب) أشجار باسقة معمره ضخمة الجذوع والفروع تنتشر في هضاب الجبال المرتفعة وبطون الاودية ومجاري السيول في معظم نواحي بلادنا الاّ أن عدداً من المناطق تميزت بكثافة اشجار السدر كما هو الحال في (دوعن) حضرموت وأودية جبال ردفان ومناطق يافع وشبوه مأرب الاّ أن أشجار السدر لا يقتصر تواجدها على مناطق معينة وإن اختلفت في حجم كثافتها والسدر مقدس لدى بعض الديانات والمذاهب كما هو الحال عند مذهب أهل الشيعة..وهو شجر غشاه الله برحمته كما جاء في محكم كتاب الله ( القرآن الكريم)..ولو أننا تأملنافي مزايا السدر وفوائده ومجالات استخدامه لأدهشتنا تلك الاشجار الشوكية بنطاقات استخداماتها المتعددة الى درجة إن كل جزء منها له خواص..ولعلنا نذكر جزءاً من تلك الخصائص لنضع القارئ على حقيقة اشجار السدر التي عرفها الانسان منذ اقدم العصور واهتدى الى استخداماتها الواسعة في حياته.فجذوع الشجر الضخمة وفروعها المتعددة استخدمت منذ اقدم الازمنة في مجال الإعمار .. وعندما تطورت أعمال وفنون المعمار لم يتم الاستغناء عنها بل زادت اهميته .. فكان أن استخدمت الاجزاء ذات الطول والسمك المتوسط من الفروع والجذوع .. كسقوف للمنازل وهي عادة مازالت قائمة في عدد من أرياف بلادنا .. أما الجذوع الضخمة للشجرة فيتم الاستفادة منها بعد أن يتم تجزئتها بواسطة المناشير سواء الحديثة او التقليدية .. في صنع ( عتبات المنازل) أي الابواب الرئيسية بالاضافة الى النوافذ والابواب الداخلية وهو ماجعل الاهالي خصوصاً في حضرموت يدخلون عليها فنونهم في النقوش التي جعلت من تلك النوافذ والابواب تحفاً فنية قائمة بذاتها أما الميزة الاخرى لهذه الجذوع فما كان يتم نحته من صحون وأكواب قديمة غاية في الروعة والصلابة والاتقان وهذا النوع من الاواني كان مفضلاً لدى جيل الاجداد والآباء لصفاتها الرائعة كأواني فاخرة وصحية .. وهي عادة ما كان لها أن تنقرض كما أن بالامكان تشجيع إحيائها عند سكان بعض المناطق الريفية التي اشتهرت بصناعاتها منذ سالف الازمنة.أما الاستخدامات الثانوية .. لأجزاء الشجرة فنجد أنها تستخدم في بعض الاحتياجات مثل صناعة ( الرشب) أي المداع أو النارجيلة عند آهالي القرى وألواح الكتابة ألواح القراءة كما هو الحال في سائر المصاحف القرآنية .هذا على نطاق الجذوع والفروع..أما الاستخدام الاوسع فنجده في مايعرف عن السدر من ارتباط بأفضل وأجود أنواع العسل كما هو الامر في شهرة العسل الدوعني بأحد أودية حضرموت وهو العسل ذو الاثمان المرتفعة والفوائد الصحية العديدة نظراً لسعة استخداماتها في وصفات المرض والتي غالباً ما يوصف بالسدر كعسل .. ذي المذاق الحلو والمناسب خصوصاً لذوي الامراض المعوية الحادة .. ناهيك عن ما في هذا النوع من العسل من فيتامينات وفوائد لا حصر لها وأحب أن أشير هنا الى خاصية السدر في موسم إطلاق الزهر أي في تلك المواسم التي تزهو الاشجار بمظهرها الخلاب حين تكسو اعضاءه زهرات خفيفة متقاربة تميل الى البياض ذات رائحة عطرية نفاذة تملأ ساحات الاودية والشعاب برائحتها العطرية المنتشرة والتي تطغى على ماسواها فتميز تلك الساحات برائحتها المتضوعة تلك الزهرات هي التي تجد فيها أسراب النحل ضالتها وتصنع منها اشهى انواع العسل وعندما تنتقل من وصف ازهار السدر تستوقفنا اوراقه الخضراء التي أخذ منها الانسان مادة صابونية فيما يعرف بالغسل وهو مازال يستخدم حتى يومنا هذا .. ناهيك عن أن الاوراق مصدر غذاء للاغنام .. وتكاد مادة غذاء الحيوان الوحيدة التي يلجأ الانسان الى خزنها من موسم لآخر لقابلية تلك الاوراق للخزن بعد أن يتم استخلاصها من الفروع .أما الفروع الشوكية .. فيتم الاستفادة منها في وقاية المزروعات باعتبارها سياجات أو مزاريب يعتمد عليها اضافة الى .. الحطب المستمد من كل أجزاء الشجرة.في حين أن الفوائد العلاجية كثيرة ويعرفها أطباء الاعشاب الذي يصفون أجزاء الشجرة في وصفاتهم الشعبية . كما هو الامر في الاجزاء الداخلية ( للنبق أو الدوم) التي توصف لمرضى السكر .. وإن كنا قد اغفلنا اهمية (الدوم او النبغ) كمادة غذائية غنية بفوائدها .مما سلف نستشف كم هي فوائد شجرة السدر ومجالات استخداماتها ..لذلك هي من الشجر المقدسة عند بعض الديانات والمذاهب كما أن المولى غشاها برحمته مما جعلها من الاشجار المباركة..وهي كذلك عند معشر اليمانيين منذ القدم مظهرها الخلاب في ثنايا ارضنا السعيدة ..وفيرة الخير والعطاء .