صنعاء/ إستطلاع / ذكرى النقيبثمة وهج للحقيقة والتجربة والالم التي يجب ان نقف امامها لحظة ونتأملها لحظات لنبحث لها عن آلية ومخرج لنتجاوزها قد تكون هذه هي القصة التي سنتحدث عنها في سطورنا اللاحقة عن احدى عزل مديرية ارحب بمحافظة صنعاء ،، ووضع المرأة فيها - فهناك قصة لامرأة عظيمة شامخة مناضلة في سبيل البقاء منتظرة الغد الافضل الذي لم يأتها بعد رغم طول انتظارها وصبرها تبتسم بمرارة وبحذر شديد لعلها اخطأت تنظر لمن يكتب بانه امتلك البطولة بالرغم من انه شيء عادي لكنها تمجده وتحلم بان تكون ابنتها القادمة مثلها تستسلم لآراء الرجال لانها لاتملك ماتقوله لهم ولايوجد لديها وعي بل يحكمها الفقر ويحكم زوجها واسرتها تحب التعلم ..!!14 اكتوبر تقدم تفاصيل الرحلة في عزلة عيال بدأت الرحلة مع بداية اشتداد حرارة الظهيرة فهي رحلة عمل نتلمس من خلالها وضع المرأة في منطقة لاتبعد عن العاصمة كثيراً ، منطقة تخيلتها خضراء يانعة تزينها عناقيد الكروم تتمتع الى حدما ببعض خدمات البنية التحتية التي وجدناها في بعض المديريات النائية في اطراف محافظات اخرى تبعد عن العاصمة كثيراً..[c1]لا غرابة[/c]انطلقت وشعور بالغرابة يلاحقني وخوف لم اجد له مبرراً دخلنا المنطقة كنت ابحث بنظراتي عن اشجار عملاقة رسمتها مخيلتي قبل الوصول الى المنطقة لكني لم اجدها ووجدت بدلا عنها صخوراً كثيرة فالمنطقة صخرية لكنها غير مرتفعة وجميلة للغاية حتى لوكانت غير خضراء مررنا بجوار سور قديم مبني بطريقة محكمة وكأنه منزل حينها طلب مني السائق التقاط صورة له لانه يجسد حضارة انسان كان يعيش هنا منذ الازل واراد ان يحمي نفسه بهذا السور، لم اتحمس كثيراً لعناد كان يراودني لاني كنت ابحث عن الخضرة فجميعهم قد اكدوا لي من سابق ان المنطقة زراعية اذاً اين الخضرة ؟ ولكن فعلت استقبلنا المسؤول المالي لجمعية بيت الشامي بسيارته قبل ان نصل قرية ابن حاتم بحوالي 25 دقيقة ليعرفنا على بعض القرى التي سنمر منها واولها قرية الخضراء التي تذمر الجميع عندما سمعوا تسميتها دون ان تعبر على الاطلاق على واقعها ولكنها قرية الخضراء التي لايوجد فيها شيء اخضر الافيما ندر مررنا بجوار بركة قديمة يستفيد من مائها جميع سكان القرية ومن جاورها بركة مكشوفة ماؤها اخضر يعلوه التلوث بكل مايجمع من اتربة وحشائش و ( قراطيس) ... الخوهناك وجدنا نساء يجلبن الماء ويحملنه على رؤوسهن القينا التحية عليهن واستاذنا لالتقاط صورة للبركة وسألناهن بعض الاسئلة التي اكدت اجابتها بان هذا الماء يستخدم للشرب والطهي والغسل وهو يكفي القرية لمدة لاتتجاوز الشهرين ولايوجد مصدر آخر في المنطقة وعندما ينضب يتجه الكل لجلب الماء من مناطق بعيدة على الرؤوس او على ظهور الحمير فكل الاهتمامات تنصب على توفير الماء فهو المشكلة الاولى في هذه العزلة انطلقنا والالم يمزقنا فلاماء ولاوعي ولا امكانيات فالتعابير كلها واحدة الفقر دمرنا فطبيعة المنظر جعلتنا نتأمل هذه المعاناة بتأملات انسان اراد للآخرين الحياة بأمان وتوفير ابسط مقومات الحياة فالحاجة للماء النظيف ليس ترفاً ولكنها ضرورة ملحة من ضرورات الحياة عبرنا الطريق وتأملنا مجموعة من القرى التي كان الاخ بندر يمسميها لنا وهي ليست كثيرة حوالي سبع قرى ( هادم، الزيلة، الرجوى، ابن صيفان، الخضراء، ابن حاتم ) التي يزيد سكانها عن تسعة آلاف نسمة ..[c1]جمعية بيت الشامي[/c]وصلنا مقر جمعية بيت الشامي في قرية ابن حاتم عند الساعة الواحدة وعشرين دقيقة تقريباً وكان في استقبالنا الاخ حسين الشامي رئيس الجمعية وعائلته الكريمة التي استقبلتنا بحفاوة بالغة مكرمة ايانابكل ماجادت بها نفسها الكريمة فلم نكد ندخل ديوان الجمعية حتى وجدنا سفرة الغداء عامرة بكل مالذ وطاب اخجلنا ذلك الكرم الحاتمي فلا غرابة فنحن في قرية ابن حاتم ..تناولنا وجبة الغداء الدسمة وتجولنا في مقر الجمعية برفقة رئيسة مركز محو الامية الاستاذة عفاف الامينة العامة للجمعية التقطنا مجموعة من الصور لمعمل الخياطة وفصول محو الامية والادارة وسكن المدرسات فهذه الجمعية تقدم خدماتها لنساء المنطقة في مجالات عدة خصوصاً محو الامية فالامية منتشرة بشكل كبير يضاف اليه الخياطة والاشغال اليدوية والتدبير المنزلي والقاء المحاضرات التوعوية لنساء المنطقة في مجالات عدة فصول محو الامية غرف صغيرة في حوش الجمعية عددها اربعة فصول احدها بدون سقف يغطى ( بطربال) اثناء الدراسة وهي غرف بدائية عادية ولكنها تلبي الغرض والمستفيدات منها كثيرات تجاوز عددهن المائتي دارسة في تمام الثالثة عصراً خرجنا من مقر الجمعية الى احد بيوت اهالي المنطقة وكان في استقبالنا كثيرات .وجوه تتأمل القادم بشجن وتريد ان تعرف سبب زيارته جلست أتأمل الوجوه واتساءل في حزن كيف تنظر المرأة للغد هنا ما الذي تريده امسكت القلم لأسجل بعض الملاحظات ووجدت فضول الجميع يلاحقني بدأت زميلاتي يتحدثن عن هدف الزيارة ولماذا نحن هنا اما انا فلم انطق بكلمة كان دوري الكتابة فقط والتأمل بعين الصحفية والانسانة..سألت زميلاتي الحاضرات اسئلة كثيرة اما انا فلم اكن اريد ان اسأل اي سؤال لان الاجابة موجودة تسطرها وجوه هؤلاء وتحكيها قصص وروايات تأملات وملامح الفقر والعناء المرسومة بخطوط على الوجوه والانامل واللبس ورائحة المكان ومنظر الارض ..فقصور الوعي يصاحبه عدم تعلم الفتاة هنا إلا الى الصف الخامس اوالسادس اساسي في احسن الاحوال بحجة عدم وجود مدرسة للبنات ، وعدم الاهتمام بالنظافة وغياب الوعي الصحي وندرة الماء وعدم توفر مركز صحي فاقرب مركز صحي للمنطقة يبعد حوالي ساعة وربع على متن سيارة فما بالنا اذا كان مشياً على الاقدام حتى تحصين الاطفال لايتم لبعض الاسر الفقيرة باستثناء نزول بعض الحملات الى المنطقة فكيف اطالب بالنظافة اذا كان الماء غير موجود والخدمات غير متوفرة فكذلك الحال بالنسبة لمراكز التسوق فهي بعيدة فدبة الغاز مثلا تصل باكثر من ( 650) ريال وشجن المرأة هنا لتخفيف اعبائها المالية تتمثل في جلب الحطب من مناطق بعيدة او ان تصنع لها حطبا من روث الحيوانات فهي تخبزه ليجف تحت اشعة الشمس ومن ثم تعود لتوقد به وتصنع طعاماً بناره، غير مبالية بالامراض وخطورة مايسببه هذا الدخان أو هذه العملية ( أنها الحياة) ولا غرابة ايضاً عن اجابتهن على سؤال زميلتي عند وضع المرأة هناك ( حيث قالت : فكيف حال المرأة هنا؟ فكانت الاجابات المرأة هي المرأة ) الرؤية غير واضحة وهذا ماجسدته احدى الدارسات في فصول محو الامية عندما سألناها لماذا تتعلمين؟اجابت للمستقبل وماهو هذا المستقبل؟ ولماذا لايكون للحاضر؟فصممتت اعرف ان الاجابة كانت موجودة عندها لكنها لم تتمكن من التعبير عنها وهذا هو حال المرأة في بلادنا حتى المتعلمة منها فالتنشئة هي من وضعتها في هذا المجال لا احد يسألها رأيها ولايترك لها مجالاً للتعبير عن نفسها وماتريده والعواقب تكون وخيمة لامحالة اما فشل في الحياة واما صعوبة في تربية نشىء وغيره الكثير.الجميع اكد ان النساء تقوم بالمشاركة السياسية في هذه المنطقة ورأيها من رأي زوجها واسرتها حيث تقول الامين العام للجمعية ان المرأة تهمش هنا من كل القرارات الاسرية والمجتمعية وربما تسير تسيير واحياناً او غالباً مايكون هذا التسيير خاطئ . [c1]مالذي نريده !؟ [/c]اتفق الجميع ان المعاناة كبيرة فالرجال يعملون خارج المنطقة ولا يستطيعون تأمين كل متطلبات الحياة الآمنة ولهذا تقوم النساء بتربية الماعز والاغنام للمساعدة في توفير القوت الضروري للاسرة فالاكل عبارة عن خبز وشاهى او مطيط وهي حالة لكثير من الاسر اليمنية الفتاة تلبس الحجاب ( البرقع) من وقت خروجها للرعي وهي في سن صغيرة وهو تقليد للكبار وتفخر فيه وعمرها لايتجاوز الثامنة ولا حد يرى وجهها حتى في مجالس النساء لاتكشف عن وجهها الابعد ان تتزوج وهنا تنتشر ظاهرة الزواج المبكر ويقل الطلاق وتعدد الزوجات يقابله انجاب متكرر للمرأة لانها لاتستخدم وسائل تنظيم الاسرة هي تريدها ولكن لفقرها ولعدم وجود مركز صحي في المنطقة فهي لاتجدها وتعتبرها حلم بعيد المنال وتموت في الطريق وهي تتألم من آلام الولادة..الكل يملك الراديو ولكن لايشاهد التلفاز لان الكهرباء غير موجودة .. الكل يعاني من الفقر والفاقة والحرمان ومن ضعف خدمات البنية التحتية في كل المجالات فما الذي يعنيه منظر ذلك السد الذي البنيه الدولة في موقع لم يكن اختياره موفق بالاضافة الى خطأ في البناء فلم يصمد كثيراً بل تهدم من اول مرة دخل الماء فيه من المسؤول عن هذا؟ وحديث ابناء المنطقة عنه يوحي بشئ من الحسرة والندم والالم والى متى سيستمر مثل هذا الوضع؟وتستمر الفتاة هناك راعية اغنام من الفجر وحتى مغيب الشمس لاتعرف شيئاً ولاتعي في امور حياتها الا القليل حتى صلاتها لاتؤديها بالشكل الصحيح فقد سألت نفسي متى تصلى هذه الفتاة ؟ كم هي قاسية هذه الحياة وهذه التربية الحال لايزال مظلم واكثر من اربعين عاماً هو عمر الثورة اليمنية ولم تصل خدماتها ووعيها لهذه المرأة وهذه الفتاة..قبل ان نودع هؤلاء النسوة سألنا اين تحبون ان تجدوا خدمات الدولة في هذه الفترة ماهي اولوياتكم فكانت جميع الاجابات واحدة بتوفير المياه ومن بعدها مدرسة للبنات فلامانع إذا كان المعلم فيها ذكراً المهم مدرسة للبنات تكمل فيها تعليمها الثانوي ومن بعدها الكهرباء والمركز الصحي وهي خدمات ليست محرمة بل هي حقاً لهؤلاء البشر حقاً لتأمين حياة كريمة ومظهراً لائق وتوفير عمل او تعلم حرفة او صنعة لزيادة دخل الاسرة فالكل يحلم بعمل ودخل ويحلم بان يودع الثلاثة عشرة الف ريال التي يدفعها كل شهر قيمة كل وايت ماء اشتراه ايام الشتاء ( او الترف نزف الماء وندرته كما يقال ) الكل يقول نحن لسنا بعيدين عن العاصمة فلماذا هذا الحرمان؟ استاذنا بالانصراف وقبل الخروج ارتفعت الاصوات بعبارة واحدة ( الله الله الماء الماء لاتنسونا اذكرونا بالماء ) تأملت الوجوه وتعابيرها ودعت الجميع على امل العودة ومرة اخرى وفي طريق عودتنا الى العاصمة المنظر يكرر نفسه في كل قرية راعية اغنام ترعى في الصخر لاتوجد حتى حشائش ما الذي تأكله هذه الحيوانات لا ادري وامرأة تجلب الماء على رأسها وفوق حمارها الفرق شاسع في ريف هذه العزلة وارياف بعض المناطق التي نعرفها .. دلفنا الى العاصمة وكرم هؤلاء البشر يشعرنا بنوع من الارتياح والطمأنينة فالانسان اليمني عظيم وكريم رغم فقره وظروف معيشته الا انه رؤوف بضيوفه محب لهم عدت الى منزلي واصوات النساء في مخيلتي ( الله الله الماء الماء لاتنسونا اذكرونا بالماء ) فبيد من يكون الحل وهو ليس عسيراً ، سؤال ادع حله للحكومة اليمنية .
|
ومجتمع
المرأة في أرحب تعاني الحرمان وتأمل في الغد ..
أخبار متعلقة