طرائف عربية
[c1]لعنة قديمة[/c]كان أحمد بن طولون أول من استقل بحكم مصر عن الدولة العباسية، شديد الغضب، سفاكا للدماء، سلطانه ملاذه، وجبروته هو السيف المعلق على رؤوس العباد، إذا قدر لم يعف حتى قيل انه مات في حبسه ثمانية عشر ألف إنسان، وكان في مدينة عين شمس تمثال من الرخام الأبيض الشاهق بطول رجل واقف معتدل القامة، محكم الصناعة، فإذا تأملته حسبته حيا يكاد ينطق، فقصد الأمير أحمد أن ينظر إليه، فنهاه بعض حكام مصر أن ينظر إلىه، وقالوا له: "أيها الأمير لا تنظر إلى هذا الصنم، فما نظر إليه أحد من الولاة الذين حكموا مصر إلا عُزل في عامه".فلم يعبأ بهذا الكلام فركب وتوجه إليه ورآه، ثم إنه أمر بقطعه فقطع، ولم يبق له أثر. فلما رجع حمّ من يومه (أي أصابته الحمى) ولزم الفراش، فبقي في المرض نحو عشرة أشهر، واستمر كذلك حتى مات.[c1]صوت القرآن عذاب للظالمين[/c]قال بعض الثقاة: كنت أرى شيخا من أهل العلم، يقرأ على قبر الأمير أحمد بن طولون في كل يوم، ثم رأيته بعد ذلك قد ترك القراءة على قبره، فسألته عن ذلك فقال لي: (كان للأمير أحمد علي من البر والإحسان ما لا أستطيع وصفه، فأحببت أن أواسيه بشيء من القرآن بعد موته، إلا أنني بعد أن قرأت رأيته يأتيني في المنام متضرعا: "يا فلان بالله توقف عن القراءة على قبري، فلا تمر بي آية من القرآن إلا قيل لي: أما سمعت هذه الآية في دار الدنيا، فهل كنت تعمل بها؟ وما رأيت أشد على ملوك الدنيا من الحجاب، في كتمهم لحوائج المظلومين عن الملوك".[c1]هاتف المغيب[/c]قال محمد بن حسين الصالحي: كنا حول سرير المعتضد بالله ذات يوم نصف النهار، فنام بعد أن أكل، فانتبه منزعجا وقال: يا خدم. أعينوني والحقوا بالشط بأول ملاح ترونه منحدرا من سفينة فارغة فاقبضوا عليه وآتوني به، ووكلوا بالسفينة من يحفظها وعندما حضر الملاح سأله: أصدقني يا ملعون ما حكايتك مع المرأة التي قتلتها اليوم، وإلا ضربت عنقك؟.قال الملاح وقد زلزله الاكتشاف: يا مولاي كنت أسير بمركب في النهر فنزلت إلي امرأة لم أر مثلها عليها ثياب وجواهر وحلي فاحتلت عليها وأغرقتها ونهبت ما عليها. صاح المعتضد في وجهه: وأين متاع المرأة. فأجابه: هو في المركب. فأمر الخليفة بإحضاره وأمر بإغراق الملاح، ثم أمر أن ينادى في بغداد من خرجت له امرأة وعليها ثياب فاخرة، وحلي فليحضر. فحضر أهلها في اليوم التالي وتسلموا متاعها.فقلت: يا مولاي من أعلمك؟، أو أوحى إليك بهذه الحالة؟ وأمر هذه الصبية؟ فقال: بل رأيت في منامي رجلا شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادي يا أحمد أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه وقرره عن المرأة التي قتلها ظلما، وسلبها ثيابها، وأقم عليه الحد ولا تظلم، فكان ما شاهدتم.[c1]أجر المظالم[/c]صلب الحجاج ـ وكان طاغية لم يشهد الزمان مثله ـ رجلا طيبا، فقال ذلك الطيب: يا رب إن حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين. فنام الرجل تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت وكأنه قد أطل على الجنة من بعيد، وإذا مناد ينادي: حلمك يا رب على الظالمين وضع المظلومين في أعلى عليين.[c1]يوم الأذان[/c]نادى رجل سليمان بن عبدالملك وهو على المنبر: يا سليمان اذكر يوم الأذان: فلما نزل سليمان دعا الرجل، فقال: ما يوم الأذان هذا ؟ فقال: قال الله تعالى: فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين.[c1]بؤس الأيام ونعيمها[/c]حبس الحجاج رجلا مظلوما في حبسه فكتب إليه رقعة فيها، قد مضى على بؤسنا أيام، ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة، وكتب في آخرها:[c1]يستقطع التلذذ عن أناس***أداموه وينقطع النعيمإلى ديان يـــــوم الدين***وعندالله تجتمع الخصوم [/c]