الأستاذ الدكتور أحمد العنسي مدير عام مستشفى الثورة :
[c1]* الرقود في العناية المركزة .. حينما يترقب الطبيب وفاة المريض ! [/c] تحقيق / نشوان محمد العطابأصيبت جدته “أم أبيه” فجأة بنوبة قلبية حادة ، ولأنه طبيب عام الدكتور وليد أنها تحتاج فوراً لعناية وعلاج خاص ومراقبة للحالة في كل لحظة ، سارع بجدته إلى المستشفى ولكن كان الوقت ليلاً ولا يوجد سرير شاغر في جميع غرف العناية المركزة بالمستشفى ، استخدم الدكتور وليد وساطته دون جدوى ، قيل له: “انتظر مؤقتاً حتى يخلو سرير فهناك مريض مؤهل بأن يموت قريباً”.. انتظر طويلا وهو يترقب بفارغ الصبر ، متى يموت المريض كي يجد سريراً لجدته؟ وفي النهاية انتهى الانتظار بوفاة جدته متأثرة بالنوبة القلبية.تحتوي كثير من المستشفيات سواء العامة أو الخاصة على غرف عناية مركزة لكن في الغالب لا يتجاوز عدد الأسرة 20 سريراً ، وبغض النظر عن كونها مؤهلة ماديا وبشريا لاستيعاب مرضى في وضع خطر ، يظل مستشفى الثورة العام بصنعاء الجهة الأكثر استيعابا من حيث عدد الأسرة ، هناك محاولة من خلال هذا التحقيق التعرف على أهم مشاكل غرف العناية المركزة.[c1]غرفة العناية المركزة[/c]وحدات العناية المركزة هي أقسام هامة في المستشفيات ، تحتوي على معدات خاصة وأجهزة مراقبة دقيقة ، وذلك لعلاج ومتابعة المرضى المصابين بأمراض أو إصابات خطيرة.. وليطلق عليها عناية يجب أن تتكون من فريق طبي متكامل مدرب تدريبا عاليا ، برئاسة طبيب متخصص في الطب الحرج ، إضافة إلى ممرضين وطبيب للعلاج الطبيعي ، واختصاصي في المعالجة التنفسية ، واختصاصي تخدير وتغذية ، وكل هؤلاء يجب أن يراقبوا حالة المريض لحظة بلحظة.[c1]السرير الشاغر مستحيل[/c]يقول الدكتور شدوان إسماعيل الفقية “طبيب في عناية القلب بالمستشفى الثورة العام بصنعاء” “في الحقيقة عدد الأسرّة في العناية لا يكفي إطلاقا لعدد المرضى ونضطر في كثير من الأحيان وضع سرير أو اثنين إضافيين ، والسبب أن العبء كبير جدا ، وقد يحول يوميا بسبب الازدحام 3 - 4 حالات تحتاج إلى عناية مركزة”.الأستاذ الدكتور أحمد العنسي “مدير عام هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء” يوضح أنه بالرغم من التكاليف الباهظة فإن عدد غرف العناية المركزة بالمستشفى يبلغ حاليا 9 غرف بما يقارب غرفة لكل تخصص تستوعب 80 سريرا مجهزا.. وأرجع العنسي استحالة إيجاد السرير الشاغر في جميع العنايات ، إلى الازدحام والضغط الشديد بسبب تحسن الخدمة الذي أدى لأن يصبح المستشفى هدفا للتحويل من جميع محافظات الجمهورية وحتى من المستشفيات الخاصة الكبرى ، وأضاف أنه في اليوم الواحد يستقبل المستشفى 12-15 حالة تحتاج لعناية مركزة في مختلف التخصصات ، بغض النظر عن بعض الحوادث المرورية التي قد يحتاج فيها عدد كبير من المصابين للعناية المركزة في لحظة واحدة”.[c1]تكاليف باهظة[/c]تحتاج غرفة العناية المركزة إلى تكاليف مادية وبشرية كبيرة ، يقول الدكتور العنسي ، “ يكلف السرير الواحد ما بين 700 - 1000 دولار في اليوم الواحد ، حيث يحتاج إلى أربع ممرضات مؤهلات للتناوب ، كما يحتاج إلى كوادر مؤهلة تأهيلا عاليا وإلى طبيب اختصاصي طب حرج ، بالإضافة إلى تكاليف الأدوية والفحوصات التي تجرى للمريض مجانا داخل العناية المركزة وهي غالبا من الأدوية الباهظة الثمن”.[c1]وحدة خاصة كادرها محلي[/c]من أهم المشاكل التي تواجهها أي عناية مركزة في اليمن ، يقول الدكتور أحمد العنسي ، الإفتقار إلى أطباء متخصصين في الطب الحرج ، بالإضافة إلى ندرة كوادر التمريض القادرة على العمل في العناية المركزة ، وأضاف “لهذا السبب اضطر المستشفى إلى استقدام أطباء طب حرج من مصر ، قاموا منذ أكثر من سنتين بعمل برنامج تدريبي لجميع الكوادر اليمنية بالعناية المركزة ، وبالفعل استطاع المستشفى تأهيل كادر محلي مؤهل تأهيلا جيداً ، واستطاع تكوين وحدة خاصة بالعناية المركزة هي الأولى من نوعها باليمن من كوادر محلية مؤهلة في الداخل والخارج ، أدت إلى الارتقاء بالخدمات في العناية المركزة بالمستشفى”.[c1]دراسة مقارنة[/c]تقاس نسبة النجاح في غرفة العناية المركزة بنسبة المرضى الذين يتعافون تماما أو يخرجون متحسنين ، وبحسب الدكتور عماد الشافعي اختصاصي الطب الحرج ، رئيس فريق عناية الطوارئ بمستشفى الثورة بصنعاء ، فإن نسبة 78 % المائة من المرضى يتعافون ويخرجون من العناية المركزة متحسنين ، ولا تقل هذه النسبة عن أي عناية في أي مكان في العالم ، حيث أثبتت دراسة أجريت للمقارنة بين العنايات المركزة بالمستشفى والعنايات المركزة بمدينة الحسين الطبية الأردنية ، تشابه نسب الشفاء في المكانين.[c1]ما يفترض أن يكون [/c]يكلف مستشفى الثورة العام بصنعاء أكثر من طاقته ، والحل بنظر الدكتور مدير عام المستشفى ، في إيجاد الكادر المحلي المؤهل ، ثم توزيعه على عموم مستشفيات الجمهورية وفتح عنايات مركزة حقيقية في مراكز المحافظات ، الأمر الذي سيخفف كثيراً من نسبة الوفيات كما حصل في مستشفى الثورة حيث انخفضت نسبة الوفيات حوالي 30 % بعد استقدام الاختصاصيين واستحداث وحدة العناية المركزة.