غضون
* يبدو أن الحملة الأمنية في جعار التي أشرف عليها وزير الدفاع للقبض على عشرات الأشخاص المطلوبين أمنياً كانت حينها مقصودة لاستعادة المدينة التي أوشك الإرهابيون على السيطرة عليها بعد أن دمروا منشآت حكومية وخاصة وقتلوا مواطنين وجنوداً.. تلك الفوضى التي سادت في جعار قبل تنفيذ الحملة أواخر شهر مارس ومطلع شهر ابريل هذا العام يظهر الآن انها ستعود لتشمل أكثر من مديرية في أبين والسبب في ذلك أن الحملة توقفت بمجرد إلقاء القبض على نحو أربعين مطلوباً وفي الوقت نفسه لم تترك قوات أمنية بعدد كاف للمحافظة على مكاسب تلك الحملة، وإلى جانب ذلك طرأت عوامل جديدة في أبين خلال الشهور الستة الأخيرة، فوجود طارق الفضلي هناك ساعد على تمكين العناصر المتطرفة من إعادة تجميع وتنظيم نفسها واستعادة الأمل في السيطرة على مديريات بعينها وإقامة مشروعها الخاص فيها.. إمارة إسلامية طبعاً.. وقد لوحظ مؤخراً أن المتطرفين يحرصون على أخراج زملائهم الموجودين في السجون والذين لديهم خبرات متراكمة في مجال ممارسة العنف المطلوب لغرض ذلك المشروع.قبل يومين هاجموا سجناً وقتلوا جندياً، وقامت مجموعة أخرى بعملية هجوم مسلح واختطفت وكيل المحافظة ثم اطلقت سراحه بعد إيذائه واخذ سيارته، وهذا التصعيد الخطير له ما بعده إذا لم تتنبه السلطات المحلية وأجهزة الأمن هناك لضرورة توفير الضمانات اللازمة لغرض الأمن أولاً ثم الانتقال إلى عملية ملاحقة المسلحين وكل المطلوبين أمنياً أينما وجدوا، لأن بقاءهم أحراراً يعني استمرار تعرض أمن المواطنين ومصالحهم للتهديد وعدم الاستقرار، وقد وفرت التجربة الماضية حقيقة مفادها أن التخلف والمصاعب التي تعيق التنمية في أبين تعود نصف أسبابها إلى غياب الأمن والاستقرار، فخلال فترة طويلة ومحافظة أبين تشهد موجات من العنف وتمركز الجماعات المتطرفة في مناطق متفرقة منها، ولاحظوا أنها في السابق كانت تعمل وتتحرك في مناطق نائية وجبلية بينما في الفترات الأخيرة يعمل معظم أفرادها في المدن والمناطق المحيطة بها، حتى وصل الأمر إلى مهاجمة منشآت عامة في وضح النهار، بل تعدى ذلك إلى اختطاف مسئول كبير في السلطة المحلية وقبل ذلك هاجمت منزل المحافظ وحاولت اغتيال المسئول الأول عن جهاز الأمن السياسي في لحج وعدن وأبين، وكانت زنجبار هي الساحة التي حاولوا فيها تنفيذ عملية الاغتيال.إن الدولة ليست مسئولة عن تأمين المحافظة وتحريرها من عوامل التهديد والخوف المستمرين فحسب، بل ايضاً عليها أن تقوم بذلك لإماتة الشائعات التي تردد كثيراً حول مهادنة الدولة للجماعات المتطرفة أو تغاضيها عن سلوكها، وهي ايضاً مطالبة بذلك لمنع تنظيم القاعدة من التمكين في أبين، فأن يقال إن تنظيم القاعدة يستفيد من العوامل الجغرافية والقبلية المعقدة في مناطق محددة بمأرب والجوف وشبوة وبالتالي يصعب القضاء عليه في الوقت الحالي فأن ذلك القول فيه قدر كبير من الصواب، لكن عندما يتعلق الأمر بأبين فلا مجال لمثل هذا القول أو التبرير!