(أحد المتمردين يحمل قاذفة صواريخ خارج مقديشو)
مقديشو/14 أكتوبر/عبدي شيخ وتيم هيفر: جالسا على حصيرة في منزله بين تلقي طلبات الأسلحة على هاتفيه المحمولين يرجع عثمان بري الفضل في المكاسب الكبيرة التي يحققها إلى حرب الصومال.وأوضح بري (40 عاما) وهو واحد من نحو 400 صومالي يعملون في سوق الأسلحة الرئيسي بمقديشو “أنا اعمل في تجارة السلاح منذ خمسة أعوام فقط لكنني بنيت ثلاث فلل. كما فتحت متاجر لزوجتي الاثنتين.”، وأضاف “السلام يعني الإفلاس بالنسبة لنا.”وعلى الرغم من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على دخول الأسلحة للصومال تزخر البلاد الواقعة بمنطقة القرن الإفريقي بالأسلحة من جميع أنحاء العالم والتي غذت واحدا من أطول الصراعات بأفريقيا.وفي احدث حلقة من الحرب الأهلية قاتل متشددون الحكومة الصومالية على مدار العامين الأخيرين مما أسفر عن مقتل 18 ألف مدني.ويقول خبراء انه يتم الاستيلاء على الأسلحة وبيعها وتداولها بشكل مستمر بين الجانبين. وجاء الكثير من الأسلحة من الجنود الإثيوبيين الذين تدخلوا في الصومال بين 2006 وأوائل 2009.وكانت اتهامات قد وجهت لجنود قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بتهريب الأسلحة وتقول هيئات إقليمية أن اريتريا وغيرها يمدون المتمردين بالأسلحة.ويقال أن الأسلحة أيضا تدخل عبر الحدود التي لا تخضع لسيطرة محكمة مع كينيا وجيبوتي وإثيوبيا وتصل بالطائرات ومن خلال البحار التي تعج بالقراصنة المدججين هم أنفسهم بالسلاح.وسوق الأسلحة في مقديشو ما هو إلا جزء واحد من سوق عالمي غير قانوني للأسلحة.وتقول منظمة مسح الأسلحة الصغيرة ومقرها جنيف أن هناك 640 مليون سلاح ناري في العالم على الأقل أي سلاح لكل عشرة أشخاص على وجه البسيطة.وثلث هذا الكم فقط في أيدي الجيوش أو الأجهزة الأمنية أما الباقي فموزع بين الميليشيات غير الحكومية أو السكان.ويقول تجار مثل بري أن سوق ايرتوجتي الرئيسي في منطقة البكارة التجارية بمقديشو بها اكبر مخزون على الإطلاق وان الأموال تتدفق على تجار السلاح.غير أن المجازفة بالتعرض للسطو أو الغش كبيرة كما تتأرجح الأسعار بشكل كبير. وهي في أدنى مستوياتها الآن بسبب وفرة الأسلحة، ويقول بري “الشيء الجيد أن بضاعتنا لا تفنى... نحصل على الكثير من الأموال لكننا دائما في رعب.”ويقول تجار أن من الممكن أن يتم اعتقالهم أو حتى ذبحهم من قبل الاسلاميين إذا أمسكوا بهم خارج السوق.وأشار بري “لكن داخل سوقنا نحن ديوك. هناك المئات من تجار التجزئة والجملة وكل منهم له أربعة حراس مسلحين جيدا.”وروى أنه ذات مرة حمله متشددون ملثمون وعصبوا عينيه ونقلوه إلى موقع مشهور لتنفيذ أحكام الإعدام حين وجدوه يحمل بندقية أم 16 أمريكية طلبها قرصان. وبينما كانوا يضربونه بعقب بندقية جاء صديق له اتصالات جيدة مع حركة الشباب المتمردة وأنقذه.وذكر بري “الحكومة أفضل من المتشددين فهم لا يقتلون الناس. يأخذون ممتلكاتنا ويسجنوننا لبضعة أيام فقط.”وذكر تجار أنه في حين يأتي الإسلاميون إلى السوق للشراء يتم توصيل الأسلحة للحكومة والمشترين الآخرين.وأفاد بري “نفكك الأسلحة ثم نأخذها سرا إلى أي أحد يريد الشراء.”وأضاف التجار انه باستثناء المسدسات من (...) وبنادق الكلاشنيكوف من كوريا الشمالية والقنابل اليدوية من إمدادات الحكومة فان معظم الأسلحة مستعملة.ومن بين ارخص الأسلحة بندقية كلاشنيكوف هندية يبلغ سعر الواحدة منها 140 دولارا لكن المقاتلين ينتقدون رداءة نوعيتها مقارنة بالبندقية نفسها التي تنتجها كوريا الشمالية وهي مقاومة للحرارة وسعرها 600 دولار والروسية الخفيفة التي يبلغ سعرها (400 دولار). وعلى رأس الأسلحة الخفيفة يبلغ سعر أغلى مسدس وهو روسي الصنع ألف دولار، وتباع القنبلة اليدوية مقابل 25 دولارا واللغم مقابل 100 دولار، وليس هناك نقص في مصادر تلك الأسلحة.وأظهر تقرير للكونجرس الأمريكي عام 2006 أن نحو 70 دولة تنتج أسلحة صغيرة وخفيفة.ويشير مراقبون لصناعة الأسلحة إلى أن معظم الأسلحة تصنع بشكل قانوني في مصانع كبيرة نسبيا لكن الكثير منها يتم تحويله من وجهاته المزمع نقله إليها باستخدام أوراق مزيفة، وفي مقديشو ليس تجار السلاح هم المستفيدون الوحيدون من الحرب.فمقابل 15 دولارا عن كل قبر يحفره يجني علي عثمان العامل بالمقابر المال في كل مرة ترتفع فيها حصيلة القتلى.وقال عثمان وهو يدفن رضيعا “أحيانا احفر نحو 20 قبرا وأمكث هنا حتى المساء.”ويشير مصرفيون صوماليون إلى أنه كلما اشتد القتال كلما زادت تحويلات الأموال بالبرق.ونوه مصرفي “الشهر الماضي كان جيدا جدا بالنسبة لنا” مشيرا إلى تأجج القتال في مقديشو.وتفيد تجارة الحرب أيضا باعة الألواح الحديدية حيث أنها أرخص من الخشب لصناعة النعوش، كما يتمتع تجار الأقمشة بتجارة أكفان نشطة.وأوضح محمد عبدي وهو صاحب متجر “يتم شراء لفات من هذه الخامة حين يموت الناس مثل الذباب... لكنني لا أستطيع أن أقول إنني سعيد بالموت لكن هذا حال الطبيعة.”